القائمة الرئيسية

الصفحات

جريمة الاتجار بالبشر في القانون المغربي




تعد جريمة الاتجار بالبشر من أكبر التجارات غير مشروعة في العالم بعد الاتجار في السلاح وفي المخدرات، حيث يقف ورائها عصابات كبيرة لنقل أعداد كبيرة من البشر عبر الحدود الدولية. لذلك يسعى المجتمع الدولي لمكافحة هذه الظاهرة والتصدي لها بكل قواه، بوصفها شكلا خطيرا ومخزيا من أشكال الاسترقاق العالمي الجديد ونمطا مأساويا من أنماط العبودية المعاصرة التي مازلت تخضع لها أعداد ضخمة ومتزايدة من البشر، الذي يجري استغلاهم جنسيا أو جسديا أو الاثنين معا، داخل وعبر الحدود الوطنية لبلدانهم بوسائل وطرق شتى، سواء باستخدام القوة والإكراه، أو بالخداع والتحايل والتضليل.

وتقدر منظمة العمل الدولية عدد الأشخاص الواقعين في نطاق الاتجار بالبشر بمختلف أشكاله (2.500.00)،  وتقدر المنظمة  أيضا أن الأرباح السنوية التي تجنى سنويا من استغلال هؤلاء الأشخاص على مستوى العالم بنحو(32) مليار دولار كما توضح بيانات مكتب الأمم المتحدة الخاصة بالمخدرات والجريمة أن الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم في 127 دولة أغلبهم من النساء والأطفال، ويجرى استغلالهم في 137 دولة وأن 161 دولة تتأثر بعملية الاتجار بالبشر ما يدل على أنه لا توجد منطقة في العالم بمأمن من هذه الجريمة وتداعياتها.

وأمام الدعوة العالمية لمكافحة هذه الجريمة، تضافرت جهود المجتمع الدولي، وتم إصدار عدة تشريعات دولية وإقليمية و وطنية تجرم الجريمة المنظمة عبر الوطنية والاتجار بالبشر، هذا الأخير الذي أقرت له الأمم المتحدة بروتوكولا لمكافحته مكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 بباليرمو الايطالية. حيث عالج لأول مرة قضية الاتجار معالجة شاملة.

ولقد أولت الدول بموجب التزامها بما جاء به البرتوكول السابق اهتماما كبيرا بمكافحة هذه الجريمة، والمملكة المغربية معنية بهذه التشريعات الدولية، أولا في انضمامها ومصادقتها عليها أو نظرا لما تشير إليه العديد من التقارير الدولية والوطنية إلى وقوع جريمة الاتجار في المغرب أو وقوع المغاربة ضحايا في الخارج، ولهذه الاعتبارات تعززت المنظومة التشريعية بالمغرب بصدور القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، بعد مخاض  تشريعي طويل.

بناء على ما تقدم يأتي هذا العمل لتسليط الضوء على أهم ما جاء به المشرع المغربي بخصوص جريمة الاتجار بالبشر تماشيا مع الاتفاقيات الدولية التي جعلها دستور 2011 تسمو على القانون الوطني، وذلك انطلاقا من الإجابة عن الإشكالية التالية:

ما مدى نجاعة وفعالية الترسانة القانونیة التي وضعها المشرع المغربي في مكافحة جریمة الاتجار بالبشر ؟

هذا ما سوف نحاول الإجابة عليه من خلال التصميم التالي:

المطلب الأول: أركان جريمة الاتجار بالبشر

المطلب الثاني: العقوبات المترتبة على جريمة الاتجار بالبشر

هل اعجبك الموضوع :
تقسيم الموضوع