القائمة الرئيسية

الصفحات

الوضع تحت الحراسة النظرية بين الفقه والقضاء والقانون


    نهدف من هذا البحث تقييم الاجتهاد القضائي في المنحى الذي يسلكه بخصوص إجراء  خطير  بتمثل  في الحراسة النظرية la garde à vue وتبيان موقف الفقه من المسألة وذلك بعد تحديد ماهية مصطلح "الاجتهاد"  والمقصود من "اجتهاد" المجلس الأعلى ومدى إلزاميته بالنسبة لمحاكم الموضوع الزجرية.    كما نعرض لتوصية المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان وما تمخض عنها من تعديل أحدث مؤخرا بقانون المسطرة الجنائية لنبدي في الأخير بمقترحات عملية في الموضوع ونختمه بخاتمة. ونشير منذ أول وهلة إلى كون الرأي الذي ندافع  عنه  بتمشى  مع  الاتجاه الذي يسلكه الفقه الجنائي ومحاكم الموضوع.
تحديد المصطلح
الاجتهاد أو الرأي هو ما يرشد إليه الذوق السليم فيما لا نص فيه. ويعرفه ابن القيم  في  الطرق  الحكمية  في السياسة الشرعية بأنه ما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب. (2)
ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح للمسلمين استعمال الرأي والاجتهاد إذا عرضت لهم مسألة  لم  يجدوا لها جوابا في القرآن والسنة. لأنه لا اجتهاد مع وجود النص. إذ أرسل الرسول معاذ ابن جبل قاضيا إلى اليمن  وقال له "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال : أقضي بكتاب الله. قال:  فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال:  فبسنة رسول الله. قال  : فإن لم تجد بسنة رسول الله ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد برأي ولا آلو.  فضرب الرسول صدره وقال:   الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله (3)".
وباب الاجتهاد لم يسد لأن خلاف ذلك معناه الانحطاط والتقهقر.

المقصود بالاجتهاد القضائي واجتهاد المجلس الأعلى ومدى الزاميته بالنسبة للمحاكم الدنيا.
 
يقصد بالاجتهاد القضائي عموما "مجموعة الحلول القانونية التي تستنبطها المحاكم بمناسبة فصلها في المنازعات المعروضة عليها". كما أن أحكام القضاء الصادرة في مسائل لم يرد بشأنها نص تشريعي تعتبر اجتهادا سواء صدرت عن المحاكم الدنيا أو عن المجلس الأعلى (4) "
هل اجتهاد المجلس الأعلى ملزم للمحاكم الدنيا؟

إن القرارات التي يصدرها بشكل متواتر أو تصدر عن أكثر من غرفة تأخذ صفة الاجتهاد إذا صدرت فيما لم يرد بشأنه نص تشريعي أو كان هذا النص مشوبا بالغموض. وهي غير ملزمة للمحاكم الدنيا التزاما قانونيا وإنما التزاما عمليا ومعنويا (5). لكن إذا حذف المجلس الأعلى في قراره نقطة قانونية خاصة تعين على المحكمة التي أحال عليها الملف أن تتقيد بقراره.

ومعلوم أن الدور الرئيسي للمجلس الأعلى يتمثل في توحيد الاجتهاد القضائي على الصعيد الوطني بجهاته القضائية وهو دور لن يكون بمقدوره أن يقوم به إلا إذا - كما أوضح رئيس المجلس - وحد اجتهاده القضائي هو نفسه فإذا تباينت الآراء القضائية وتضاربت التأويلات القانونية داخل المجلس وانعدم تناسق العمل بين غرفه وأقسامها فلن يكون ذلك إلا فشلا ذريعا لهذه المحكمة العليا إذ يؤدي حتما إلى الفوضى ويضع قضاة الموضوع في حيرة متعذرة الحل غير قابلة للتغلب عليها. كما يضع المحامين في مواقف يطبعها الاضطراب ويصبح النقض والرفض وعدم القبول وسقوط الحق رهين الصدفة والمخاطرة ومرتبطا بإحالة ملف الطعن على هذه الغرفة أو تلك وحتى على هذا القسم أو ذاك"(6).

اجتهاد المجلس الأعلى في موضوع الوضع تحت الحراسة
في قراره (7) عدد 1705 الصادر بتاريخ 1975/12/16 في القضية رقم 55/554 قضى المجلس الأعلى بأن للنيابة العامة الحق في تمديد فترة الوضع تحت الحراسة رغم بقاء المشبوه فيه بمحضر الضابطة مدة تقارب السنة لمكوثه لديها ابتداء من 1973/3/27 إلى غاية 1974/3/11.
وفي قراراته (8):

-    عدد: 860 بتاريخ 14 يوليوز 1972 قضية رقم 39047.
-    عدد: 157 بتاريخ 1973/10/26 قضية رقم 44381.
-    عدد: 1504 بتاريخ 1974/10/10 قضية رقم 40601.

- قضى المجلس الأعلى بأن "القواعد المتعلقة بالوضع تحت الحراسة لم يجعلها  القانون تحت طائلة البطلان ولا يمكن أن يترتب عنها البطلان إلا إذا ثبت أن عدم مراعاتها جعل ابحث عن الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيب في الجوهر"
وفي قرار صادر بتاريخ 1983/10/26 .

والقرار عدد 2461 الصادر (9) بتاريخ 25 مارس1986 في القضية رقم 15582.
ميز المجلس الأعلى بين خرق مقتضيات المواد 65-64-62-61 من قانون المسطرة الجنائية الخاصة بالتفتيش والمعاينة التي تجريها الضابطة أثناء البحث معتبرا أن انتهاك هذه المواد يترتب عنه البطلان لترتيب المشرع صراحة هذا الأثر وبين من جهة أخرى المادتين 69-68 من نفس القانون اللتين حددتا لضباط الشرطة القضائية المدة التي يجب التقيد بها لوضع الشخص تحت الحراسة النظرية وكيفية تقديمه إلى الجهات المختصة والتي اعتبر أن خرقها لا يترتب عنه البطلان لسكوت النص وعدم ترتيبه هذا الجزاء.

واستند المجلس الأعلى في القرار رقم 2461 أعلاه على عدة أحكام سابقة له وأعاد تذكير الدفاع"... بل إن المجلس الأعلى تجاوز كل التأويلات وقال بأن تجاوز المدة لا يمكن ان يؤدي إلى البطلان ولو تجاوزت السنة وليس هناك استثناء يمكنه حصره بالقضايا الآنفة الذكر دون هذه القضية
.
وفي هذا القرار الذي أوردنا هذه الفقرة من تعليله اعتبر المجلس الأعلى أن مبرر التصريح ببطلان إجراء الحراسة النظرية لتجاوز أمدها القانوني لا يكمن في السبب التقليدي الذي اعتاد اعتماده في تعليله والمتمثل في وجوب إثبات أن عدم مراعاة القواعد المتعلقة بالوضع تحت الحراسة جعل البحث عن الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيب في الجوهر وإنما في كونه قد يتعذر تقديم الشخص في الوقت المحدد لأسباب تتعلق بالبحث والقيام بالعديد من المعاينات موضحا أنه عند هذا العذر ينتفي أي خرق لحقوق الدفاع أو مساس بالحرية الشخصية.

وإذا كان المجلس الأعلى يعتبر أن توقيع كاتب الضبط على صك الاستئناف يعد إجراء جوهريا يتعلق بالنظام العام ويترتب على إغفاله اعتبار الإجراء كأن لم ينجز طبقا لمقتضيات المادة 765 من قانون المسطرة الجنائية فإنه لم يترتب البطلان على إغفال الضابطة إدراج إمضاء المشبوه فيه الخاضع للحراسة النظرية بالتضمين المنجز بطرة المحضر أو إشارتها إلى رفضه الإمضاء.

فقد دفع أحد المتهمين ببطلان المحضر لكونه لم يتضمن هذا الإمضاء فرد المجلس الأعلى الدفع والطعن بتعليله " لا يشترط لصحة المحضر من الناحية الشكلية والمعتمد عليه في الإثبات أن يكون ممضى عليه من طرف المتهم (10)".
وفي قراره عدد 874 الصادر بتاريخ 17 مايو 1979 في الملف الجنائي رقم 71241 قضى المجلس الأعلى (11) بأن كل دفع يتعلق ببطلان المسطرة التي أجريت سابقا وكل المسائل المتعين فصلها أوليا يجب أن تثار قبل كل دفاع في جوهر الدعوى وإلا تصبح غير منقولة لفوات أوانها طبقا للمادة 318 من قانون المسطرة الجنائية ", واوضح "ليس بالملف ما يفيد أن الطاعن أو محاميه أثار أولا أي دفع يتعلق ببطلان المسطرة لعدم احترام مدة وضع الأضناء تحت الحراسة ولعدم الإشارة إلى تاريخ تقديمهم ولعدم التوقيع على كل ورقة من أوراق المحاضر... وإنما أثير ذلك بعد استنطاق المتهمين والاستماع إلى الشهود ومرافعة النيابة العامة بعد فوات الأوان فتكون الوسيلة والحالة هذه غير مقبولة".

هل غير المجلس الأعلى من موقفه؟ لا نرى ذلك. كل ما في الأمر أنه في القرار (12) رقم 6846 الصادر بتاريخ فاتح نونبر 1983 في الملف الجنائي 17196 قضى أنه لا يمكن لمحكمة الموضوع أن تستبعد محضر الضابطة لتجاوزه مدة الحراسة النظرية ثم تعمله من جهة أخرى وتبني عليه قناعتها وكان تعليله كالتالي: " يجب ان يكون كل حكم معللا من الناحية الواقعية والقانونية وإلا كان باطلا وأن نقصان التعليل يوازي انعدامه. لما لاحظت المحكمة أن مدة حراسة المتهم النظرية عادت وأدانت المتهم بناء على اعترافه الوارد في المحضر المذكور تكون قد بنت قضاءها على علل متناقضة مما يجعل حكمها ناقص التعليل يوازي انعدام".

وفي قراره رقم 1317 الصادر (13) بتاريخ 7 مارس 1983 قضى بأنه يجب على المحكمة الإجابة على الدفع الشكلي المثار أمامها بهذا الشأن والذي ضمته للجوهر وذلك تحت طائلة النقض. وكان تعليله على هذا النحو: "يجب أن يكون كل حكم معللا من الناحيتين الواقعية والقانونية وإلا كان باطلا وأن عدم الجواب على مستنتجات الأطراف ينزل منزلة انعدام التعليل. لما أفاد محضر الجلسة الصحيح شكلا أن الطاعن قد أثار أمام المحكمة الدفع ببطلان محضر الضابطة القضائية وأن المحكمة قد ضمت هذا الدفع إلى الجوهر إلا أنها اعتمدت في إدانتها الطاعن على التصريحات الواردة في ذلك المحضر دون أن تجيب على الدفع مما عرض حكمها للنقض.

وبذلك تبقى القاعدة لدى المجلس في اجتهاده متواتر له أن عدم ترتيب البطلان على محضر الضابطة عند تجاوزه لأمد الحراسة النظرية مرده عدم ترتيب المشرع صراحة لهذا الأثر.
لكن هل يساير الفقه بالمغرب هذا الاتجاه وهل تأخذ به محاكم الموضوع الزجرية؟

    موقف الفقه
انتقد الفقه بشدة هذا الاجتهاد, ويتزعم طائفة النقد الفقيه الأستاذ الخمليشي الذي يرى أن " القواعد الراسخة في المرافعات الجنائية تقضي بأن الأحكام المنظمة لحقوق الدفاع ومنها الخاصة بالحرية الشخصية تعتبر من الإجراءات الجوهرية وأن النصوص المنظمة لها هي نصوص آمرة ومتعلقة بالتالي بالنظام العام (14) " يترتب عن الإخلال بها وجوبا البطلان, ويستشهد بالمادة العاشرة من الدستور وبمقتضاها أن كل إخلال بالإجراءات التي يخصها القانون للحرية الفردية يعتبر مخالفة للدستور.

ويرى أن اعتقال المشبوه فيه يكون عندئذ اعتقالا تحكميا (15) معاقبا بموجب المادة 255 من القانون الجنائي بالتجريد من الحقوق الوطنية. كما يرى أن ما قرره المجلس من أن البطلان "يمكن أن يترتب على خرق أحكام الوضع تحت الحراسة "إذا ثبت أن عدم مراعاتها جعل البحث عن الحقيقة وإثباتها مشوبين بعيوب في الجوهر" إنما يعد "كلاما نظريا" متسائلا أنه إذا كان الاعتقال التحكمي الذي يعد جناية لا يعيب البحث التهميدي, ما هي الوقائع والمخالفات الأخرى التي قد تعتبر عيوبا في الجوهر تؤثر على سلامة الإجراءات (16)" واستخلص الأستاذ الخمليشي أن على المحكمة أن تثير من تلقاء نفسها بطلان المحضر المنجز من لدن الضابطة ولو لم يثر ذلك المتهم وتستبعد ما يتضمنه من أدلة وفي مقدمتها ما تضمنه من اعترافات.
ويجد رأي الأستاذ الخمليشي صدى له لدى بعض الباحثين (17) وفي مرافعات الماحمين في دفوعهم الشكلية المثارة بهذا الصدد.

وهناك من يرى أن إجراءات الحراسة النظرية يجب النظر إليها لا من زاوية شكلها فحسب وإنما في ماهيتها ومضامينها وبأن "دولة القانون لها أجهزة ترعى حقوق الإنسان ومن أهم هذه الحقوق حريته. والقضاء هو اول جهاز يسهر على حماية الفرد من التعسف. وأن جوهر الإجراء أقوى من شكله ولو دون اشتراط تنصيص القانون صراحة على البطلان (18)
كما يرى البعض ممن كتب في مادة المسطرة الجنائية الفرنسية التي استمد منها المشرع المغربي الكثير "أن جميع الشكليات التي أحاطها المشرع باللجوء إلى الحراسة النظرية يجب أن يترتب عن الإخلال بها بطلان المسطرة والإجراءات للمساس الذي لحق الحرية الفردية بشكل جسيم (19) ".

وينتقد هذا الرأي بشدة اجتهاد الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض الفرنسية التي لا ترتب جزاء البطلان عن الإخلال بشكليات الحراسة النظرية وتجاوز مدتها والتي استمد منها المجلس الأعلى اجتهاده موضوع هذه الدراسة.
وهناك كتابات (20) أخرى لم تخل من التنبيه إلى الخطر الفادح الذي يمكن أن يمس الحرية الفردية في حالة ترك السلطة التقديرية لضباط الشرطة القضائية وعدم ترتيب البطلان كجزاء على خرق القواعد المنظمة للوضع تحت الحراسة.

اجتهاد محاكم الموضوع
هل سايرت محاكم الأساس الزجرية اجتهاد المجلس الأعلى في مادة الوضع تحت الحراسة؟ لا نرى ذلك.
ففي قرارات هامة اعتبرت محاكم الموضوع أن تجاوز الضابطة للمدة المقررة للحراسة النظرية يشكل خرقا صريحا لمقتضيات المادتين 82-68 من قانون المسطرة الجنائية ورتبت عليه البطلان تأسيسا على مقتضيات المادة 765 من قانون المسطرة الجنائية الصريحة في التنصيص على أن كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأن لم ينجز.

ومن هذه القرارات المنشورة نذكر :
(1 قرار الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف بالرباط (21) عدد 78-317-324 الصادر بتاريخ 78/4/28 والذي اعتبر أن خرق مقتضيات الفصل 82 من قانون المسطرة الجنائية الذي تعتبر مقتضياته جوهرية يعرض محضر الضابطة للبطلان والذي يعتبر كأن لم ينجز طبقا للمادة 765 من نفس القانون.

(2 القرار الصادر عن محكمة العدل الخاصة بالرباط (22) بتاريخ 1980/3/22 في القضية الجنائية عدد 607 والذي تضمن "بناء على الفصل 82 من قانون المسطرة الجنائية كما تم, حيث أنه بمقتضى الفصل المذكور إذا كان البحث التمهيدي يدعو ضابط الشرطة القضائية إلى إبقاء شخص رهن إشارته أكثر من 96 ساعة والحال أن المر يتعلق بجناية فإنه يجب تقديمه إلى وكيل الملك قبل انتهاء هذا الأجل ويجوز لوكيل الملك منح إذن كتابي بتمديد ذلك الأجل 48 ساعة أخرى. وحيث ثبت من مراجعة محضري استنطاق المتهمين... لدى الشرطة أن هذين الأخيرين بقيا تحت الحراسة النظرية من 1974/10/12 على الساعة 5 مساء إلى 1974/10/19 على الساعة التاسعة باعتبار تمديد من وكيل الملك لمدة 48 ساعة مما يكون معه المحضران المشار إليهما معيبين شكلا ويتعين عدم الأخذ بهما". واستند القرار على المادة 765 من المسطرة الجنائية.

(3 الحكم التمهيدي عدد: 80/85الصادر بتاريخ 1980/1/17 عن المحكمة العسكرية بالرباط (23) في القضية رقم 79/1255/1645 والذي يعد بعد أن عاين أن مدة الوضع تحت الحراسة التي أخضع لها المهتمون تجاوزت المدة القانونية وأن طلبات التمديد ليس بها ما يفيد موافقة وكيل الملك ولا توقيعه عليها, استخلص القرار " وحيث أنه بمقتضى الفصل 765 من قانون المسطرة الجنائية فإن كل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأن لم ينجز.

وحيث يتجلى مما ذكر أن قدر اعتقال المتهمين تجاوزت الحد المسموح به قانونا الشيء الذي يزيل عن المحضر كل صبغة قانونية وبالتالي يتعين إبعاده من المناقشات وعدم النظر إلى ما تضمنه من معلومات. وحيث أن كل حالة التلبس التي قدم بها المتهمون لم يبق لها موضوع للأسباب المذكورة أعلاه مما يستوجب إطلاق سراحهم ومحاكمتهم مسرحين".

(4 قرار الغرفة الجنائية لمحكمة الاستئناف ببني ملال (24)رقم 89/228 بتاريخ 89/10/27 في الملف الجنائي عدد 89/271, والذي استند على القرارين الصادرين أعلاه عن غرفة الجنايات بالرباط ومحكمة العدل الخاصة وأشار أيضا إلى حرص المشرع على التنصيص في مشروع المسطرة الجنائية على الحفاظ على الحرية الفردية قبل صدور قانون المسطرة الجنائية..." كما قرر أن تمديد فترة الوضع تحت الحراسة لا يمكن أن  يجري بواسطة الهاتف لعدم اندراجه ضمن الإذن الكتابي الذي تستلزمه المادة 68 من قانون المسطرة الجنائية.

(5 القرار الصادر حديثا عن غرفة الجنايات باستئنافية الرباط (25) بتاريخ 1992/1/15 في الملف رقم 89/542-551 والذي استند على القرار الصادر عن استئنافية بني ملال أعلاه رقم 89/228 والذي اعتبر أيضا أن :
8    افتقاد المحاضر للشكليات الأساسية يجعل مبدأ الاستئناس بها في مادة الجنايات ينهار وتنعدم صلاحيته وتصبح غير قابلة للاطمئنان إليها والركون إلى مضامينها واستخلاص القناعة على ضوئها.
9    أن القضاء بوصفه ضامنا للحقوق والحريات يثير ولو من تلقاء نفسه عدم صحة سلامة الإجراءات في حالة خرق قواعد الحراسة النظرية بالنظر إلى الحرمان من الحرية "وذلك تمشيا مع الروح والفلسفة ذاتها لقانون المسطرة الجنائية المغربي الذي يعد مدونة للحريات ومن أهدافه حسبما أوضحه المشرع صراحة في مشروع قانون المرافعات الجنائية:
10    تأمين عقاب فعال وحماية المواطنين مما يقترف من خطأ او شطط.
11    ضمانة الحريات.
12    ولأن مسطرة من هذا النوع هي وحدها التي تليق ببلد حر".   
تقييم اجتهاد المجلس الأعلى
للإنصاف نقول إن موقف الفقه الجنائي بالمغرب يساير موقف الفقه "المقارن" عموما وللإستشهاد:

13    فالدكتور جلال ثروت (26) بعد ان عرف محضر الضابطة بأنه وثيقة خطية يحررها أحد مأموري الضابطة القضائية أو من يقوم مقامه لدى علمه بالجريمة, أوضح أن هذا المحضر لكي يصبح ذا قيمة ثبوتية لا بد أن يستوفي شرائط صحته شكلا وموضوعا.

14    والدكتور عاطف النقيب (27) بعد أن عرف المحاضر Les procès verbaux بأنها الأوراق التي يحررها موظفو الضابطة القضائية أو الموظفون المختصون بما يشاهدون من جريمة وبما يقوم عليها من أدلة أو بما يقفون عليه من ظروف وبما يعملونه من فاعلها (28), أوضح أن طبيعة بعض القواعد الأصولية  " أي المسطرية - الإجراءات " بما لها من ارتباط بالنظام العام أو بحقوق الدفاع أو بالحريات التي كلفها الدستور تفترض أن الإخلال بها يجر إلى الإبطال وغن لم يورد القانون نصا صريحا عليه". وأضاف " وبالاستناد إلى المبادئ العامة وإلى الأسس التي تقوم عليها حقوق الدفاع وحريات الأفراد(29) ... وإلى القواعد المتعلقة بالصلاحية وبتشكيل السلطات الجزائية ينبغي اعتبار أن الإخلال بهذه القواعد يعرض الإجراءات للإبطال". واستخلص (30) " إن أحوال البطلان لم تحدد على سبيل الحصر وأنه يقتضي النظر إلى كل قاعدة أصولية " مسطرية إجراءات " وإعمال الفكر في أحكامها وتقليبها على أوجهها لمعرفة ما إذا كانت من القواعد الجوهرية ويمكن لهذه الغاية الاستعانة بآراء القه واجتهاد المحاكم. واجتهاد المحاكم يتوسع في تفسير الأصول الجزائية.

15    ومعظم الفقهاء (31) المختصين انتقدوا بفرنسا وبشدة هذا الاجتهاد الضيق restrictif لمحكمة النقض الفرنسية والذي تأثر به قاضي النقض المغربي إذ يلح البعض على أن شكليات الحراسة النظرية تعد ضرورية لحماية الحرية الفردية بينما يركز البعض على الروابط التي تربطها بحقوق الدفاع...

ذلك أن محكمة النقض الفرنسية سعت في اجتهادها بخصوص المسألة التي نحن بصددها سنة 1959 إلى تجنب الخوض في هذه الإشكالية باعتمادها المبدأ التقليدي المتمثل في رد الطعن المؤسس على وسيلة يختلط فيها الواقع بالقانون. وفي قرار مبدئي صادر سنة 1960 اعتبرت أن شكليات الحراسة النظرية ليس لها أي طابع جوهري les formalités de la garde à vue n 'ont pas un caractère substentiel.

وقررت أن القواعد المشار إليها بالمادتين 64-63 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي الخاصة بالحراسة النظرية لا يتلاتب على عدم احترامها البطلان ما لم يثبت أن البحث وإثبات الحقيقة شابهما عيب جوهري: lorsqu'il n'est pas démontré que la recherche et l'établissement de la vérité s'en sont trouvés viciés fondamentalement. معتبرة أن الإخلال قد تترتب عنه المسؤولية الجنائية للضابط (32).

ومن الفقهاء (33) الذين انتقدوا بفرنسا هذا الاجتهاد نذكر أيضا:
Stéfani - Levasseur et Bouloc
وإذا كان اجتهاد المجلس الأعلى متطابقا مع اجتهاد محكمة النقض الفرنسية من حيث عدم ترتيب جزاء البطلان على المخالفات المفترقة أثناء الوضع تحت الحراسة فإن هناك فوارق تجب ملاحظتها:

-    يرى البعض أنه في معظم الحالات تقوم الشرطة والدرك بفرنسا باحترام الالتزامات الملقاة على كاهلها (34).

-    التدخل والمراقبة المستمرة عمليا لقضاة النيابة العامة بفرنسا بمناسبة تمديد فترة الحراسة مما يضع حدا في كثير من الحالات لهذا الوضع او يترك المشبوه فيه في حالة سراح.

-    إن مدة الحراسة النظرية بفرنسا أقل من المدة التي تضمنها قانون المسطرة الجنائية المغربي. فبغض النظر عن حالة الاتجار أو استعمال المخدرات التي يمكن أن تصل المدة بخصوصها أربع أيام فإن القاعدة العامة بالقانون العام الفرنسي أن الحراسة النظرية لا يمكن أن تتجاوز 24 ساعة يمكن تمديدها مدة متساوية أي 24ساعة أخرى بترخيص كتابي من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق عندما يتدخل هذا الأخير (35).

-    يتم اللجوء عمليا بفرنسا إلى الحراسة النظرية إذا تواجدت ضد المشبوه فيه قرائن خطيرة متسقة ومتطابقة من طبيعة من شأنها أن تحرك اتهامه.

-    أن الحراسة النظرية محاطة بقانون المسطرة الجنائية الفرنسي بقدر وعدد من الشكليات الإضافية من حيث مدة الاستماع وفترة الاستراحة التي تتخلل هذا الاستماع بداية ونهاية.

-    الفحص الطبي للشخص الخاضع للحراسة النظرية يمكن أن يأمر به في فرنسا وكيل الجمهورية خلال مدة 24 ساعة الأولى وإذا تم تمديد هذه المدة وطلب المشبوه فيه إجراء الفحص الطبي فإنه يؤمر به حتما وبقوة القانون (36).
-    وبفرنسا أيضا قدمت الحكومة مشروعا للبرلمان يرمي إلى تعديل قانون المسطرة الجنائية الفرنسي من ملامحه:
-    إحداث هيئة قضائية جماعية collegiale لتقرير الوضع رهن الاعتقال الاحتياطي وتمديده.
-    العمل الجماعي لقضاة التحقيق.

-    تعديل إجراء الحراسة النظرية إذ يقترح المشروع تحديد معيار شرعي للوضع تحت الحراسة وإمكانية إخضاع المشبوه فيه منذ بداية هذا التدبير وقبل الاستماع إليه إلى الفحص الطبي (37). كما يستهدف هذا المشروع ضمان الحريات واحترام المساواة وقرينة البراءة وحقوق الدفاع واعتبر خطوة جديدة في ميدان الحريات (38).

-    توصية المجلي الاستشاري لحقوق الإنسان
    إن الشرطة القضائية تمثل مساعدا هاما وحيويا للعدالة الزجرية تتدخل قبل فترة التحقيق الذي يجريه القضاء لإنارة النيابة العامة ببحثها وتحرياتها كما تتدخل حتى عند التحقيق القضائي للقيام بنتفيذ الانتدابات. ونظرا لهذا الدور الحيوي الذي سبق مرحلة المحاكمة فإن النقد ينصب أحيانا بشدة على مرحلة "البحث التمهيدي" الذي تجريه الضابطة لما تتوفر عليه من صلاحيات أخطرها الوضع تحت الحراسة سيما امام سكوت المشرع عن ترتيب الجزاء عند خرق القواعد المنظمة له. وقد انصب النقد فعلا بالمغرب على التعديلات التي أحدثها ظهير1962/9/18 والتي اعتبرت بمثابة تراجع عن بعض المكتسبات والضمانات التي تضمنها أصلا قانون السطرة الجنائية سيما في موضوع الحراسة النظرية الذي يهمنا هنا اعتبار أن تلك التعديلات عمدت إلى الرفع من مدة الوضع تحت الحراسة.

    وبالفعل فإن أي سلطة كيفما كانت يطلق لها العنان إلا وتصبح حمقاء, كما أن الاعتقال في ظروف سيئة قد يشكل بداية مختبر للإعتراف. والمشرع المغربي يشير في مشروع قانون المسطرة الجنائية الحالية إلى العسف الذي كان يقترف تحت ستار تدبير الحراسة النظرية قبل صدور قانون المسطرة الجنائية. وحتى بالدول التي توصف تشريعاتها عادة بالراقية كم استغلت فترة الوضع تحت الحراسة لانتزاع الاعترافات بالقهر وانتهاك الحرية الفردية. ففي بريطانيا أجريت سنة 1949 استنطاقات دامت 40 ساعة. كما أن بعض المحققين لم يترددوا في اللجوء إلى نوع من الحراسة النظرية او الاعتقال عند الشبهة إو الاعتقال لتلقي المعلومات وذلك بقصد القيام باستنطاق "حقيقي" véritable (39).
    لقد كان منطقيا أن يبادر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عند تأسيسه إلى رفع مقترحات في شكل مذكرات إلى جلالة الملك. وقد تضمنت مذكرة المجلس الثالثة الخاصة بالوضع تحت الحراسة عدة توصيات منها(40):
-    تدريس مادة حقوق الإنسان وخاصة المعاهدات والمواثيق الدولية بالمعاهد الوطنية ومنها معهد القضاة.
-    دعوة النيابة العامة إلى ممارسة اختصاصها بتسيير أعمال ضباط الشرطة القضائية وأعوانها بما في ذلك التوجيه والإشراف والتفتيش الميداني.
-    تحسين ظروف إقامة الأشخاص المحتفظ بهم لدى الشرطة القضائية بتوفير مكان صحي وغذاء مناسب.
-    الأمر بإجراء تشريح طبي كلما وقعت حالة وفاة أثناء الوضع تحت الحراسة وتحريك الدعوى العمومية إذا قامت قرائن على أن حالة الوفاة تمت في ظروف مشبوهة.
-  ولاحظ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في هذه المذكرة الثالثة" أن بعض التجاوزات والخروق المقترفة في هذا الشأن ليست سياسة عامة ممنهجة systématique بل حالات يمكن تلافيها بالمواكبة المراقبة والجزاء .

    تعديلات قانون المسطرة الجنائية
    إن مشروع القانون الذي قدمته الحكومة للبرلمان تبعا لتوصيات المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان انصب بصفة أساسية على المواد 154-127-82-76-69-68 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 2 من ظهير الإجراءات الانتقالية والفصل 17 من قانون المسطرة الخاصة. وهي مواد كانت تثير النقاش وينصب عليها النقد. وقد تم التصويت على ذها المشروع بالبرلمان بالاجماع بتاريخ 1991/04/25 ومن ملامحه (41) بالنسبة للموضوع الذي يهمنا:

    (1 تخفيض مدة الوضع تحت الحراسة:
-    بالنسبة للوضع تحت الحراسة عند الإخلال بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية فإن المدة أصبحت 96 ساعة يمكن تمديدها مرة واحدة بإذن كتابي من لدن ممثل النيابة العامة.
-    بالنسبة للجرائم العادية كانت مدة الحراسة النظرية حسب ظهير 18 شتنبر 1962 محددة في 96ساعة تمدد 48 ساعة لكن بموجب التعديل الجديد تم تخفيظها إلى النصف.
-    إلزامية إشعار الضابطة فورا لعائلة المحتفظ به تحت الحراسة.
-    توجيه قائمة تضم الأشخاص الذين تم إخضاعهم للحراسة النظرية حلال الأربع وعشرين ساعة السابقة يوميا إلى النيابة العامة.
-    وجوب تقديم المتهم إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ اعتقاله واستنطاقه من طرف النيابة العامة.
-    إمكانية تقديم المتهم إلى المحكمة حرا عند تقديم ضمانة مالية أو شخصية.

(2 إلزامية قيام وكيل الملك بعرض المتهم على الفحص الطبي بواسطة طبيب خبير إذا طلب منه ذلك أو عاين آثار تبرر ذلك ونفس الالتزام يتقيد به قاضي التحقيق.

(3 مؤازرة المتهم من طرف محام أثناء استنطاقه من طرف النيابة العامة وخلال الاستنطاق الابتدائي الذي يجريه قاضي التحقيق.

    مقترحات عملية:
    (1 الحماية الدستورية للحرية الشخصية:
    إن المغرب مقبل على إجراء استئناف حول مشروع الدستور (42) وهي مناسبة ثمينة نرى أنه يتعين استغلالها للتنصيص به على نظرية متماسكة حول الحرية الشخصية وتضمينه بعض قواعد الإثبات الزجرية برفعها على مصاف القواعد الدستورية حتى لا يطالها المشرع العادي بالتنقيح وفق مشيئته وذلم إسوة بالمادة 41 من الدستور المصري سنة 1971 والتي تنص على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد او منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي
.
وكالمادة 42 من الدستور المصري التي تنص على أن "كل مواطن يقبض عليه أو يحبس او تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أومعنويا كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شيء مما تقدم او التهديد بشيء منه يهدر ولا يعول عليه
.
مع العلم أن القانون المصري رقم 37 لسنة 1972 أضاف فقرة جديدة إلى نص المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية نصها " ... كما تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معويا" وأضاف فقرة جديدة للمادة 126 من قانون العقوبات نصها " ولا تنقضي الدعوى الجنائية الناشئة عن هذه الجريمة بمضي المدة". وبذلك يكون الدستور المصري لم يكتف بالاعتراف للمواطن بحريته الشخصية وإنما أحاط هذه الحقوق بسياج من الحماية الجنائية التي تكفل احترامها (43) وهو موقف قمين بأن يحتدى به.

    (2 تدخل المشرع في قانون المسطرة الجنائية لتضمينه نظرية متماسكة حول المحاضر التي تنجزها الضابطة وحجيتها وصياغتها... ويمكن اقتراح:
-    أن يكون المحضر محررا باللغة العربية ومؤرخا وموقعا عليه من قبل محرره الذي يجب أن يكون مختصا بتحريره نوعا ومكانا.
-    أن تدرج به الشهادات الحسية الوقائع.
-    ان تدون فيه بكل صدق وأمانة إفادات الأشخاص.
-    أن تكون صياغته بإنشاء واضح ودقيق وأن تسرد فيه الوقائع خالية من أي تفسير خارج عن الموضوع.
-    أن يتضمن كل الدلائل التي من شأنها ان تنير السلطة الرسمية المرسل إليها عن هوية الأشخاص الذين ضبطت إفادتهم وسوابقهم القضائية ومستواهم العلمي.
-    تضمينه أشكال الأشخاص الخاضعين للحراسة وأوصاف الأدوات والأشياء المحجوزة (44).
-    تحديد مدة الاستماع إلى الشخص الخاضع للحراسة وفترة الاستراحة التي تتخلل فترة الاستماع بداية ونهاية.
-    التنصيص على إماكنية إحالة ممثل النيابة العامة للشخص الخاضع للحراسة النظرية على الفحص الطبي كلما رأى ضرورة ذلك أو بناء على طلب من أسرة المعني أو من الشخص نفسه.
-    ترتيب جزاء البطلان على الإخلال بقواعد الوضع تحت الحراسة إذ الهدف من تحديد مدة الحراسة النظرية بكل دقة مكانا وزمانا ترمي من ورائه التشريعات تفادي الاعتداء الذي يمكن أن يهدد حرية الأفراد في سلامتهم البدنية والذهنية.
- لقد تضمن مشروع مراجعة دستور 1992 المعروض على الاستفتاء الشعبي في تصديره تعهد المغرب بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات واكد تشبته بحقوق الإنسان كما هي متعارفا عليها عالميا وهو ما يجعل هذه المواثيق تتسم بطابع الإلزام والسمو la suprématie تجاه القانون الداخلي المغربي نرى أنه يمكن الاقتداء بالدستور الجزائري  الحالي بتضمين الدستور مقتضيات " تحظر أي عنف بدني أو معنوي وعلى معاقبة القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى ما يمس سلامة الإنسان البدنية والمعنوية.... وعدم حجز أي مطبوع أو تسجيل إلا بأمر قضائي وعدم انتهاك حرمة المسكن إلا بأمر مكتوب صدار عن السلطة القضائية... والتنصيص بالدستور نفسه على حقوق الشخص المعتقل بتحديد آجال الاعتقال قانونيا والاتصال بأسرته وحقه في الفحص الطبي(45)...

    خاتـمة:
خير ما نختم به كلمة الأستاذ عاطف النقيب لها دلالتها ولا تحتاج لأي تعليق:
إن الوضع تحت الحراسة يقتضي دون ضرورة التنصيص على ذلك صراحة بنص:
(1 أن تتوفر في الضابط المزايا والأخلاق حتى لا يحول العمل عن غياته الأساسية أو يسخره لغايات مشبوهة أو
    يجعله وسيلة للتعدي على الحريات.
(2 أن تجتمع في ممثل النيابة العامة الحكمة والاستقلال والعلم حتى تؤمن العدالة والحرية ويحد من حجز الحرية ولو
     لفترة وجيزة فيراقب تدبير الضابط العدلي في احتجاز المشبوه فيه.
(3 أن لا يستمر هذا التدبير إلا بقدر ما يقتضيه من وقت لإحضار المشبوه في إلى دائرة النايبة العامة.
(4 أن يكون الجرم من حيث طبيعته ووقعه على المجتمع والمصلحة العامة ووضع فاعله وخطورته وماضيه في
    الإجرام تتطلب بصورة موضوعية هذا الإجراء دون أن يكون للأهواء الشخصية أثرها فيه.
(5 أن لا ترافقه تصرفات تعسفية لا تتفق مع الغاية التي أوحت به وأجازته في التعامل".

الأستاذ عبد الصمد الزعنوني
مستشار باستئنافية الرباط

 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع