القائمة الرئيسية

الصفحات

بعض الإشكالات العملية المتعلقة بجرائم الشيك المنصوص عليها في المادة 316 من مدونة التجارة


نشأ الشيك بنشأة النظام البنكي ويخضع للقواعد القانونية التي تنظم الأوراق التجارية داخليا ودوليا وعلى الخصوص اتفاقية جنيف للقانون الموحد ,فهي تدرجه ضمن الأوراق التجارية بالرغم من تميزه عنها بذاتيته وبتنظيمه الخاصين ,هذه الاتفاقية التي تركت أمر تنظيم إشكالات المؤونة والعقاب على جرائم الشيك للقانون الداخلي للدول لكي يأتي ملائما ومتجانسا مع الحماية التي يقتضيها التعامل بالشيك في كل دولة.
إن الوظيفة الحقيقية للشيك كوسيلة أداء فوري وليس للائتمان جعلته ينفرد وحده - دون باقي الأوراق التجارية – بنظام زجري جنائي لحماية ولضمان مصداقية التعامل به كأداة للوفاء تقوم مقام النقود .
فمخاطر سوء استعمال الشيك كورقة مالية تؤثر على مصداقية المعاملات في المجال التجاري والاقتصادي , إذ يترتب على عدم وجود مؤونة أو عدم كفايتها يوم تقديمه للوفاء عواقب وخيمة بالنسبة للمتعاملين به , وما ينشأ على ذلك من انعكاسات سلبية على المعاملات والاقتصاد الوطني ,لأجل ذلك كان لابد أن يخضع المخلون بالالتزامات الناتجة عنه لعقوبات بدنية ومالية .

ولا ينازع أو يشكك احد في كون الجزاءات الزجرية الواردة في مدونة التجارة (المواد من 316 إلى 319 ) تشكل ضمانة مهمة لحماية حامل الشيك وضمان الثقة فيه , وهي بذلك تستهدف تطهيرا حقيقيا للعراقيل التي تقف حاجزا أمام فعاليته في التداول (1) .
ولقد أوردت المادة 316 من مدونة التجارة ستة بنود خصصتها لتعداد حصري لجرائم معاقب عليها جنائيا بعقوبة تم النص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة والتي جاء فيها :
"يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 2.000 و10.000 درهم , دون أن تقل قيمتها عن خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الشيك أو من الخصاص :
1-    ساحب الشيك الذي اغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه ؛
2-    ساحب الشيك المعترض بصفة غير صحيحة لدى المسحوب عليه؛
3-    من زيف أو زور شيكا ؛
4-    من قام عن علم بقبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو بتظهيره أو ضمانة ضمانا احتياطيا ,
5-    من استعمل عن علم أو حاول استعمال شيك مزيف أو مزور ؛
6-    كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شيك شرط أن لا يستعمل فورا وان يحتفظ به على سبيل الضمان (...) " .
إن هذه الجرائم قد طرحت بعض الإشكالات على المستوى العملي بعد صدور مدونة التجارة لسنة 1996 (1) قد تخص بعضها وقد تتعلق بها جميعا , غير أننا في إطار طرحنا لهذه الإشكالات وتحليلها سوف نقف ونركز بالخصوص على جريمة عدم وجود مؤونة للشيك أو عدم كفايتها عند تقديمه للوفاء , دون أن نقصد بذلك استثناءنا لباقي الجرائم المعددة في المادة 316 من المدونة .
لقد اثبت الواقع المعيش أن الشيك في أزمة تجسدت في استفحال مرض اجتماعي أمام شيوع وتجدر ظاهرة الشيكات بدون رصيد أو مؤونة بشكل مأساوي , خصوصا في وقت لازال فيه الشيك كما كان أداة وفاء بامتياز وان القول " بمجتمع بدون شيك " ما هو إلا وهم (2) نظرا للإجراءات الجديدة والردع الجنائي التقليدي الصارم الذي يخص الشيك دوليا ووطنيا (3)
إن الإشكالات العملية المتعلقة بجرائم الشيك التقليدية والتي سوف نتناولها بالتحليل سوف نحصرها في نقطتين هما:
مدى إمكانية اعتبار الشيك أداة ائتمان ومدى إمكانية تطبيق ظروف التخفيف على الغرامة استنادا إلى مقتضيات المادة 316 من مدونة التجارة (أولا) ثم تجليات استقلال القانون الجنائي عن قانون الصرف ( ثانيا )
أولا: مـدى إمكانيـة اعتبـار الشيـك أداة ائتمان ومدى إمكانية تطبيق ظروف التخفيف علـى الغرامـة استنادا إلى مقتضيات المـادة 316 من مدونـة التجـارة .
يتعلق الأمر بإشكالين من بين الإشكالات الأخرى التي ظهرت في الواقع العملي بعد صدور مدونة التجارة لسنة 1996 وهما : هل الشيك أصبح أداة ائتمان (1) وهل يمكن تطبيق ظروف التخفيف على الغرامة المنصوص عليها في المادة 316 من المدونة ؟ (2) .
 1 - هل الشيك أصبح يعتبر أداة ائتمان بنص القانون  في الفترة
              الممتدة بين سحبه وتقديمه للوفاء ؟
سؤال طرح نفسه بحدة بعد صدور مدونة التجارة لسنة 1996 إذ ألغى المشرع جريمة إصدار شيك بدون رصيد التي كان ينص عليها في القانون التجاري المنسوخ ( المادة 70 من ظهير 19 يناير 1939 كانت تشير إلى عقوبة النصب الواردة في القانون الجنائي (1) , وعوضها بجريمة عدم وجود مؤونة للشيك أو عدم كفايتها عند تقديمه للوفاء ,وبذلك يكون المشرع المغربي قد جرم لأول مرة هذا الفعل وحدد عقوبته الجنائية في صلب مدونة التجارة ( المادة 316 فقرة 1). فإلى أي حد يكون المشرع قد مس بوظيفة الشيك كأداة للوفاء الفوري ؟ (أ) وماذا كانت غايته من وارد استبدال تاريخ الإصدار بتاريخ تقديم الشيك للوفاء لأجل قيام هذه الجريمة ؟ (ب)
أ- مدى مساس المشرع بوظيفة الشيك كأداة للوفاء الفوري
 تقتضي منا الإجابة على هذا السؤال تعريف الشيك (1-1) وتحديد وظيفته الحقيقية استنادا إلى مقتضيات مدونة التجارة (2-1).
1-1    تعريف الشيك
لم يعرف المشرع الشيك لا في القانون القديم ولا في مدونة التجارة الحالية ويعرفه الفقه بأنه : تصرف قانوني يحرر على ورقة أو صك وفقا لبيانات قانونية , يتضمن أمرا صادرا من شخص هو الساحب موجه إلى شخص آخر هو المسحوب  عليه وهو البنك أو مؤسسة مماثلة متوفرة على مؤونة أو رصيد قابل للتصرف فيه , بان يفي بمجرد الاطلاع بمبلغ معين من النقود لإذن شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل (2) .
انه تعريف ينطوي على تحديد لوظيفة الشيك كأداة للوفاء بمجرد الاطلاع , هذه الوظيفة التي يجب أن نقف عندها كما حددها المشرع من خلال مقتضيات مدونة التجارة .
2-1 وظيفة الشيك الحقيقية كوسيلة أداء فوري استنادا إلى مقتضيات                         مدونة التجارة
إذا كان الشيك يعتبر أداة للصرف وحمل ونقل النقود فهو أساسا أداة للوفاء (3)  ,تلك هي وظيفته الجوهرية لذلك فهو دائما واجب الوفاء بمجرد الاطلاع هذا ما نصت عليه المادة 267 من مدونة التجارة بقولها :
"  الشيك مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع "

  1-  المادة 543 من القانون الجنائي تحيل على المادة 540 منه التي تعاقب مرتكب جريمة النصب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من خمسمائة الى خمسة آلاف درهم (على أن لا تقل الغرامة عن قيمة الشيك أو قيمة الرصيد القائم كما تنص على ذلك المادة 543 فقرة أخيرة ).
       2- احمد شكري السباعي مرجع سابق, ص 21 .
       3- قرار المجلس الأعلى عدد : 1740 المؤرخ في : 1/11/2000 , الملف المدني عدد 324/3/2/99
    انظر :  احمد كويسي , محمد الهيني : تأملات في اجتهادات القضاء التجاري في مادة الأوراق التجارية , دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2008 , ص 178 .


ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كان لم يكن ؛
الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره, يجب وفاؤه في يوم تقديمه "
استنادا إلى هذه المادة يمنع كليا وبصفة مطلقة أن يكون الشيك أداة للائتمان أو تأجيل الوفاء  على عكس الكمبيالة والسند لأمر .
فالشيك يستعمل في الوفاء بدلا من النقود ويحل محلها في الوفاء دون أن تكون له قوة الإبراء من الديون لأنه قد يكون بدون مؤونة أو بمؤونة غير كافية حيث يكون موضوع الدعوى العادية أو الصرفية والتي قد تتقادم دون أن يقع الوفاء * فهو إذن لا يبرئ الذمة وان كان أداة للوفاء - إلا بعد الحصول على قيمته ,فان صدر وكانت المؤونة غير موجودة أو كان بها خصاص وقت تقديمه للوفاء كان أيضا موضوع دعوى جنائية لان غياب المؤونة يعتبر نوعا من الاحتيال والنصب الذي يعطل الوفاء أو الأداء .
إذن كان لابد أن يرتب المشرع على مخالفة المنع من تأخير الوفاء عقابا زجريا لكونه يعرقل وظيفة الشيك ويغيرها من كونه أداة للوفاء بنص القانون " بمجرد الاطلاع " إلى أداة للائتمان أو تأخير للوفاء لعدم قيام الساحب بتوفير المؤونة أو لعدم كفايتها عند تقديمه , وذلك بعقوبة حبسية من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين ألفين وعشرة آلاف درهم دون أن تقل قيمتها عن خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الشيك أو من الخصاص ( المادة 316 فقرة 1 من مدونة التجارة ).  
وتجدر الإشارة إلى أن مقتضيات البند 1 من المادة 316 قد جرمت فعل  الساحب الذي اغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه ,وهي بذلك قد غيرت نوع الجريمة التي أصبحت في إطار مدونة التجارة الجديدة هي عدم وجود مؤونة للشيك أو عدم كفايتها عند تقديمه للوفاء وهي جريمة تختلف كليا عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد التي كان ينص عليها القانون القديم ويعني الإصدار أو السحب "تسليم أو إعطاء الشيك بعد تحريره وتوقيعه إلى الحامل أو المستفيد (1) .
فالجديد الذي جاءت به المدونة هو أن ساحب الشيك أصبح بإمكانه سحب شيك دون أن يتوفر على رصيد أو كون الرصيد غير كافي ومع ذلك لا يلحقه العقاب إذا تدارك الوضع ووفر الرصيد أو المؤونة إلى غاية يوم تقديم الشيك للوفاء .
هذا ما دفع البعض إلى القول بان الشيك قد أصبح يشكل أداة ائتمان في الفترة الممتدة بين سحبه وتقديمه للوفاء , وهذا يجر إلى القول بوجود تناقض بين مقتضيات البندين 1و6 من المادة 316 من مدونة التجارة , هذا البند الأخير الذي يجرم قبول أو تظهير شيك شرط أن لا يستخلص فورا وان يحتفظ به على سبيل الضمان .

فإلى أي حد يعتبر هذا القول صحيحا استنادا إلى مقتضيات مدونة التجارة ؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن نبقى دائما في إطار وظيفة الشيك بنص القانون باعتباره أداة للوفاء الفوري .
إن الشيك ليس نقودا ولا عملة بنكية , وإنما هو ورقة تجارية , بمعنى تصرف قانوني خاضع لقواعد ولمبادئ قانون الصرف وكذا للشكل الذي يحدده القانون فلصحته يخضع لشروط موضوعية هي نفسها الشروط الموضوعية اللازمة لصحة التصرفات القانونية وهي : الرضى الصحيح ومحل الشيك الذي هو الأمر الناجز بأداء مبلغ معين من النقود ( المادة 239 فقرة 2 من مدونة التجارة ), قيام الالتزام بالشيك على سبب مشروع (1) وإلا كان باطـلا ( المادة 62 من قانون الالتزامات والعقود بالإضافة إلى الأهلية .
ويجب لقيام الشيك صحيحا إلى جانب توفير الشروط الموضوعية ,أن يأتي في الشكل الذي حدده المشرع استنادا إلى طبيعته القانونية وذلك بتوفير الشروط أو البيانات الإلزامية (1-2-1) التي يترتب على تخلف أي منها بطلان السند كشيك ( ما عدا في الحالات الاستثنائية المحددة حصرا بنص القانون ) إلى  جانب بيانات أخرى اختيارية ( 2-2-1 ) وسوف نقف في حدود البيانات التي تتعلق بعمق بوظيفة الشيك .
1-2-1 البيانات الإلزامية
سنتناول أهمية كلا من الأمر الناجز بأداء مبلغ معين وتاريخ الاستحقاق من جانب مدى أهميتهما والزاميتهما في الشيك وذلك بترابط مع وظيفته .
الأمر الناجز بأداء مبلغ معين
نصت المادة 239 من مدونة التجارة في بندها الثاني ": يتضمن الشيك البيانات التالية :
(...)
ثانيا : الأمر الناجز بأداء مبلغ معين . "
بذلك يتضح بأنه من بين البيانات الإلزامية لإنشاء الشيك , البيان الذي يتضمن أمرا صادرا من الساحب وموجها إلى المؤسسة المسحوب عليها بان تؤدي المبلغ النقدي الثابت فيه لفائدة المستفيد أو الحامل, فالشيك سند بنكي ينشأ بإرادة منفردة إذ يتضمن أمرا وبناء على هذا البيان تتقيد إرادة الساحب على الشكل التالي :
     - يجب أن يكون هذا الأمر ناجزا وغير قابل للرجوع فيه من طرف الساحب باستثناء الحالات الواردة في الفقرة الثانية من المادة 271 من المدونة المتعلقة بالتعرض على وفاء الشيك لدى المسحوب عليه وهي: حالة فقدانه أو سرقته أو استعماله استعمالا تدليسيا أو تزويره أو في حالة التسوية أو التصفية القضائية للحامل ) 2 (.


-    لا يمكن أن يعلق الأمر بالوفاء على شرط واقف أو شرط فاسخ ولا يمكن أن يرفق بأجل لان الشيك أداة للوفاء وليس للائتمان , بل يجب أن يقع وفاؤه بمجرد الاطلاع وكل شرط او بيان مخالف لذلك يعد كأن لم يكن والشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره يجب وفاؤه يوم تقديمه ( المادة 267 من مدونة التجارة ) .
إذن بمجرد تسليم الشيك للمستفيد من طرف الساحب ينشأ في ذمة هذا الأخير التزام صرفي بضمان وفاء الشيك طبقا لأحكام المادة 250 من المدونة , فالتاريخ الذي تنتقل فيه المؤونة من ذمة الساحب إلى ذمة المستفيد أو إلى ملكيته هو تاريخ إصدار الشيك والذي غالبا ما يكون هو نفس التاريخ المبين في هذا الشيك عند إنشائه (1)

تاريخ الاستحقاق

لم تدرج مدونة التجارة بيان " تاريخ الاستحقاق " في الشيك , وإذا تساءلنا لماذا فان الجواب يكون هو لان الشيك لا يصدر إلا للوفاء حالا وفورا , فهو دائما واجب الوفاء بمجرد الاطلاع وكل شرط مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن , لان الشيك أداة للوفاء وليس وللائتمان (2).

2-2-1 البيانات الاختيارية الممنوعة بنص قانوني صريح  

إذا كان المشرع قد أعطى لأطراف الشيك الحق في تضمينه ما تذهب إليه إرادتهم من بيانات اختيارية, فان حقهم هذا مقيد في حدود تلك البيانات التي لا تتعارض مع وظيفة الشيك وطبيعته القانونية وكل خرق لهذا المنع القانوني إلا ويترتب عليه بطلان البيان المخالف دون الشيك الذي يبقى صحيحا , ومن بين هذه البيانات نذكر


       عدم الوفاء الفوري بمبلغ الشيك

من البيانات الممنوعة بنص قانوني صريح اشتراط " عدم الوفاء الفوري بمبلغ الشيك "الذي يعتبر كأن لم يكن ,فقد نصت المادة 276 من مدونة التجارة على أن الشيك مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع وكل بيان مخالف لذلك يعتبر كأن لم يكن ,لماذا ؟ لأنه يمس بوظيفة الشيك فيحولها من الوفاء إلى الائتمان.

     خضوع الشيك للقبول

يقصد بالقبول التزام المحسوب عليه بدفع المبلغ الثابت في الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق إلى المستفيد أو الحامل  فالقبول ينشئ التزامـا إراديـا تجاريـا وصرفيا في ذمة المسحوب عليه بنكا أو غير بنك (1) . وعكس الكمبيالة ( المواد من 174 إلى 179 من مدونة التجارة ) التي لا يشترط فيها وجود المؤونة عند السحب , لا يخضع الشيك للقبول فهو ليس أداة ائتمان وإنما أداة للوفاء الفوري وبذلك يلزم الساحب بتوفير المؤونة للمسحوب عليه عند تقديمه للوفاء تحت طائلة الجزاء الجنائي المنصوص عليه في المادة 316 ,وبذلك فكل شرط قد يوقف الشيك على القبول يعد باطلا وكأن لم يكن وفقا لما نصت عليه المادة 242 من مدونة التجارة في فقرتـها الأولى قائلة " لا يخضع الشيك للقبول .وإذا كتبت على الشيك عبارة القبول اعتبرت كأن لم تكن ".
أن هذا المنع السابق ينسجم مع مقتضيات البندين 1و6 من المادة 316 من المدونة , الأول الذي يعاقب على غياب المؤونة أو عدم كفايتها عند التقديم والثاني الذي يعاقب على قبول أو تظهير شيك شرط أن لا يستخلص فورا وان يحتفظ به على سبيل الضمان . وكذلك مقتضيات المادة 254 فقـرة 1 من المدونـة التي تمنـع شرط "  التظهير المقيد " لان التظهير يجب أن يكون ناجزا وكل شرط مقيد له ( سواء كان واقفا أو فاسخا ) يعتبر كأن لم يكن.
إن ما سبق يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بان المشرع كان حريصا من خلال مختلف المقتضيات المنظمة للشيك على حماية وظيفته كأداة للوفاء والحيلولة دون المساس بها , وبذلك يكون قد حدد بشكل صريح وظيفة الشيك فلم يوقف أو يعلق طبيعتها ومحتواها على إرادة المستفيد الذي منحه المشرع حقا وليس التزاما عندما نص على أن " الشيك مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع " المادة 267 فقرة 1, انه الحق في تقديم الشيك للوفاء بمجرد الاطلاع وليس التزاما يترتب على الإخلال به جزاء هو سقوط هذا الحق .



إن قوة هذا القول تظهر في كون تقديم الشيك للوفاء (1) قد يتم بحسب إرادة وظروف المستفيد أو الحامل إما : بمجرد الاطلاع , وإما داخل الأجل القانوني لتقديمه للوفاء إلى المسحوب عليه والذي هو 20 يوما من تاريخ الإصدار إذا كان الشيك صادرا بالمغرب ومستحق الوفاء به أو 60 يوما إذا كان صادرا خارج المغرب ومستحق الوفاء به  ( المادة 268 من المدونة ), وإما خارج مدة التقديم وداخل مدة التقادم المنصوص عليها في المادة 295 فقرة 3 من المدونة والتي هي سنة ابتداء من انقضاء اجل التقديم . فالأجل المنصوص عليه في المادة 268 يتعلق فقط بحق الحامل في الرجوع الصرفي ضد الموقعين على الشيك ويترتب على فواته سقوط الحق في الرجوع على الضامنين لا الحق في الوفاء الذي لا يسقط إلا بالتقادم الصرفي (2) وبذلك ففي كل الفترات السابقة المحتملة لتقديم الشيك للوفاء تكون المؤسسة البنكية المسحوب عليها ملزمة بالوفاء كما تنص على ذلك المادة 271 من مدونة التجارة , ما لم تكن المؤونة غير متوفرة أو غير كافية إذ نكون أمام جنحة لا تتقادم إلا بمرور المدة التي حددها المشرع لتقادم الدعوى العمومية في الجنح هي خمس سنوات ( المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية ).
عموما إذا لم يكن المشرع وكما هو ثابت مما سبق قد غير وظيفة الشيك فماذا كانت غايته من وراء تغيير نوع الجريمة من جريمة إصدار شيك بدون رصيد في ظل القانون القديم (ظهير 19 يناير 1939 ,المادة 70 ) إلى جريمة عدم وجود مؤونة أو عدم كفايتها عند تقديم الشيك للوفاء في ظل مدونة التجارة لسنة 1996 المادة 316 بند 1 ؟ هذا مع العلم بان التقديم غالبا ما يكون لاحقا لتاريخ الإصدار .

ب - الغاية من استبدال المشرع تاريخ الإصدار بتاريخ تقديم الشيك للوفاء لقيام الفعل الجرمي.

إن المشرع المغربي شأنه شأن المشرع الفرنسي أخد بعين الاعتبار تاريخ تقديم الشيك للوفاء وليس تاريخ إصداره لقيام جريمة عدم توفير مؤونة الشيك أو عدم كفايتها , وتبرير ذلك حسب قرار محكمة الاستئناف بباريس هو كون الأمر يتعلق بجريمة اقتصادية لا يتضرر منها لا المستفيد ولا المصلحة العامة إلا إذا لم يتم وفاء الشيك عند تقديمه للبنك (1)  .
ونضيف إلى هذا التبرير كون تغيير الفعل الجرمي لا يجسد سوى اخذ المشرع بعين الاعتبار لخاصية السرعة المميزة للحياة التجارية وما تقتضيه من حاجة ملحة إلى إبرام الصفقات وانجازها بأسرع وقت ممكن سعيا وراء الربح, الشيء الذي اقتضى تراجع المشرع عن تجريم واقعة إصدار شيك بدون رصيد فأعطى للتاجر – الذي يجمع في الغالب الأعم بين صفتي دائن ومدين- الحق في إمكانية إصدار شيك برصيد فارغ أو ناقص ليتأتى له ملأ هذا الرصيد بين تاريخ الإصدار و التقديم للوفاء دون أن يعتبر مرتكبا لأي فعل جرمي , هذا مع العلم أن المشرع استلزم الوفاء بين التجار لأغراضهم التجارية كلما زادت قيمة المعاملة عن عشرين ألف درهم بشيك مسطر أو بتحويل ( المادة 306 من مدونة التجارة ).
وبذلك يكون المشرع قد منح للتجار خاصة و لغير التجار (2) عموما فرصة التقليل من حالات غياب المؤونة أو عدم كفايتها عند تقديم الشيك للوفاء دون أن يمس في شيء بوظيفته كأداة للوفاء الفوري .
بل استنادا إلى مقتضيات المادة 325 من مدونة التجارة إذا قام ساحب شيك بدون مؤونة بتكوينها أو إتمامها خلال اجل عشرين يوما من تاريخ التقديم يمكنه التمتع بظروف تخفيف العقوبة وذلك بتخفيض عقوبة الحبس أو إسقاطها ولعل أهم ما جاءت به هذه المادة هو إمكانية إسقاط العقوبة الحبسية أما بخصوص تخفيضها فالعمل القضائي المغربي يسير في هذا الاتجاه حتى في حالة عدم توفر الشرط المنصوص عليه في المادة أعلاه فهل يمكن السير على نفس النهج بخصوص الغرامة ؟

2- هل يمكن تطبيق ظروف التخفيف على الغرامة الواردة في المادة 316 من مدونة التجارة بخصوص جرائم الشيك ؟

تنص المادة 316 من مدونة التجارة في فقرتها الأولى على ما يلي " : يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 2.000و 10.000 درهم دون أن تقل قيمتها عن25 % من مبلغ الشيك أو من الخصاص :  (...) " وذلك بخصوص جرائم الشيك المعددة في هذه المادة.
وبقراءة هذه الفقرة يطرح تساؤل أول هو لماذا لم يعين المشرع قيمة محددة للغرامة مكتفيا بجعلها تتراوح بين حدين أدنى وأقصى هما ألفين وعشرة آلاف درهم, بل أضاف قائلا " : دون أن تقل قيمتها عن خمسة وعشرين في المائة من مبلغ الشيك أو من الخصاص " ؟
إن الإجابة على هذا السؤال إنما ترتبط بالطبيعة القانونية للشيك (1) ذاته كورقة تجارية .
نعلم جيدا بان الشيك أداة وفاء بامتياز وبأنه يحل محل النقود في الوفاء, والمشرع حينما لم يعين بشأن جرائم الشيك الوارد تعدادها في المادة 316 من المدونة قيمة للغرامة بين حدين أقصى وأدنى دون قيدها بنسبة أخرى , كما يفعل في العديد من الغرامات المقررة بالنسبة لجرائم أخرى ( مثلا المواد 400و401و425و430 من القانون الجنائي), فذلك راجع إلى كون الشيك هو عبارة عن مبلغ نقدي وان التعامل به ما هو إلا تعامل بالنقود و بالتالي فقيمته تختلف من شيك إلى آخر بحسب طبيعة وقيمة المعاملات التي يسحب لأجلها , الشيء الذي يحول دون وضع قيمة محددة للغرامة تطبق على أي ساحب شيك بدون مؤونة أو بمؤونة ناقصة أو أي مرتكب لجريمة من الجرائم الواردة في المادة 316 من المدونة وتحقق بذلك زجرا عادلا بالنسبة إليها جميعها .
هنا يطرح تساؤل ثاني وجوهري هو هل يمكن تطبيق ظروف التخفيف على هذه الغرامة ؟ وبعبارة أخرى ما هي حدود سلطة المحكمة في مدى الحكم بغرامة تقل قيمتها عن 25 % من مبلغ الشيك أو من الخصاص ؟
    
بالرجوع إلى أحكام القانون الجنائي نجد أن سلطة المحكمة في تشديد العقوبة مخالفة تماما لسلطتها في مدى تمتيع المتهم بظروف التخفيف .
فاستنادا إلى مقتضيات الفصلين 152و153 من القانون الجنائي يلاحظ غياب أية سلطة تقديرية للمحكمة في مدى تشديد العقوبة من عدمه, ذلك أن تشديد العقوبة المقررة في القانون بالنسبة لبعض الجرائم إنما هو مرتبــط  بظروف متعلقــة بارتكاب الجريمة أو بإجــرام المتهــم ( الفصل 152) وان القانون هــو الذي يحــدد ظروف التشـديد المتعلقة بجنايات أو جنــح معينة ( الفصل153 ).
خلافا لما سبق منح المشرع للمحكمة سلطة تقديرية واسعة في تمتيع المتهم بظروف التخفيف شريطة أن تعلل قرارها, إلا إذا وجد نص قانوني يمنعها من ذلك, هذا ما نص عليه الفصل 146 من القانون الجنائي (1)
فهل يوجد في مدونة التجارة نص يمنع القاضي من تطبيق ظروف التخفيف على الغرامة الواردة في المادة 316 من مدونة التجارة ؟
بالفعل هناك إشكال طرحته الفقرة الأولى من المادة 316 من المدونة حينما لم تقف عند حدود جعل الغرامة بين حدين أدنى هو ألفين درهم وأقصى هو 10 آلاف درهم وإنما ربطت هذين الحدين بنسبة معينة هي 25 % مستعملة عبارة  " دون ان تقل"  .
فكيف يمكننا أن نتعامل مع نسبة 25 % الواردة في النص؟ (أ) ثم ما هو موقف القضاء والفقه في المغرب بخصوص قراءة الفقرة 1 من المادة 316 (ب) وكيف يمكننا بدورنا أن نقرأ هذه الفقرة ؟ (ج ).

أ- كيفية التعامل مع نسبة 25 % الواردة في المادة 316 .

بخصوص طريقة التعامل مع نسبة 25% الواردة في النص لابد أن يتم ذلك بترابط مع قيمة الشيك ذاته موضع أية نازلة , إذ توجد ثلاث حالات وهي كالتالي :
الحالة الأولى : هي عندما تكون نسبة 25% من قيمة الشيك (مثلا شيك قيمته 10.000 درهم ) تتجاوز مبلغ 2.000درهم الذي حدده المشرع كحد أدنى للعقوبة كغرامة ,فحينئذ يكون الحد الأدنى للغرامة الواجب الحكم به هو 25% من قيمة الشيك أي 2500 درهم .
الحالة الثانية : هي التي يكون فيها مبلغ الشيك باهضا (مثلا شيك قيمته 700.000درهم ) فيجب الحكم بغرامة قدرها 25% من قيمة الشيك ولو تجاوزت 10.000 درهم الذي حدده المشرع كحد أقصى للغرامة, وهذه هي غاية المشرع من عبارة " دون أن تقل عن 25% من قيمة الشيك " والتي هي في مثالنا 170.500 درهم .


الحالة الثالثة :هي التي تكون فيها نسبة 25% من قيمة الشيك اقل من مبلغ 2.000 درهم الذي وضعه المشرع كحد أدنى للغرامة ( مثلا شيك قيمته 1.000درهم فنسبة 25% من هذه القيمة هي 250 درهم ), وبالتالي فالغرامة التي اعتبرها المشرع كعقوبة رادعة لجرائم الشيك الوارد تعدادها في المادة 316 من المدونة هي المتراوحة بين 2.000 و 10.000درهم. لذلك فالعمل القضائي جرى على الحكم بمبلغ 2.000درهم كحد أدنى للغرامة ولو كانت قيمة الشيك تقل عن هذا المبلغ فبالأحرى عن 25% من قيمته.

ب -  موقف القضاء والفقه في المغرب بخصوص قراءة الفقرة
                    1  من المادة 316  

أمام الإشكال الذي طرحته عبارة " دون" الواردة في النص كان لابد من البحث عن إرادة المشرع, لذلك إذا فسرنا هذه العبارة على أساس أنها تفيد "الإلزام" بمعنى " يجب" فهذا يذهب بنا إلى استبعاد بل منع تطبيق ظروف التخفيف على الغرامة الواردة في المادة 316 من مدونة التجارة, وهذا هو توجه القضاء المغربي بكل درجاته (1) الذي يحكم بغرامة قدرتها 2.000 درهم فما فوق على كل ساحب شيك بدون مؤونة أو بمؤونة غير كافية إذا كانت قيمة الشيك 8 آلاف درهم فما دون ذلك (حتى ولو كانت قيمته مائة درهم فقط ) , ومبلغ ثمانية آلاف درهم حدده القضاء بضرب الحد الأدنى المقرر للغرامة وهو مبلغ 2.000 في أربعة التي تمثل نسبة 25%, وهذا هو نفس توجه المجلس الأعلى (2) .
ويذهب الفقيه احمد شكري السباعي (3) إلى القول بان القاعدة في القانون الجنائي تعطي للمحكمة صلاحية التفسير الواسع, وهذا ما يجب تطبيقه على الفقرة 1 من المادة 316؛ بمعنى جواز النزول عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة كلما توفرت ظروف التخفيف وذلك باستناده إلى مقتضيات الفصل 149 من القانون الجنائي (4) مع التمسك بمبدأ عدم الحكم بإيقاف التنفيذ سوى فيما يتعلق بالعقوبات الحبسية ( المادة 324 مدونة التجارة ) .

فكيف يمكننا أن نقرأ بدورنا عبارة " دون أن تقل " الواردة في الفقرة 1 من المادة 316 وما هي غاية المشرع منها ؟

ج - قراءتنا لعبارة " دون أن تقل " الواردة في الفقرة 1 من المادة 316

إن قصد المشرع من عبارة "دون أن تقل" هو قيمة الشيك التي قد تكون زهيدة مثلا 500 درهم أو حتى 100 درهم وقد تكون مرتفعة وباهظة مثلا 700 ألف درهم.
فإذا كانت قيمة الشيك زهيدة فان مبلغ ألفين درهم كحد أدنى للغرامة قد تضاعف عدة مرات أو تتجاوز قيمة الشيك إذا لم نحصر الغرامة في 25 % من قيمة الشيك أو من الخصاص , وفي مثالنا السابق فشيك قيمة 500 درهم سوف يضاعف أربع مرات الحد الأدنى للغرامة.
وإذا كانت قيمة الشيك مرتفعة فان مبلغ 10.000درهم كحد أقصى للغرامة سوف لن يوفي الغاية الردعية منها  بل إن نسبة 25% من مبلغ الشيك أو من الخصاص كغرامة هي التي تشكل عقوبة مالية ردعية بالنسبة للساحب وهذا ما ينطبق على المثال المتعلق بشيك قيمته 700 ألف درهم.
إذن فالمشرع عندما أورد عبارة " دون أن تقل" لم يكن قصده من تحديد نسبة الغرامة في 25% تقييد سلطة المحكمة في تمتيع المتهم بظروف التخفيف المنصوص عليها في الفصل 149 من القانون الجنائي , وإنما كان قصده هو قيمة الشيك التي قد تكون زهيدة وبالتالي فالحكم بغرامة تتراوح بين ألفين وعشرة آلاف درهم سوف تتجاوز الهدف الردعي منها, أو أن قيمة الشيك مرتفعة وبالتالي فغرامة بالقدر السابق سوف لن تفي بالهدف الردعي وبعبارة أخرى فالهدف من عبارة "دون أن تقل" هي عندما تكون قيمة الشيك باهضة , وليس المنع من تمتيع المتهم بظروف التخفيف .
هكذا واستنادا إلى ما سبق تبقى للمحكمة في رأينا سلطة تقديرية واسعة في تمتيع المتهم بظروف التخفيف كلما كان هناك موجب لذلك, إذ تنص الفقرة 2 من الفصل 146 من القانون الجنائي: "منح الظروف المخففة موكول إلى تقدير القاضي , مع التزامه بتعليل قراره في هذا الصدد بوجه خاص", لذلك لا نعتقد بان ساحب شيك بدون مؤونة أو بمؤونة غير كافية عند تقديمه للوفاء في حالة عود (1) سوف يتمتع بظروف التخفيف, أو انه قام في نفس الوقت بسحب عدة شيكات بدون مؤونة عند تقديمها للوفاء واقر بأنه لم يكن يتوفر على الرصيد أو المؤونة وقت سحبها أو على المؤونة الكافية , أو أن المؤونة كانت موجودة ولم يعمل على الحفاظ عليها ونفس الشيء ينطبق على باقي جرائم الشيك الواردة في المادة 316 من المدونة.
كما لا نعتقد بان ساحب شيك اضطرته القوة القاهرة إلى عدم الحفاظ على المؤونة أو على المؤونة الكافية سوف يحرم من تطبيق ظروف التخفيف عليه كما لو أثبت مثلا تعرض ابنه لحادثة سير أو إصابته الفجائية بمرض خطير استلزم تدخلا عاجلا ومكلفا لعلاجه إنقاذا لحياته.
خصوصا أن مدونة التجارة الجديدة قد ألغت فكرة "سوء النية " (2) ولم تشترط أي قصد جنائي في اتجاه التشديد على جرائم المؤونة فجعلتها من جرائم الإهمال فقط , بمعنى أن الساحب الذي يغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه يعد ساحبا مهملا يستحق العقاب الجنائي ما لم يثبت العكس (3) ويتجلى التجريم للإهمال أو الإغفال في البند 1  من المادة 316 من مدونة التجارة .

ثانيا : تجليات استقلال القانون الجنائي عن قانون الصرف في
                       حالة الحساب الجماعي

سوف نحصر هذه التجليات في حالة الحساب الجماعي وذلك على اثر جريمة عدم وجود مؤونة للشيك أو عدم كفايتها .
ان جريمة الساحب المتعلقة بمؤونة الشيك الواردة في البند 1 من المادة 316 من مدونة التجارة تقتضي منا الوقوف على المعنى المقصود بالمؤونة أو الرصيد الذي لم يعرفه المشرع المغربي , ويعرفه الفقه بأنه: " الدين النقدي الذي للساحب على المؤسسة البنكية (4) أو الهيئة التي يخولها القانون صلاحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها شيكات " (5) فالدين النقدي هو كما نصت عليه المادة 241 فقـرة 1 من مدونة التجارة :" نقود للساحب حق التصرف فيها بموجب شيك " , واستنادا إلى علاقـة الدائنية هاتــه يكتسب الساحب الحـق فـي أن يصدر أمــرا ناجزا الى المؤسسة البنكية أو الهيئة المسحوب عليها بأداء مبلغ معين هو الوارد في الشيك بمجرد الاطلاع ( المادة 267 من المدونة ) وهذا يقتضي أن تكون المؤونة كافية لضمان الوفاء ( 1 ) .
وتعرف المادة 2 من القانون البنكي الصادر في 6 يوليوز 1993 الوديعة النقدية بأنها تلك الأموال التي يتسلمها البنك من الغير على سبيل الوديعة أو غير ذلك , والتي يحق للبنك أن يتصرف فيها لحسابه الخاص على أساس الالتزام بإرجاعها لأصحابها " .
إن عبارة الغير " الواردة في المادة السابقة جاءت عامة دون تحديد , بمعنى أن هذا  الغير قد يكون منفردا يقوم بفتح حساب فردي , وقد يكون عبارة عن أشخاص متعددين ( شخصين فما فوق ) فنكون بصدد حساب جماعي, لذلك فحساب الزبون قد يكون فرديا وقد يكون جماعيا
إذن في حالة الحساب الجماعي يطرح سؤال هو كالآتي :
من هو مرتكب جريمة عدم وجود مؤونة الشيك أو عدم كفايتها وبالتالي من الذي سوف يتحمل بالمسؤولية المترتبة عن هذه الجريمة ؟ .
تجدر الإشارة بداية إلى انه تنشأ عن الجريمة أعلاه – شأنها شأن باقي جرائم الشيك المنصوص عليها في المادة 316 من المدونة دعويان :دعوى عمومية أساسها تنفيذ الحكم القاضي بالعقوبة المنصوص عليها قانونا على مرتكب الجريمة محل المتابعة (وكذا من ساهم أو شارك معه في ذلك ), ودعوى مدنية تستهدف استرجاع مبلغ الشيك والفوائد والمصاريف بالإضافة إلى إصلاح الضرر الذي قد يلحق الغير من جراء الفعل الجرمي .
لذلك يتعين علينا التمييز بين المسؤولية الجنائية (1) والمسؤولية المدنية (2) حتى نتمكن من تحديد من تطاله هذه المسؤوليات في حالة الحساب الجماعي .

         1 - المسؤولية الجنائية  
يقتضي تحديد المسؤول جنائيا في جريمة عدم وجود مؤونة الشيك أو عدم كفايتها تحديد مرتكب هذه الجريمة وبذلك معرفة من الذي سوف يلحقه العقاب المنصوص عليه في المادة 316 من مدونة التجارة كعقوبة أصلية (أ) والتي توجد إلى جانبها عقوبة أخرى زجرية إضافية منصوص عليها في المادة 317 من المدونة (ب) .

   أ - العقوبة الأصلية
 قد لا يطرح إشكال في تحديد المسؤول جنائيا خاصة أن المادة 316 تنص على انه : "يعاقب (...):
1- ساحب الشيك الذي اغفل أو لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه "
فالمشرع أورد عبارة "ساحب الشيك " وليس"صاحب الحساب" لذلك إذا كانت القاعدة أن صاحب الحساب هو من يقوم بإصدار الشيك, فانه قد يوكل غيره من الأشخاص لانجاز عمليات في حسابه نيابة عنه ( 1 )  , في هذا الإطار تنص المادة 249 من مدونة التجارة : " لا يجوز توقيع شيك عن آخر بدون تفويض مكتوب لدى المسحوب عليه (...) ".
إذن في حالة وجود حساب جماعي تبقى لإرادة الأطراف الحرية في تحديد من سوف يتولى سحب الشيكات على هذا الحساب:
فإما يتم الاتفاق على انه يجب التوقيع الجماعي على الشيك وفي هذه الحالة يعتبر كل الموقعين ساحبا للشيك وبالتالي يخضعون جميعا للعقوبة المنصوص عليها في المادة 316 من المدونة .
وقد يتم الاتفاق على تفويض أو توكيل احدهم في توقيع الشيكات وفي هذه الحالة يجب التقيد بتطبيق مقتضيات المادة 249 المشار إليها أعلاه , وبذلك يعتبر ساحبا للشيك وصاحب حساب مشترك مع غيره وفي نفس الوقت وكيلا عن شركائه في هذا الحساب . إذ تنص المادة 244 من مدونة التجارة : " يجوز أن يسحب الشيك لحساب الغير " والساحب هنا يكون قد سحب الشيك في نفس الوقت لحساب نفسه ولحساب غيره, إذ تصرف أصالة عن نفسه فيما يخص نصيبه في رصيد الحساب الجماعي ونيابة عن شركائه فيما يخص أنصبتهم في هذا الرصيد .
في هذه الحالة من سوف يخضع للعقاب المنصوص عليه في المادة 316 من المدونة هل فقط الساحب الذي تم تفويضه التوقيع أم كل المشتركين في هذا الحساب ؟
للإجابة على هذا السؤال يجب أن ننطلق من فكرة أساسية وهي تميز الأوراق التجارية بالشكلية والذاتية والاستقلال من جهة وباستقلال ذاتية القانون الجنائي عن قانون الصرف , فنطاق الإجابة يندرج في إطار الدعوى العمومية التي نصت على عقوبتها المادة أعلاه وذلك باستقلال عن الدعوى الصرفية .
وبالانطلاق من مقتضيات القانون الجنائي لابد من تطبيق القاعدة التي تقضي بشخصية العقوبة الجنائية فلا يمكن معاقبة جنائيا شخصا عن جرم ارتكبه شخص آخر ذلك ما ينص عليه الفصل الأول من القانون الجنائي الذي جاء فيه : " يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم (...) ويوجب زجر مرتكبها بعقوبات أو بتدابير وقائية "

إذن من المبادئ الأساسية للقانون الجنائي أن العقوبة شخصية لا يخضع لها سوى الشخص مرتكب الفعل الجرمي وكل من ساهم أو شارك معه في ذلك ومرتكب جنحة عدم وجود مؤونة الشيك أو عدم كفايتها عند تقديمه للوفاء لا يمكن أن يكون استنادا إلى مقتضيات المادة 316 من المدونة إلا ساحب الشيك وهو المشترك في الحساب الجماعي الذي تم تفويضه من قبل باقي الشركاء في هذا الحساب بالتوقيع على الشيك , سواء كان الحساب الجماعي بتضامن ايجابي أو سلبي ام بدون تضامن وذلك باعتباره فاعلا أصليا للجريمة , أما المشترك في هذا الحساب فلا يعتبــر مشاركــا في تلك الجريمة إلا إذا أمــر الساحب بارتكاب الفعــل أو حرض على ارتكابه ( الفصل 129 بند 1 من القانون الجنائي ) , وقد سبق للقضاء الفرنسي قبل صدور قانون 30 دجنبر 1991 (1) أن اعتد و اخذ بعدة معايير لإضفاء على الشخص صفة المشارك في هذه الجريمة كإعطاء الأوامر أو النصائح أو التعليمات من اجل إصدار شيك بدون رصيد (2) وهي معايير يصلح تطبيقها في حالة الحساب الجماعي كما لو قام احد أو باقي المشتركين في هذا الحساب بإعطاء أوامر أو نصائح أو تعليمات للمشترك الساحب بإغفال الحفاظ على المؤونة أو تكوينها بعد سحب الشيك محل المتابعة الجنائية.
وبذلك لا يصح قانونا متابعة جميع المشتركين في الحساب الجماعي من اجل جريمة عدم وجود مؤونة الشيك أو عدم كفايتها عند تقديمه للوفاء إذا كان سحب الشيك قد ثم فقط من طرف احد المشتركين في هذا الحساب .
وخلافا لذلك سبق للنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمكناس (3) أن تابعت جنحيا احد المشتركين في الحساب الجماعي من اجل جريمة عدم وجود مؤونة الشيك أو عدم كفايتها موضوعها تسع شيكات مع العلم انه لم يقم بتوقيع إلا ثلاث شيكات في حين أن الستة شيكات الأخرى وقعها باقي الشركاء, وبذلك تكون قد جانبت الصواب خلافا لقضاء الحكم الذي لم يحكم بالعقوبة الجنحية على الساحب إلا بخصوص الثلاث شيكات التي ثبت توقيعه عليها دون الشيكات الأخرى موضوع النازلة تطبيقا لمبدأ شخصية العقوبة الوارد في الفصل الأول من القانون الجنائي .
فالالتزام الصرفي هو التزام بوفاء الشيك , والعلاقة الصرفية التي تربط المستفيد أو الحامل بالساحب تلزم هذا الأخير بضمان الوفاء بمجرد التوقيع على الشيك وهو ضمان من النظام العام طبقا للمادة 250 من مدونة التجارة التي جاء فيها : " الساحب ضامن للوفاء ويعتبر غير موجود كل شرط يقضي بتحلله من هذا الضمان ".

فبمجرد إصدار الشيك يفقد الساحب حق التصرف في المبلغ الثابت فيه نظرا لانتقال المؤونة إلى المستفيد أو الحامل , فان تصرف في المبلغ بعد الإصدار بالسحب الكامل أو الجزئي أو كان الشيك عند الإصدار والى غاية يوم تقديمه للوفاء بدون مؤونة أو بمؤونة غير كافية طبقت عليه العقوبات الجنائية المنصوص عليها في المادة 316 من المدونة وهي العقوبة الحبسية من سنة إلى خمس سنوات والغرامة التي تتراوح بين 2.000 و10.000 درهم دون أن تقل قيمتها عن 25% من مبلغ الشيك أو من الخصاص .

          ب -  العقوبة الإضافية المنصوص عليها في المادة 317

بالإضافة إلى العقوبة الأصلية هناك المنع القضائي من إصدار الشيكات كعقوبة جنائية إضافية جوازية  إذ نصت المادة 317 من مدونة التجارة قائلة : " يجوز للمحكمة في الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة أن تمنع المحكوم عليه خلال مدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات , من إصدار شيكات غير التي تمكنه فقط من سحب مبالغ مالية لدى المسحوب عليه أو شيكات معتمدة ..."
ان نطاق المنع القضائي من إصدار الشيكات من حيث الأشخاص واستنادا إلى مبدأ شخصية العقوبة الجنائية هو المحكوم عليه بالعقوبات الواردة في المادة 316 من المدونة بصفته فاعلا أصليا (أو مساهما ) لجريمة عدم وجود المؤونة أو عدم كفايتها  والذي هـو في الحالة التـي بيـن أيدينا ساحب الشيك المشترك في الحساب الجماعي و الموكل بالتوقيع من قبل باقي الشركاء في هذا الحساب .
هذا ما يتأكد من خلال مقتضيات المادة 315 من مدونة التجارة التي أكدت على الطابع الشخصي للعقوبة حين استثنت الحساب الجماعي من عقوبة المنع القضائي من إصدار الشيكات , وبذلك فالحكم بالمنع القضائي سوف لن يصدر إلا في حق الساحب المشترك في الحساب الجماعي بصفته فاعلا رئيسيا الذي يحضر عليه إصدار شيكات سواء من حساباته الشخصية أو من الحساب الجماعي المشترك فيه خلال المدة المحددة في الحكم .
وإذا كان متعدد الحسابات فالمنع القضائي يشملها جميعها باستثناء الشيكات المسموح بإصدارها وهي الشيكات التي تمكنه فقط من سحب مبالغ مالية لدى المسحوب عليه و الشيكات المعتمدة ( المادة 317 فقرة 1 من مدونة التجارة ) إن المنع القضائي كعقوبة زجرية إضافية تتعلق بالمحكوم عليه في شخصه بالدرجة الأولى لذلك يعتبر مرتكبا لجريمة خرق هذا المنع سواء اصدر شيكات من حساباته البنكية أو نيابة عن موكله حتى غير الخاضع لمنع قضائي أو بنكي من إصدار الشيكات (1)
2 -  المسؤولية المدنية
تعتبر المسؤولية المدنية (1) تجارية صرفية في مادة التجارة لذلك فالمتضرر من جريمة عدم وجود مؤونة الشيك او عدم كفايتها تكون أمامه دعوى الرجوع الصرفي (أ) والذي إذا فقد حقه فيها نظرا لسقوطها أو لتقادمها يبقى له أيضا بالرغم من ذلك الحق في دعاوى أخرى (ب) إذن تجاه من ترفع هذه الدعاوى هل تجاه الساحب المشترك في الحساب الجماعي كما هو الشأن بالنسبة للدعوى العمومية أم تجاه كل المشتركين في هذا الحساب ؟ويضاف إلى ما سبق إجراء المنع البنكي ( ج ) فمن يخضع لهذه الإجراء ؟

أ - دعوى الرجوع الصرفي
           دعوى الرجوع أو الضمان أو دعوى الشيك أو المقاضاة الصرفية المتعلقة بأداء مبلغ الشيك والفوائد والمصاريف.
 إن الالتزام الصرفي هو التزام بوفاء الشيك  والمادة 267 من مدونة التجارة تنص على أن :"الشيك مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع ويعتبر كل بيان مخلف لذلك كأن لم يكن .." وبذلك يحدد المشرع وظيفة الشيك كأداة وفاء بامتياز إذ يستعمل في الوفاء بدل النقود لكن الشيك لا يبرئ الذمة إلا بعد الحصول على قيمته , وعندما نتحدث عن تبرئة الذمة فأننا نتحدث عن ذمة كل المشتركين في الحساب الجماعي وليس فقط ذمة ساحب الشيك , فقد جاء في المادة 305 من المدونة ما يلي :" لا يتجدد الدين بقبول الدائن تسلم شيك وفاء لدينه , ويبقى الدين الأصلي قائما بكل ماله من ضمانات مرتبطة به إلى أن يقع الوفاء بالشيك المذكور "
فالمدين في الحساب الجماعي ليس فقط هو الساحب الذي تم تفويضه بالتوقيع على الشيك و إنما هم كل المشتركين في هذا الحساب الجماعي في هذا الإطار تنص المادة 241 من مدونة التجارة في فقرتها الثالثة قائلة :
" يلزم الساحب أو الشخص الذي يسحب الشيك لحسابه أن يؤدي المؤونة وكذلك المادة 315 من مدون التجارة التي نصت على الإخلال بالوفاء من طرف " صاحب حساب  " مشترك مما يفيد بان كل المشتركين في الحساب الجماعي مسؤولين وملزمين بتوفير المؤونة و بالوفاء بقيمة الشيك لان الساحب في هذه الحالة إنما يسحب الشيك أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره من المشتركين  فالمسؤولية المدنية المترتبة عن جريمة عدم وجود مؤونة للشيك أو عدم كفايتها تطال كل المشتركين في الحساب الجماعي بدون استثناء لذلك فالمستفيد أو الحامل يجب أن يرفع دعوى الرجوع الصرفي ضدهم جميعا باعتبارهم مدينين بقيمة الشيك شريطة أن يقوم بما يلي :  
1- تقديم الشيك في الأجل القانوني ( المادتان 267 و268 من المدونة ) .
2- إقامة احتجاج عدم الوفاء ( المادة 283 من المدونة ) قبل انقضاء اجل التقديم ( المادة 284 من المدونة )
ذلك ما يفرضه نظام الشكلية الذي يقوم عليه قانون الصرف .
واستنادا إلى مقتضيات المادة 288 من مدونة التجارة يكون للحامل في ممارسته للدعوى الصرفية الحق في أن يطالب من له حق  الرجوع عليه بما يلي :
     1 - بمبلغ الشيك غير المؤدى,
        2 - بالفوائد المترتبة عنه ابتداء من يوم التقديم,
        3 - بمصاريف الاحتجاج والإخطارات وغيرها من المصاريف.



2-1- الدعاوى الأخرى
     إن إهمال الحامل لإجراء التقديم أو إقامة الاحتجاج يؤديان إلى سقوط دعوى الرجوع الصرفي أو دعوى الشيك, ولكن مع ذلك يبقى محتفظا بدعاوى أخرى ذات أهمية ترفع شأنها شأن الدعوى السابقة ضد كل المشتركين في الحساب الجماعي , وكذلك الحال إذا تقادم الالتزام الصرفي , فتقادم ستة أشهر أو سنة المنصوص عليهما في المادة 295 ليس إلا تقادما تجاريا صرفيا أي تقادما يسقط حق المطالبة بالمبلغ الثابت في الشيك الخاضع لمقتضيات خاصة تميزها عن مقتضيات القانون العادي يطلق عليها قانون الصرف ( 1 ).
لذلك تبقى للحامل في هذه الحالة دعاوى أخرى تجاه كل المشتركين في الحساب الجماعي وهي:
1- دعوى الإثراء بلا سبب , (المادة 295 فقرة أخيرة )
2- دعوى ضد الساحب وباقي المشتركين في الحساب الجماعي الذين لم يقدموا مقابل الوفاء (المادة 295 فقرة أخيرة ) .
3- دعوى الدائن للمطالبة بالحق الذي من اجله تم سحب الشيك دون الوفاء بقيمته ( 2 ).
3-1 إجراء المنع البنكي من إصدار شيكات
استنادا إلى مقتضيات المادة الرابعة من دورية بنك المغرب رقم 5/ و/97 تلزم المؤسسة البنكية – أو الهيئة المماثلة- بان تسلم شهادة رفض الأداء ( المادة 309 من مدونة التجارة ) باسم كل واحد من المشتركين في الحساب إذا كان الشيك المرفوض أداؤه صادرا على حساب جماعي بدون تضامن بين الدائنين , هذا الحساب الذي أشارت إليه المادة 315 من مدونة التجارة قائلة : " إذا وقع الإخلال بالوفاء من طرف صاحب حساب مشترك على وجه التضامن أم لا تطبق بقوة القانون مقتضيات المواد من 311 إلى 313 على باقي المشتركين في الحساب , سواء بالنسبة لهذا  الحساب أو بالنسبة للحسابات المشتركة الأخرى وكذا الحسابات الشخصية للمخل بالوفاء " . 
    الهــام الهــواس أستـاذة باحثـة بكلية الحقوق بمكناس
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع