القائمة الرئيسية

الصفحات


  أولا:ـ المادة 3 المتعلقة بدور النيابة العامة في قضايا الأسرة.
نصت المادة 3 من مدونة الأسرة على ما يلي:"تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا  الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة".
فقد ثار نقاش حاد بين فقهاء القانون بخصوص هذه المادة،حيث ذهب  البعض  إلى اعتبارها طرفا أصليا حسب ما يفيده منطوق المادة،أي يمكن أن تكون مدعى عليها كما يمكنها أن تكون مدع،فتنتصب طرفا أصليا في القضية.  ومن الفقهاء من اعتبرها  طرفا منضما وهي بهذه الصفة لا تكون خصما لأحد،وإنما تتدخل لتبدي رأيها في الواقعة المعروضة على أنظار القضاء،ولمصلحة القانون والعدالة.لكن يمكنها أن تكون طرفا رئيسيا إذا أعطاها القانون الحق في ممارسة الدعوى بصفة رئيسية،وفق أحوال حددها القانون حسب ما نصت عليه المادة 6 من قانون المسطرة المدنية(1).
وبالرجوع إلى المادة 8 من نفس القانون نجدها تنص على أن النيابة العامة: "تتدخل ...كطرف منظم في جميع القضايا التي يأمر القانون بتبليغها إليها..".
ومن ضمن القضايا التي يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة القضايا المتعلقة بالأسرة حسب ما نصت عليه الفقرة 2 من المادة 9 من ق.م.م([1]).
ثانيا:ـ المادتان:20 و44(الإذن بزواج القاصر وبالتعدد):
الملاحظة:ـ الأولى وتتعلق بالمادة 20 التي منحت للقاضي السلطة التقديرية في الإذن بزواج القاصر بشرط أن يثبت له امكانية الزواج عن طريق الخبرة الطبية،أو بعد أن يطلع على تقرير المساعدة الإجتماعية. وهنا أسجل ملاحظتين فرعيتين:
الأولى وتخص طلب الخبرة، فالعمل القضائي لم يستقر بعد على معنى الخبرة المطلوبة.
الثانية: أين هي المساعدة الاجتماعية أخذا بعين الاعتبار رغبة زواج الفتاة البدوية القاصر؟وأين هو المرسوم القانوني الذي قالت وزارة العدل أنه سيخرج عما قريب إلى الوجود؟وما هو الإطار القانوني الذي سينظم مهنة تلك المساعدات؟
أما الملاحظة الثانية فتخص الطعن في مقرر رفض الإذن بزواج القاصر ورفض الإذن بالتعدد،إذ تنص المادة 20 من مدونة الأسرة على أن :"لقاضي الأسرة المكلف بالزواج،أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الرشد...وأن مقرره غير قابل لأي طعن...".
وتنص المادة 44 من نفس القانون على أن:"للمحكمة أن تأذن بالتعدد بمقرر معلل غير قابل للطعن".
فمن خلال المادتين المذكورتين يتضح أن المقرر الصادر عن القاضي فيما يخص عدم منح الإذن بتزويج القاصر وكذا عدم إعطاء الإذن بالتعدد لا يقبلان أي طعن.
لكن السؤال الذي يثور هنا في حالة الرفض، هل يقبل المقرران الطعن بالاستئناف أم لا؟
للجواب على هذا السؤال فقد ذهب بعض الفقهاء إلى الاعتراف بإمكانية الطعن بالاستئناف في مقرر رفض الإذن،وذلك داخل أجل 15 يوما.
ثالثا:ـ المادة 22:
إذا منح القاضي للقاصر الإذن بالزواج،ثم بعد العقد،تم حل ميثاق الزوجية سواء عن طريق الطلاق أو التطليق،فهل يلزم الممنوح له الإذن بالزواج،أن يطلب من القاضي إذنا ثان أم يكفي الإذن الأول فقط؟
في نظري يكفي الإذن الأول فقط قياسا على الحكم بترشيد القاصر.
رابعا:المادتان:20 و 41 في علاقتهما بالمادة  156:
المادة 20 تمنع زواج القاصر،والمادة 41 تمنع التعدد،وكلاهما مقرونان بمنح الإذن من القاضي للراغب في الزواج.
لكن يمكن التحايل على القضاء وإرغامه على إعطاء الإذن بتوثبق عقد الزواج،بحيث يمكن للمتزوج أن يخطب ويقيم الوليمة ويشهر الزواج ثم يدخل بزوجته وينتج عن ذلك حمل،ثم يلجأ كل من الزوج والزوجة إلى المحكمة ويطلبان الإذن لهما بكتابة عقد الزواج استناد إلى أحكام المادة 156  التي تنص على إلحاق نسب المولود في مرحلة الخطوبة إذا نتج الحمل أثناء الخطوبة،واشتهرت بين أفراد الأسرة.
وللإشارة فإن غموض السلطة التقديرية الموكولة لقضاة الأسرة المكلفين بالزواج في حال الإذن بالزواج دون سن الأهلية المنصوص عليها في المادة 19 كحد أدنى للزواج،حيث يربطها بعض القضاة بظهور علامات البلوغ،والبعض ببلوغ الفتاة سن 17 سنة،فإن هذا التضارب جعل أن نسبة  الأذونات الممنوحة لزواج القاصر بلغت في بعض أقسام قضاء الأسرة مثل مدينة الدار البيضاء نسبة % 187, من مجموع ملفات الزواج.فقد تم تزويج 300 فتاة قاصر خلال سبعة أشهر الماضية(من فبراير  إلى شهر شتنبر) وهذا الرقم مرشح للزيادة ونحن أمام رهان تصفية جميع الملفات العالقة المعروضة على أنظار المحاكم خلال 4 سنوات القادمة،حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 16.
وإن من شأن الاعتراف بشرعية "نسب المولود للخاطب  في حال عدم إنكاره من قبل هذا الأخير،فإن المصالح الإدارية من مستشفيات الولادة وضباط الحالة المدنية ملزمون بقوة القانون بتضمين اسم المولود واسم والده الخاطب دون المرور عبر المحكمة مادام ليس هناك نزاع،حيث قد يقع تمرير عدة حالات ذات طابع شرعي بناء على هذه الوسيلة ومن ثم قد لا تتحقق إرادة المشرع بتاتا.
وهي نفس الحيلة التي يمكن أن يسلكها من يرغب في التعدد ضدا على إرادة المشرع"([2]).
خامسا:ـ المادة 45 مدى ارتباط مسطرة التعدد بمسطرة الشقاق.
جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 45 من مدونة الأسرة ما يلي:" فإذا تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها،ولم تطلب التطليق طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97".
الإشكال الذي يثور هنا إنما يتعلق بكيفية تحول المسطرة من الإذن بالتعدد إلى مسطرة الشقاق تلقائيا أو بناء على طلب الزوجة؛فهل يفتح ملف ثان ؟أم يحتفظ بملف واحد ويحال على شعبة الطلاق؟علما أن الأمر يتعلق بحالتين اثنتين،الأولى تستلزم تقديم طلب من الراغب في التطليق،والثانية تتم تلقائيا في حالة عدم قبول الزوجة للتعدد وعدم مطالبتها بالتطليق.
ثم المادة 45 تعطي الحق للزوجة إذا لم ترغب في أن يعدد عليها زوجها أن تطلب التطليق،وعلى المحكمة أن تأمر الزوج أن يضع جميع مستحقات الزوجة ونفقة الأطفال داخل سبة أيام وإلا تم رفض الإذن له بالتعدد.
وهنا نتساءل كيف يرغم الزوج على صرف أمواله على الزوجة التي لم ترغب في الاستمرار معه،وهو يريد الحفاظ على بيت الزوجية الأول بدل أن يلجأ إلى مسطرة الطلاق وهو لا يرغب فيه؟
سادسا:ـ زواج وطلاق المهاجرين المغاربة .
من المشاكل التي يمكن أن تعترض الجالية المغربية بخصوص إبرام عقود الزواج،هو استحالة احترام  ضابط الحالة المدنية لدولة المهاجر المغربي فيما يتعلق بشرط حضور شاهدين مسلمين،وذلك لعدم اعتداد البلد المضيف بكل ما من شأنه أن يكرس قانونا قد يحيل إلى سند ديني أو عرفي أو جنسي.ذلك أن القضاء في الدول الأروبية أصبح ملتزما أكثر بالمقتضيات القانونية المتفرعة عن  الاتفاقيات الدولية،وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الانسان،وبالاتفاقية الدولية لمحاربة مختلف أشكال التمييز.
ثم إن المادة 15 اشترطت على المغاربة المقيمين بالخارج والذين أبرموا عقود الزواج طبقا لقانون البلد الذي يوجدون فيه أن يودعوا نسخة من  تلك العقوق بالمصالح القنصلية التابع لها محل الإقامة داخل أجل ثلاثة أشهر من تاريخ إبرامه،وفي جميع الأحوال يجب أن تصل نسخة من إلى الوزارة المكلف بالشؤون الخارجية داخل سنة.
والسؤال الذي يثور هنا ما الحكم إذا مضى هذا الأجل ولم يتم إيداع نسخة منه في المصالح المختصة،هل نكون هنا أمام عقد باطل أم أمام عقد قابل للإبطال؟وهل هذا الأجل هو أجل تقادم أم أجل إسقاط؟
في اعتقادي يكون العقد قابلا للإبطال لأنه تنقصه الشكلية فقط، ولا يتقادم بمضي هذه المدة،قياسا على أحكام ثبوت الزوجية المنصوص عليها في المادة 158.
ب:ـ أما ما يخص طلاق المهاجرين فيلاحظ من خلال قراءة في  المواد 78 إلى 93 المتعلقة بالطلاق وأنواعه هو إغفال المشرع المغربي الحديث عن مسطرة الطلاق بالنسبة للمهاجرين المغاربة،فإذا كان قد تحدث عن مسطرة الزواج وبسط المساطر الإدارية في ذلك ،فإنه لم يتعرض إلى كيفية إجرائهم الطلاق،مما ينبغي معه تدارك الأمر على تطرح صعوبات عملية في وجههم.
والإشكال نفسه يبرز عندما يتعلق الأمر بالاختلاف في كيفية إيقاع الطلاق بين الزوج والزوجة؛فإذا كان الأصل أن الطلاق يقع من الزوج،وأن الزوجة لا يمكنها أن تطلب الطلاق إلا إذا ملكها الزوج ذلك في عقد الزوجية،وإلا حق لها المطالبة بالتطليق إذا توفرت شروطه كعدم الإنفاق أو لغيبة الزوج أم لعيب أو أخل بأحد الشروط المتفق عليها في العقد أو كان الطلاق اتفاقا،ولها أن تسلك مسطرة الشقاق إن تعذر عليها الاستمرار في العِشْرَة الزوجية.
إن هذا الاختلاف يتعارض ومقتضيات الفصل 5 من البروطوكول رقم 7 الصادر في 22 نونبر 1948 المضاف إلى الاتفاقية الأروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تعهدت فرنسا بضمان احترام مقتضياتها لكافة الخاضعين لقضائها.
فهذا الفصل ورد فيه أن الزوجين يتمتعان بالمساواة في الحقوق والمسؤوليات ذات الطبيعة المدنية فيما بينهم وفي علاقاتهم بأولادهم بالنسبة للزواج وأثناء سريانه وعند انحلاله.
وحسب هذا البروطوكول يجب أن تكون أسباب الطلاق واحدة بالنسبة للزوجين،إلا أنه لا ينبغي أن ينسى القضاء  الفرنسي التزامات بلده الدولية،خاصة الفصل 13 من الاتفاقية  المغربية الفرنسية  المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة والتعاون القضائي الذي نص على أن عقود انحلال ميثاق الزوجية المخاطب عليها من قاض بالمغرب والواقعة بين زوجين مغربيين طبقا لقانونهما الوطني،يترتب عنها آثارها بفرنسا ضمن نفس الشروط المطلوبة في أحكام التطليق الصادرة في دول أخرى.
وبالرغم من صراحة الفصل أعلاه في إنتاج الطلاق الصادر بالمغرب لآثاره بفرنسا فإن من شأن اعتماد مقتضيات الفصل 5 من البروطوكول رقم 7 أن تجعل وثيقة الزواج مهددة بالرفض من طرف القاضي الفرنسي([3])،إعمالا لقاعدة الملاءمة وحتى قاعدة سمو المواثيق الدولية على الإتفاقيات الثنائية.
وفي الأخير أنبه إلى ملاحظة هامة تتعلق بالطلاق أو التطليق الذي يتم الحكم به في ديار المهجر ولكي يصبح نهائيا يلزم تذييله بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة داخل المغرب،فإن الراغب في الطلاق أو التطليق عندما  يأتي إلى المغرب عليه أن يقوم برفع دعوى من جديد على الشخص الآخر ليبلغ بالحكم النهائي المذيل بالصيغة التنفيذية.
وهنا مكمن الصعوبة حيث في غالب الأحيان لا يتفطن المحامي  فيرتكب خطأ قد يكلف موكله مشقة.وهذا الخطأ يكمن في كون المحامي يقيد دعوى ضد الشخص الموجود بالخارج فيدلي إلى المحكمة بعنوان ذلك الشخص مما تتعقد معه مسطرة التبليغ فتطول،خاصة إذا كان المطلق عليه قد غير عنوانه.
وللخروج من هذه الصعوبة وجب على المحامي أن يكون فطنا بأن يرفع الدعوى ضد النيابة العامة باعتبارها طرفا أصليا استنادا إلى المادة 3 من مدونة الأسرة،حتى يتسنى تبليغها في المحكمة داخل أجل  15 يوما.
سابعا:ـالمواد:102ـ179ـ188ـ199ـ المتعلقة بصعبة تنفيذ الحكم بالنفقة.
أ:ـ صعوبة أجل البت في دعوى النفقة:
  نصت المادة 190 من مدونة الأسرة على أنه:"..يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في اجل أقصاه شهر واحد".
ونظرا لأهمية الطبيعة  المعيشية للنفقة فقد أقر المشرع المغربي مبدأ الإستعجال للبت في القضايا المتعلقة بالنفقة وحدد لذلك أجلا أقصاه شهر واحد حماية للزوجة والأطفال من الإهمال وطول المساطر القضائية.
إلا أن الواقع العملي يقف عائقا أمام مبتغى المشرع، حيث يعتري تنفيذ الحكم بالنفقة صعوبات تعجز المطلقة في كثير من الحالات مواجهتها،حيث صعوبة تنفيذ تطبيق مسطرة التنفيذ على مستوى الواقع.
وهنا أذكر شهادة لإحدى المطلقات وهي تحكي محنتها بين دهاليز المحكمة،"فبعد الحكم لها بالنفقة اصطدمت بتلاعبات العون القضائي الذي بدى سيد الموقف القادر على تغيير مسار تنفيذ الحكم الذي نطق به القاضي.
تقول هذه السيدة: ومنذ أربعة أشهر تقريبا على الحكم لي بالتنفيذ أصبحت تائهة بين المحكمة وبين العون القضائي الذي يخبرني مرة أنه لم يستدل على عنوان زوجي لتنفيذ حكم القاضي بالنفقة،ومرة يقول أنه وجد العنوان لكنه لم يجد الزوج،ومرة يخبرني أن زوجي امتنع عن تسلم المحضر.
وهذا يعني أنني كنت أمد العون في كل عملية بمبلغ مالي قصد القيام بالتبليغ إلى أن تملكني اليأس([4]).
وتحكي سيدة أخرى: " لم اكن أعرف إلى وقت قريب أن تنفيذ أحكام  القاضي هي الإشكالية الحقيقية التي تعترض تسلم الزوجة نفقتها ونفقة بناتها.
فبمجرد أن نطق القاضي بحكم النفقة غير الزوج  سكناه،وبالتالي وجد العون صعوبة في التنفيذ لأن القانون يفرض تبليغه على عنوانه"([5]).
تقول هذه السيدة :"وحتى عندما طلبت من العون القضائي إنجاز محضر يشهد فيه بامتناع زوجي عن تسلم التبليغ بعد أن تأكدنا أنه قام بتغيير سكناه من أجل التهرب  من أداء واجب النفقة،طلب مني العون نسبته المائوية حتى يتسنى له تسليمي محضر الامتناع.ولما تسلمت المحضر كان علي أن أتقدم بشكاية في الموضوع إلى النيابة العامة وعلي أن أنتظر شهورا حتى يتم البحث عن زوجي للقبض عليه.
وقد انتظرت شهرين كاملين إلى أن بدأ رجال الأمن في البحث عنه وما يزال البحث عنه جاريا إلى الآن "([6]).
من خلال هذه الشهادات يتضح أن المشكل الحقيقي الذي تعاني منه العديد من النساء منذ أن دخلت المدونة الجديدة حيز التفعيل يوم الخامس من سنة 2004 هو البطء في التنفيذ فقد لا تتوصل المطلقة بحقها إلا بعد مضي سنة،وقد لا تتوصل بشيء من ذلك،وكذا الابتزاز الذي يتعرضن له من طرف العون القضائي،أو تقاعسه عن التبليغ.
لذا لا يكفي القانون وحده، بل إن تفعيله يقتضي توفير الوسائل المادية والبشرية لتحقيقه والقضاء يسعى دائما إلى احترام القانون بالنسبة لجميع الأطراف وأن مشكل التبليغات  يبقى دائما العائق في تسريع البت في القضايا،وبالتالي يتعين معالجة هذا الجانب بتشجيع مؤسسة الأعوان  القضائيين بنشرها وتعميمها بمختلف محاكم المملكة من أجل المساهمة في التخفيف من معضلة التأخير في تبليغ الاستدعاءات والتي يرجع سببها إلى قلة الأعوان المكلفين بذلك والاعتماد في ذلك على في غالب الأحوال على السلطة المحلية من جهة وإلى قلة الخبر القانونية من طرف المكلفين من جهة ثانية والتأخير في تبليغ الاستدعاءات بناء على أحد السببين  أو هما معا؛وتفعيلا لمبدأ الاستعجال في البت في  قضايا النفقة أدى ببعض المحاكم إلى إصدار أحكام غيابية بأداء النفقة لتعذر التوصل ،مبررة ذلك بأن المحكوم عليه يمكنه اللجوء إلى مسطرة إيقاف التنفيذ مادام الحكم يكون مشمولا بالتنفيذ المعجل،وهو اتجاه لا ينسجم مع القواعد القانونية لما فيه من تفويت لمرحلة من مراحل التقاضي على المحكوم عليه خاصة وأن الحكم يكون قابلا للتنفيذ المعجل بقوة القانون ولا يمكن إيقاف تنفيذه بناء على طلب ذلك،بعلة صدوره غيابيا في حق المحكوم عليه مما يحتم على هذا الأخير  تنفيذه وإلا طبقت عليه أحكام إهمال الأسرة([7]).
ب:ـ المادتان: 179 و190 بخصوص تداخل النفقات:
جاء في الفقرة الأولى من  الفصل 179 مكرر من ق.م.م.أن المحكمة تبث :"..في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن".
وفي الفقرة الثانية من نفس الفصل ورد ما يلي:"ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الاعتماد عليها وينفذ هذا الحكم قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه".
الملاحظ على هذا الفصل أنه لا ينسجم وأهداف المدونة بخصوص التسريع تنفيذ الحكم بالنفقة،وهذا ما يظهر من خلال الرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل190 من المدونة التي ورد فيها أنه:"يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد".
فهذا الفصل حدد أجل شهر كأقصى حد للحكم بالنفقة، في حين أعطى  الفصل 179 من ق.م.م. إمكانية الحكم  بنفقة الحكم مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها في انتظار الحكم في موضوع دعوى النفقة.
إن الحكم بالنفقة المؤقتة يثير أكثر من تساؤل "حول ما إذا كان يصدر تلقائيا من طرف المحكمة بعد تأكدها من خلال معطيات الملف أن الإجراءات المسطرية لا تسعفها في البت في الدعوى داخل الأجل المحدد أم أن الأمر يقتضي تقديم طلب بتلك النفقة من طرف مستحقيها"([8])؟
وإذا حكم القاضي بنفقة مؤقتة داخل أجل نظرا للطابع الاستعجالي لتلك النفقة من حيث أنها تعود على المطلقة وأبناؤها بمنفعة،فإن السؤال الذي يثار هنا كذلك هو ما هي المدة التي يمكن خلالها البت في الدعوى نهائيا ويلزم المطلق الوفاء بجميع ما تبقى من النفقة في ذمته؟
ج:ـ المادة 199 مدلول العجز:
نصت المادة 199 من مدونة الأسرة على أنه :"إذا عجز الأب كليا أو جزئيا عن الإنفاق على أولاده وكانت الأم موسر وجبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب".
وجاء في المادة 102 على أنه:"للزوجة طلب التطليق بسبب إخلال الزوج بالنفقة الحالة الواجبة عليها وفق الحالات والأحكام التالية:
ـ إذا كان للزوج مال يمكن أخذ النفقة منه قررت المحكمة طريقة تنفيذ نفقة الزوجة عليه.
ـ في حالة ثبوت العجز.تحدد المحكمة حسب الظروف أجلا للزوج لا يتعدى ثلاثين يوما لينفق خلال وإلا طلقت عليه إلا في ظروف قاهرة أو استثنائي.
ـ تطلق المحكمة الزوجة حالا إذا امتنع الزوج عن الإنفاق ولم يثبت العجز".
فالعجز الوارد في هذه المادة يفيد العجز عن عدم الإنفاق، وهو إما عجز مادي أو بدني، فالشخص قد يكون متوفرا على القدرة البدنية لكنه لا يمتهن أي حرفة، أو أنه لم يتمكن من إيجاد أي شغل. وهنا نتساءل عن أي العجز يقصد المشرع في هذه المادة؟ وما مقدار ذلك العجز على ضوء مقتضيات مدونة الأسرة؟ "ليبقى التساؤل حول المعايير المحددة والمرجعية في إقرار المحكمة للنفقة على رب الأسرة الذي هو الزوج والأب. والحال أن المادة 188 من مدونة الأسرة قبل افتراضها الملاءمة إلى حين إثبات العكس تقرر أنه لا يجب نفقة غيره من زوجة وأولاد ووالدين إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه([9]).
إن ضمان استقرار الأسرة لا يتوقف على تطبيق أحكام إهمال الأسرة على العاجز عن الإنفاق، وإنما يجب إخراج مؤسسة صندوق التكافل الاجتماعي الذي  أعلن عنه صاحب الجلالة في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لأكتوبر 2003([10])؛ وإن كان يبقى في جميع الأحوال إجراء مؤقتا لكون هذا الصندوق يتطلب أموالا هائلة،إضافة إلى أن نسبة النمو الديموغرافي في تزايد مستمر،"وأن المشكل لا يهم فقط  أطفال الطلاق،بل هناك أطفالا ليس لوالديهم القدرة على الإنفاق عليهم،وأطفال فقدوا آباءهم،وزوجات أزواجهن يعجزون في أن يوفروا لهن نفقتهن.فالمشكل أعمق مما يمكن تصوره.ولا يمكن تجاوزه بمجرد إصدار أحكام بالنفقة،وعند العجز تطبق أحكام إهمال الأسرة"([11]).
ثامنا:ـ الفقرتان2 و 4 من المادة 65 :
فيما يخص الفقرة 2 هذه المادة تحدثت عن "اشتراط الإدلاء بعقد الإزدياد الأصلي ليضاف إلى باقي الوثائق المكونة لملف الزواج، وهذا الأمر فيه مشقة لمن يسكن بعيدا عن دائرة مقر ولادته، لماذا لا يتم الإكتفاء بالبطاقة الشخصية للحالة المدنية التي تقوم مقام موجز عقد الولادة وفق مقتضيات القانون رقم 3799 المتعلق بالحالة المدنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 239ـ 02ـ 1 المؤرخ  في 25 رجب 1423هـ الموافق 03 أكتوبر 2002م"([12]).
أما فيما يتعلق بالفقرة 4 من نفس المادة المذكورة أعلاه فقد ورد فيها شرط الإدلاء بشهادة طبية،من ضمن ما ينبغي أن يتضمنه ملف الزواج. إلا أن  الملاحظ على المستوى العملي هو أن بعض السادة القضاة يوجهون طالب الإذن إلى طبيب معين دون غيره.
تاسعا:ـ غموض مدلول "الشقاق":
نص المشرع المغربي مصطلح الشقاق في المواد  94 إلى 97  مع التوسع في امكانية اللجوء إليه في حالات كثيرة مثل حالة عدم قبول التعدد من قبل الزوجة(المادة 45)،
وفي حال الإخلال بالواجبات المتبادلة بين الزوجين (المادة 52)،
وكذلك المادة 120 في حال  إصرار الزوجة على الخلع.
إن من شأن إعطاء كل من الزوج والزوجة الحق في الطلاق أو التطليق بأن يسلك أحدهما مسطرة الشقاق فيه نَظَر،مادام أنه غير معرف وإنما من خلال العمل القضائي ومن خلال قراءة النصوص المتعلقة لشروط التطليق يتبن أن الشقاق"هو  حالة وحق شخصي خاص بمقتضاه يحق للزوجين أو أحدهما طلب إنهاء العلاقة الزوجية لأسباب شخصية خاصة وأنهما لا يرغبان في الإفصاح عنها"([13]).
إن إعمال هذه المسطرة لمن شأنه أن يفتح الباب أمام الزوجين في كل حين الإلتجاء إلى القضاء للتشكي لأتفه الأسباب،في ظل غياب ثقافة اسلامية أساسها التساكن والعشرة والمودة ومراقبة اللسان والضمير،ووجود فئة تعيش تحت عتبة الفقر الذي يكون في خالب الأحيان هو الدافع إلى الطلاق،وعدم صبر  ورضا أحد الزوجين على الإستمرار مع الآخر.
عاشرا:ـ المادة 29:
 لم يوضح المشرع في هذه المادة متى تبتدئ  العدة،هل من تاريخ الإذن بالطلاق أم من تاريخ مخاطبة القاضي على الطلاق بعد أن يشهد عليه العدلان؟
حادي عشر:ـ المادتان 53 و86 تدخل النيابة العامة لإرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية:
فالمادة 53 أعطت للنيابة العامة الحق في التدخل وإرجاء الزوجة في حال طردها من بيت الزوجية،والمادة86 اعتبر الزوج الذي طلب الطلاق ولم يتمكن من وضع جميع مستحقات الزوجة والأطفال بكتابة الضبط بالمحكمة اعتبر متراجعا عن طلب الطلاق؛وهذا يعني أنه سيرغم على إرجاع زوجته إلى بيت الزوجية بالرغم عنه.
وهنا أتساءل عن الضمانات التي يمكن من خلالها للنيابة العامة ـ في الحالة الأولى ـ أن تضمن عدم اعتداء الزوج على زوجته ثانيا وقد يكون هذا الاعتداء معنويا من سب وشتم وغيره؟ ونفس التقدير بالنسبة للحالة الثانية،أي كيف نتصور العشرة الزوجية بين رجل لا يرغب في رؤية زوجته؟وكيف ستكون ستعيش معه هذه الزوجة تخت سقف واحد؟
ثاني عشر:ـ المادة54 مسؤولية الدولة عن حماية الأطفال:
ورد في الفقرة ما قبل الأخيرة أن الدولة"..تعتبر مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللآزمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتهم طبقا للقانون".
وهنا لأتساءل عن التدابير اللآزمة التي تحدثت عنها المدونة هنا،وهل اتخذت تدابير بشأن من يوجد في هذا الوقت مشردا في الشارع من الأطفال القاصرين الذين تعد بهم شوارع مدننا؟وما رأيها في القرار الذي تتخذه بعض الخيريات بشأن طرد الفتيان والفتيات على الخصوص بعد أن يبلغوا أو يبلغن سن 18 سنة،حيث يتم طردهم إلى الشارع بحجة ترك المكان للغير من ذوي الحاجات وأن هؤلاء أصبحوا قادرين على تدبير شؤون حياتهم بكل نضج،وأي نضج يكون للمراهق أو المراهقة في مثل هذه السن؟
ثالث عشر:ـ المادة89  التي تحدثت عن الطلاق المملك:
نصت هذه المادة على أن للمحكمة أن تحدد مستحقات الزوجة والأطفال، فكيف يلزم الزوج بأداء مستحقات زوجته بعد أن اختارت الطلاق،وهو لم يرتضيه؟
رابع عشر:ـ المادة 82 تحرير محضر الصلح من طرف الحكمين:
هذه المادة  عن صعوبة الصلح بين الزوجين في حال طلب الطلاق من قبل الزوج،وهنا لها أن تقوم بجميع الإجراءات اللآزمة بما في ذلك انتداب حكمين أو مجلس العائلة لإصلاح ذات البين.
لكن الملاحظ أن قانون مجلس العائلة تأخر عن الصدور بسنة،ثم أن على الحكمين أن يحررا محضر الصلح أو عدمه ويتم الإشهاد عليه من طرف المحكمة،وهنا من سيتولى تحرير المحضر إذا كان الحكمان أميين؟
خامس عشر:ـ المادة:7 و84 التعويض عن الضرر :
ورد في 7 أنه في حال تسبب ضرر لأحد من الخاطبين بسبب عدوله عن الخطبة، فيلزمه التعويض.
وفي المادة 84 للمحكمة عند الحكم للزوجة بمستحقاتها أن تراعي ما إذا كان الزوج قد تعسف في استعمال حقه في الطلاق، حيث يلزمه التعويض.
لكن ما هي القواعد التي يجب تطبيقها هنا هل قواعد المسؤولية التقصيرية أم قواعد المسؤولية العقدية مادامت المدونة قد سكتت عن ذلك؟
وفي نظري وجب تطبيق المادة 77 من ق.ل.ع.م.
سادس عشر:ـ المادة 157 إثبات النسب عن طريق الخبرة الطبية:
تحدثت عن ثبوت النسب بجميع وسائل الإثبات ومنها الخبرة الطبية(AND) التي يجريها مختبر الشرطة القضائية بالبيضاء للحامض النووي لكل من الزوجين والمولود. لكن هل يمكن للزوج المتهم من الطعن في هذه الخبرة بإجراء خبرة مضادة؟ وكيف سيتعامل معها القاضي في ظل الفصل 66 من ق.م.م؟ وإذا ثبت بالفعل نسب المولود للخاطب هل يرتب الحكم بثبوته أثر الزوجية الصحيحة من نفقة وغيرها كما هو الحال بالنسبة للمادة 194، بأن يسري ذلك بأثر رجعي منذ تقدير الاتصال بين الزوجين الذي نتج عنه الحمل؟وهذا ما لم تذكره المدونة.
سابع عشر:ـ المادة:196 المتعلقة بنفقة الزوجة:
فقد أغفلت المدونة في هذه المادة الحديث عن سكنى الزوجة المختلعة،خاصة إذا لم يكن لها إلا ما اختلعت به من مال؟
الصعوبات إجمالا:
غياب المساعدات الإجتماعيات اللآئي لا يوجدن إلا على الأوراق،وهذا ما يعوق عمل القضاة من حيث إعطائهم صورة حقيقية عن الأوضاع المعيشية للمحضون والحاضن،
اكتفاء القضاة فيما يخص اثبات النسب على اليمين الذي أصبح متجاوزا في ضل التلاعب بالأيمان،
الإكتفاء في شهادة اللفيف بأربعة أشخاص فقط أو ستة،
اشتغال السادة القضاة في ظروف صعبة جدا،تتسم بالضغط الناجم عن كثرة الملفات المعروضة على أنظارهم.فالقاضي يتعين عليه أن ينظر في القضايا المتعلقة بالطلاق والتطليق وقضايا الصلح...وغريها من القضايا،وهذا ما يؤثر عليه من حيث عدم إتاحة الفرصة لهم للإجتهاد.
خاتمة:
وفي الأخير أقول إن الهدف من إبراز أو الوقوف على هذه الثغرات لا يعني أن أحكام هذه المدونة غير مجدية،وإنما وجب تدعيمها بالموارد البشرية المؤهلة،وبتفعيل مجلس العائلة،وبإخراج مرسوم ينظم مهمة اشتغال المساعدات الاجتماعيات،وكذا العمل على إيجاد صندوق التكافل الإجتماعي.
إضافة إلى ضرورة قيام النيابة العامة بتتبع ومراقبة عمل العون القضائي الذي يستهين بقضايا المطلقات،ويستفزهن ويبتزهن.
كما أنه ولضمان التطبيق السليم للمدونة وفق ما هو مرجو ينبغي أن لا يعتري مؤسسة الزواج المحاسبة اليومية بين الزوجين،لأن من شأن ذلك أن يحول هذه المؤسسة إلى شركة أشخاص.
كما ينبغي العمل على تقوية روح الإيمان بالصدق في العمل وبالخوف من الله وبإحياء الضمير وإيجاد ثقافة المصلحة العامة للوطن لأن ضرر الفرد هو ضرر للجماعة وبالتالي هو ضرر للبلد ككل.


[1] ـ ندوات محكمة الرماني  العدد4 نونبر 2004 ص16
[2]  ـ نسبة الولد للخاطب في مدونة الأسرة الجديدة ، رشيد مشقاقة ـ مقال منشور بجريدة العلم عدد19845 بتلريخ 22 شتنبر 2004.
[3] ـ "استمرار معتناة مهاجرينا بالخارج" مداخلة للأستاذ خالد البرجاوي ـ جريدة العلم العدد19659 الأربعاء 6 أكتوبر 2004
[4] ـالأحداث المغربية :29 يناير 2005ص:11.
[5] ـالأحداث المغربية :29 يناير 2005 ص11.
[6] ـالأحداث المغربية :29 يناير 2005 ص11.
[7] ـ ندوات محكمة الرماني  العدد4 نونبر 2004  ص:40.
[8] ـ ندوات محكمة الرماني  العدد4 نونبر 2004  ص:41.
 [9] ـ ندوات محكمة الرماني  العدد4 نونبر 2004  ص:43.
[10] ـ الأحداث المغربية العدد 1723 بتاريخ:11 أكتوبر 2003.
[11] : ندوات محكمة الرماني  العدد4 نونبر 2004  ص:44 بتصرف.
[12] جريدة التجديد العدد 1016 بتاريخ 11ـ12 أكتوبر 2004 ص:7.
[13] ـ مقترحات بشأن مدونة الأسرة للأستاذ لحسن الملكي :العلم العدد 19595 بتاريخ 14 يناير 2004 ص:9.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع