القائمة الرئيسية

الصفحات

التطليق للشقاق في القانون المغربي


   الأصل أن ميثاق الزوجية وجد ليدوم ويستمر ضمانا لإنشاء أسرة مستقرة ومحمية من التفكك والانحلال بمفهومه الواسع وأن هذا الأصل كرسته مدونة الأسرة في كتابها الثاني المتعلق بانحلال ميثاق الزوجية وأثاره وقررت في المادة 70 عدم اللجوء إلى حل هذا الميثاق إلا استثناءا وعند الضرورة القصوى.

  ذلك أن حل الرابطة الزوجية لا يعني الزوجين وحدهما لأنه هدم لبناء الأسرة بما فيها من زوجين وأولاد يحرمون بسببه من عطف الأبوة وحنان الأمومة ويفقدون ما كان لهم من عيشة هادئة في عش الأسرة وكل ذلك تنعكس أثاره على المجتمع وتسيء إلى استقراره وطمأنينته وتكون السبب في عدم تقدمه وإعاقة نموه وتطوره من أجل ذلك نجد جميع التشريعات  السماوية والوضعية اعتنت بتنظيمه.

   هذا وأن العلاقة الزوجية تنتهي بأحد الأسباب الواردة في المادة 71 من مدونة الأسرة ومنها التطليق الذي تقرره المحكمة بناء على طلب الزوجين وبعد سلوك جميع الإجراءات المتطلبة قانونا والمنصوص عليها في الكتاب الثاني من نفس المدونة وحددت أسبابه وتوسعت في هذه الأسباب بإضافة سبب جديد لتلك المنصوص عليها في المادة 98 ألا وهو الشقاق.

   ومدونة الأسرة وإن كانت قد أضافت سببا جديدا لطلب التطليق لم تعرفه تعريفا واضحا ودقيقا يمكن الاعتماد عليه خلال التطبيق.

   والدليل العملي لمدونة الأسرة عرّف الشقاق بأنه " الخلاف العميق والمستحكم والمستمر بين الزوجين لدرجة يتعذر معه استمرار العلاقة الزوجية".

  والمشرع المغربي في سنه لمسطرة الشقاق اعتمد قول الله تعالى "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما، إن الله كان عليما خبيرا"[1]

   وقد توسع الفقهاء في تفسير هذه الآية الكريمة ووضعوا قواعدا وأحكاما عديدة ومفصلة بخصوص التطليق لهذا السبب.

   وبقراءة للمادة 94 من مدونة الأسرة يتضح أن المدونة فتحت المجال لأي نزاع يخاف منه الشقاق وخولت للزوجين معا حق اللجوء إليه بتقديم طلب من أحدهما دون حصر حالاته بمقتضى نص قانوني.

   بحيث أنه يمكن اللجوء إلى مسطرة الشقاق كلما انقطع الود بين الزوجين وتعذر الاستمرار في العلاقة الزوجية بشكل طبيعي بينهما. كما أن المادتين 94 و97 من المدونة توحيان أن مجرد رفع دعوى التطليق للشقاق من أحد الزوجين وتعذر الإصلاح بينهما ينهض قرينة على وجود شقاق بينهما، خاصة وأن المشرع لم يعتبر دعوى الشقاق دعوى عادية تهدف إلى إنهاء العلاقة الزوجية بل هي دعوى يطالب من خلالها المدعي بإجراء صلح بينه وبين الطرف الآخر لوجود نزاع يخاف منه الشقاق ويبقى دور المحكمة هو دور تصالحي وتوفيقي كما سيتم توضيح ذلك فيما بعد.

   وبذلك فإن حالات الشقاق هي كثيرة و عديدة و لا يمكن حصرها ويكمن أن تستند على ما هو مادي أو معنوي (انظر مصادر إضافية...)

   ومسطرة الشقاق تتميز بعدة خصائص تميزها عن باقي المساطر القضائية الأخرى.

وهذه المسطرة تتم بتقديم طلب من أحد الزوجين يطلبان من خلاله حل النزاع القائم بينهما من طرف المحكمة التي تقوم بإصلاح ذات البين بينهما طبقا للمادة 82 من مدونة الأسرة.

   والمقال الافتتاحي للدعوى يجب أن تتوفر فيه الشكليات والشروط المنصوص عليها في المادة 32 من قانون المسطرة المدنية كما يجب أن يرفق بما يثبت قيام العلاقة الزوجية والوثائق التي يرغب المدعي في اعتمادها في دعواه.

   والمقال الافتتاحي للدعوى يقدم حسب المادة 212 من قانون المسطرة المدنية إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو المحكمة التي ابرم فيها عقد الزواج. فرافع دعوى الشقاق يمكنه أن يختار إحدى هذه المحاكم لرفع دعواه وهو غير ملزم بالترتيب المضمن بالمادة المذكورة ذلك أن جميع المحاكم المذكورة "مختصة على قدم المساواة للنظر في دعوى الشقاق ولا أفضلية لإحداها على الأخرى"[2] بدليل أن المشرع استعمل عبارة "أو" التي تفيد الخيار وأعطى للطرف المدعى اختيار محكمة من المحاكم الثلاث المذكورة أعلاه لمقاضاة الطرف الأخر على عكس ما هو منصوص عليه في المادة 79 من مدونة الأسرة التي ألزمت المدعي في قضايا الطلاق احترام الترتيب الوارد بالفصل  بصريح النص[3].

   ومسطرة الشقاق لا تعتمد إثباتا محددا لأسباب الخلاف أو نوع الضرر بحيث يمكن أن تؤسس فقط على عدم رغبة أحد الزوجين في الآخر[4] بل تصح حتى الأسباب المعنوية والنفسية لقبول طلب الشقاق مع تعريض الطرف المتسبب في الضرر زوجا أو زوجة لجزاء تعويض الطرف الذي لم يرتكب خطأ ماديا يبرر حل الرابطة الزوجية. بخلاف ما إذا أسست الزوجة طلبها على نوع من أنواع الضرر المنصوص عليه في المادة 99 من مدونة الأسرة, ففي هذه الحالة يجب عليها أن تثبت ادعاءها طبقا لأحكام المادة 100 التي تقرر أن الضرر يثبت بكل وسائل الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود الذين تستمع إليهم المحكمة في غرفة المشورة.

  ومسطرة الشقاق هي مسطرة تصالحية من بدايتها إلى نهايتها وهذا ما يميزها عن باقي مساطير التطليق الأخرى المنصوص عليها في مدونة الأسرة. فهي "لا تقدم في الأصل كطلب للتطليق بل تقدم في شكل طلب إلى المحكمة لحل نزاع يخاف منه الشقاق ومن تم فدور المحكمة هو بالأساس دور تصالحي وتوفيقي بين الزوجين من أجل حل النزاع" القائم بينهما[5].

  فالمحكمة عندما يقدم إليها المقال تعمل على استدعاء الطرفين طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية بخصوص الاستدعاء مادام المشرع لم يحل على المادة 81 من مدونة الأسرة في باب الطلاق, فالمشرع لم يشترط التوصل الشخصي في المطلوب في دعوى الشقاق بل أن توصله يكون صحيحا إذا تم بواسطة أحد أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه عملا بالمادة 38 من قانون المسطرة المدنية.

  وأن المحاكم ذهبت إلى أن عدم حضور المدعي في دعوى الشقاق رغم توصله ينهض قرينة على عدم جدية طلبه وتعتبره متراجعا عنه وتصرح بعدم قبول دعواه[6].

أما إذا حضر وتخلف المطلوب في الدعوى رغم توصله فإن تطبيق الإجراءات المسطرية الخاصة بالصلح يكون عقيما على اعتبار أن إجراءات الصلح تقتضي حضور المتنازعين معا.

   أما إذا حضر الزوجان شخصيا فإن المحكمة تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين بين الطرفين طبقا للمادة 82 من مدونة الأسرة الذي أحالت عليها المادة 94 من نفس القانون.

   والمحكمة أثناء إصلاح ذات البين بين الطرفين يجب أن تحاول استجلاء أسباب الخلاف والشقاق بين الزوجين وتحاول التوفيق بينهما عن طريق تقريب وجهات نظرهما وتذويب الخلاف القائم بينهما للوصول إلى صلح يرضي كلا الطرفين[7], ويجب عليها في هذا الصدد أن تبذل كل الجهود من أجل إيجاد حل للنزاع القائم بين الزوجين خاصة وأن مدونة الأسرة راهنت على استمرارية الأسرة وأكدت على دور المصالحة والوساطة كوسائل بديلة لفض النزاعات الأسرية[8].

   كما أن المحكمة أثناء مباشرتها لإجراءات الصلح يحق لها أن تجري ما شاءت من الأبحاث بهدف تحديد الطرف المسؤول عن الشقاق وعما ألت إليه العلاقة الزوجية بين الطرفين ويجوز لها أن تستمع للشهود ولكل من ترى فائدة في الاستماع إليه طبقا للمادة 82[9] التي أحالت عليها المادة 94 من مدونة الأسرة.

   كما أن المادتين المشار إليهما أعلاه منحتا للمحكمة الحق الكامل في القيام بأكثر من محاولة للصلح كلما رأت ضرورة لذلك خاصة في حالة وجود أطفال على أن تفصل بين كل محاولة وأخرى مدة لا تقل عن ثلاثين يوما.

  وهذه الجهود المبذولة من طرف المحكمة إما أن تؤدي إلى نتيجة إيجابية حيث يتوصل الطرفان إلى صلح وفي هذه الحالة يضمن ذلك بمحضر الجلسة وتصرح المحكمة بالإشهاد على الصلح, وإما أن تفشل المحاولات المبذولة وفي هذه الحالة تنتقل المحكمة إلى وسائل أخرى لإصلاح ذات البين بين الزوجين كبعث الحكمين أو تشكيل مجلس العائلة أو أي جهة أخرى تراها المحكمة مؤهلة لذلك. بعبارة أخرى أن المحكمة لا تقتصر على الصلح الذي أجرته بين الزوجين داخل المحكمة حتى ولو رأت أنه لا فائدة في صلحهما بدليل أن (المشرع استعمل في المادة 94 عبارة "وجب" على المحكمة أن تقوم بكل المحاولات لإصلاح ذات البين" طبقا للمادة 82 وهي صيغة الوجوب" وليست صيغة الجواز التي اعتمدها المشرع في باب الطلاق)[10] حيث نصت المادة 82 على "أن للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات بما فيها  انتداب الحكمين أو مجلس العائلة..."

   والمادة 95 من مدونة الأسرة حددت مهمة الحكمين في محاولة التعرف على الأسباب التي أدت إلى الخلاف بين الزوجين تم القيام بالإصلاح بينهما عن طريق تذويب الخلاف بينها أو على الأقل التخفيف من حدته كمرحلة أولى، وتقريب وجهات نظرهما للوصول إلى حل يرضي الطرفين ويرجع الطمأنينة والسكنية والود للعلاقة الزوجية.

  فإذا توصل الحكمان إلى صلح بين الطرفين ضمناه في تقرير يرفع إلى المحكمة التي تشهد على الصلح الذي تم الوصول إليه.

وفي حالة فشل الصلح يتم تضمين التقرير أسباب الخلاف والمتسبب فيه والحلول المقترحة.

  وفي حالة عدم الإدلاء بالتقرير من طرف الحكمين فإن المحكمة تستمع إليهما وتضمن تصريحاتهما بمحضر الجلسة.

   وقد يختلف الحكمان في مضمون التقرير خصوصا فيما يتعلق بموضوع النزاع أو في تحديد المسؤول من الزوجين عن الشقاق القائم بينهما، مما يجعل تقريرهما غير كامل أو غير محرر أصلا، أو يتأخران في تقديم التقرير في الآجال التي حددته لهما المحكمة نتيجة نفس الأسباب أو لأسباب أخرى، وبما أن الأمر يتطلب إما فض النزاع بالصلح وعند تعذره بالتطليق عوض ترك الزوجين في الانتظار نتيجة تماطل الحكمين أو خلافهما ففي هذه الحالة تقوم المحكمة بإجراء بحث إضافي بجميع الوسائل التي تراها ملائمة كتعيين غيرهما أو إجراء بحث أو صلح من طرفها في النقط التي وقع الخلاف فيها بين الزوجين[11].

   وإذا استعصى الإصلاح والتوفيق بين الزوجين واستمر النزاع والشقاق بينهما تحرر المحكمة محضرا بذلك وتحكم بالتطليق بسبب الشقاق وهذا ثابت من الصياغة التي وردت في المادة 97 من مدونة الأسرة كما تحكم المحكمة تلقائيا بمستحقات الزوجة والأطفال إن وجدوا طبقا للمواد 83 – 84 و 85 من المدونة بدون أن يتقدم الطالب بطلب في شأنها خلافا للتطليق لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 113 التي تنص في فقرتها الثانية على أن المحكمة تبث أيضا عند الاقتضاء في مستحقات الزوجة والأطفال.

  وقد أحالت المادة 97 من مدونة الأسرة في تحديد المستحقات المترتبة عن التطليق للشقاق على المواد 83 و 84 و 85.

- مستحقات الزوجة

المادة 84 تنص على أن مستحقات الزوجة تشمل مؤخر الصداق إن وجد ونفقة العدة وسكن العدة والمتعة.

إلا أن المستحقات المنصوص عليها في الفصل 84 تتعلق بالمستحقات المترتبة عن الطلاق الرجعي في حين أن التطليق للشقاق يقع بائنا, وأن المطلقة طلاقا بائنا لا تستحق نفقة عدتها إلا إذا كانت حاملا عملا بالمادة 196 من المدونة.

- المتعة :  شرعت المتعة لتعويض الزوجة ولجبر ما يلحقها من ضرر بسبب الطلاق ويراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المادية للزوج وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه عملا بالمادة 84 من المدونة.

فالقاضي ملزم بتقصي الأمر ومعرفة أسباب الشقاق والمتسبب فيه ومدى افتراء الزوج ومساهمة الزوجة في الشقاق وغير ذلك من العناصر التي حددتها المادة 84 المشار إليها أعلاه التي تساعد في تحديد المتعة تحديدا عادلا كما يراعى في تحديدها مدى يسر الزوج وعسره وكذا حال الزوجة.

والملاحظ أن المادة 84 التي أحالت عليها المادة 97 تتحدث عن المتعة في الطلاق الرجعي الذي يتقدم الزوج بطلب من أجل الحصول على الإذن لإيقاعه، أما دعوى الشقاق فقد تقدم من طرف الزوجة أو من طرف الزوج أو هما معا. وعلى المحكمة أن تتأكد من النزاع الذي يخاف منه الشقاق ومن استمراره وتعذر الإصلاح بينهما واستحالة استمرار المعاشرة الزوجية مع تحديد الطرف المسؤول عن الشقاق.

فقد تتقدم الزوجة بدعوى الشقاق وعند إجراء الصلح بين الطرفين بواسطة المحكمة والحكمين يتبين أن هذه الزوجة ساهمت بشكل مباشر فيما آلت إليه العلاقة الزوجية وكانت السبب في الشقاق القائم بينها وبين زوجها وفي انفصام هذه العلاقة، وألحقت ضررا ماديا ومعنويا بالزوج نتيجة انفصام عرى الزوجية وفراقه أبنائه. وبذلك وحسب ما ذهب إليه الدكتور محمد الكشبور فإن أحد عناصر تقدير المتعة يكون قد تخلفت عند الحكم بالتطليق وهو ما يؤثر انخفاضا في مبلغ المتعة مادامت المادة 84 من المدونة تستلزم توافر العناصر الأربعة لزوما وهي: مدة الزواج، الوضعية المادية للزوج، أسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه. بدليل أن المشرع استعمل حرف الواو الذي يفيد العطف[12].

وما يمكن استخلاصه من المادتين 84 و 97 هو أن المتعة أصبحت "واجبة على الزوج المطلق ضمن مستحقات الزوجة التي حكم بتطليقها للشقاق ولو كانت هي المسؤولة عن هذا الشقاق الذي كان سببا في حل العلاقة الزوجية كل ما في الأمر أن تسبب الزوجة في الطلاق يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من طرف المحكمة"[13]. ويجب أن تتدخل سلطة القاضي التقديرية في تمتيع الزوجة وتحديد المبلغ الواجب لها.

- سكن العدة:  تقضي المعتدة عدتها في بيت الزوجية ولو كان هذا البيت غير مملوك للزوج، أو عند الضرورة في مسكن يهيء لهذه الغاية، يكون ملائما لها وللوضعية المادية للمطلق، فإن تعذر ذلك حددت المحكمة مبلغا يغطي تكاليف سكن المعتدة. هذا وأن الضرورة المبررة لاختيار السكن الملائم للمعتدة ترجع لتقدير المحكمة حسب ظروف كل نازلة على حدة.

- مؤخر الصداق : كالئ الصداق يعتبر دينا في ذمة الزوج على وجه الحلول بعد البناء بالزوجة. وأن هذه الأخيرة تستحق الصداق بالدخول أو المطالبة به أو الطلاق أو الوفاة. أما غير المدخول بها فإنه إذا وقع الطلاق فلا تستحق سوى نصف الصداق المسمى لها والمضمن بعقد الزواج، وإذا لم يتم الاتفاق على الصداق بهذا العقد ووقع الطلاق قبل الدخول فإن الزوجة لا تستحق الصداق بصريح المادة 32 من مدونة الأسرة.

هذا وأن الصداق لا يخضع للتقادم طبقا للمادة 33 من مدونة الأسرة والمادة 378 من قانون الالتزامات والعقود. كما أن ادعاء الزوج براءة ذمته من مؤخر الصداق عن طريق الأداء يجعل عبء الإثبات عليه.

مستحقات الأبناء

المادة 97 أحالت بخصوص مستحقات الأبناء على مقتضيات المادة 85 من المدونة وهذه المستحقات هي النفقة وسكن المحضون وأجرة الحضانة.

- نفقة الأبناء : تعتبر أهم واجبات الأب تجاه أبنائه وتستمر إلى حين بلوغهم سن الرشد القانوني أو إتمام الخامسة والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته من الذكور وبالنسبة للإناث إلى غاية زواجهن أو توفرهن على الكسب ويحكم بالنفقة مع الحكم بالتطليق. والمشرع حدد معايير يجب مراعاتها في تقدير النفقة منها: دخل الزوج الحكم الملزم بها وحال المستفيد منها ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في المكان الذي تفرض فيه النفقة مع اعتبار التوسط (المادة 189 من المدونة). ونظرا للدور المعيشي للنفقة وما تقتضيه من طابع الاستعجال فقد نصت المادة 191 من مدونة الأسرة على الدور الأساسي للمحكمة في تحديد وسائل تنفيذ الحكم الصادر عنها بالنفقة على أموال المحكوم عليه، سواء كانت منقولا أو عقارا أو الأمر باقتطاع مبلغ النفقة من المنبع.

- سكن المحضون : حسمت المادة 186 من مدونة الأسرة في سكن المحضون وجعلته مستقلا في التقدير عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما، بعد أن كان في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة من مشمولات النفقة، ولعل في ذلك حماية لحقوق المحضون خاصة ما يتعلق باستقراره ونشأته.

          وعلى الأب واجب تهييء محل سكنى لأبنائه أو أداء مبلغ الكراء حسب تحديد المحكمة. ويمنع عليه أن يطالب بإفراغ المحضون من بيت الزوجية قبل تنفيذ الحكم المحدد لسكنى المحضون.

          وأن المحضون يستفيد من السكن ابتداء من انتهاء العدة على اعتبار أن الحاضنة وهي المطلقة تستحق سكناها من تاريخ الطلاق إلى غاية انتهاء المدة، وخلال هذه المدة فإن المحضون يعيش معها.

          ويجب على المحكمة حسب الفقرة الأخيرة من المادة 168 من المدونة أن تضمن في حكمها كل الإجراءات الكفيلة بضمان استمرار تنفيذ الحكم المحدد لواجب سكن المحضون، ويمكن لها أيضا الاستعانة بمساعدة اجتماعية في إنجاز تقرير عن سكن الحاضن وما يوفره للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية[14].



- أجرة الحضانة : في حالة وجود أبناء تعتبر أجرة الحضانة من مستحقات المطلقة الحاضنة رغم عدم  ذكرها ضمن المستحقات الواردة في الفصل 84 من المدونة على اعتبار أنها مقابل الخدمة التي تقدمها للمحضون ومن تم فإن المحكمة ملزمة بأن تحدد في حكمها القاضي بالتطليق للشقاق أجرة الحضانة ما لم ترض الحاضنة القيام بها على سبيل التبرع.

والمطلقة الحاضنة تستحق أجرة الحضانة من تاريخ الحكم على اعتبار أن الطلاق يقع بائنا وتستمر إلى غاية بلوغ المحضون سن الرشد القانوني.

بقيت الإشارة إلى أن المادة 97 من مدونة الأسرة تنص على أنه في حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق تحكم المحكمة بالتطليق وبالمستحقات طبقا للفصول 83و 84 و 85 مع مراعاة مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به عن المسؤول لفائدة الزوج الآخر.

فقد يتبين للمحكمة خلال جلسة الصلح وأثناء استقصاء أسباب الشقاق أنها ترجع كلها أو بعضها إلى الزوج أو الزوجة مما يؤثر سلبا أو إيجابيا في تحديد مستحقات الزوجة.

كما يمكن الحكم لفائدة الطرف المتضرر بالتعويض بناء على طلبه في مواجهة المسؤول عما آلت إليه العلاقة الزوجية والتي انتهت بالفراق.

وقد تكون المسؤولية مشتركة بين الزوجين مما يتعين معه تطبيق القواعد الخاصة بتشطير تلك المسؤولية طبقا للقواعد العامة.
الأستاذة امزاوير نادية

[1] الآية 25 من سورة النساء
[2]  الدكتور محمد الكشبور، "التطليق والشقاق في مادة الأسرة ص 99".
[3]  المشرع ينص في المادة 79 من مدونة الأسرة على أنه  "يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به لدى عدلين منتصبين بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.
[4] حكم عدد 3475 بتاريخ 25/11/2004 في الملف عدد 2114/8/04 صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش.
[5]  الدكتور محمد الكشبور، نفس المرجع ص 110 وما بعدها.
[6]  انظر الحكم الصادر عن ابتدائية الدار البيضاء عدد 2328  بتاريخ 15/05/2007  في الملف عدد 30/55/06
[7]  الدكتور محمد الكشبور، نفس المرجع ص 104 و 117 وما بعدها.
[8]  الدكتور محمد بوزلافة "مبدأ العدل والمساواة في مدونة الأسرة" مجلة المعيار عدد 32 دجنبر 2004 ص 90.
[9]  المادة 82 من مدونة الأسرة تنص على أنه "عند حضور الطرفين، تجري المناقشات بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع إلى الشهود، ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع إليه..."
[10]  الدكتور محمد كشبور نفس المرجع ص 111.
[11]  الدكتور عبد الكريم شهبون الشافي في شرح مدونة الأسرة الجزء الأول ص 252.
[12]  الدكتور محمد الكشبور "التطليق والشقاق في مدونة الأسرة ص 129".
[13]  الدكتور محمد الكشبور، نفس المرجع ص 130.
[14]  الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عدد 5558  تاريخ  26/07/2005  ملف عدد 1073/33 2004
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع