القائمة الرئيسية

الصفحات

عقد الوكالة في القانون المغربي


مقدمة
إن المبدأ الأساسي الذي يحكم الميدان العقدي والذي مفاده أن العقد لا يلزم إلا من كان طرفا فيه ، فهو لا يضر ولا ينفع الغير ، غير أن هذا المبدأ لا يؤخذ على إطلاقه ، إذ قد يحدث أحيانا أن تنصرف أثار العقد إلى غير عاقديه ، وذلك هو حال التعاقد بالنيابة حيث يقوم النائب بإبرام العقد فتنصرف أثاره إلى الأصيل والتعاقد على هذا النحو ليس على صورة واحدة بل إنه يختلف بحسب مصدره فهو إما أن يكون قانوني أو قضائي أو اتفاقي
والنيابة الاتفاقية هي التي يصطلح على تسميتها بالوكالة متى كان الوكيل مفوضا للقيام بتصرف قانوني لفائدة موكله .
غير أن الوكالة بهذا التحديد لم تكن معروفة  لدى الرومان إلا في حدود ضيقة حيث كانت ترتبط بالعمل المادي أكثر من العمل القانوني ، وذلك راجع إلى أن رابطة الالتزام كانت شخصية محضة ، زيادة على الشكليات التي سادت إبرام العقود ، أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد أجازوها وبينوا أحكامها بل إنهم أفردوا لها حيزا هاما في مؤلفاتهم
ونظرا للأهمية العملية والقانونية لعقد الوكالة باعتبارها وسيلة وأداة تسهل على الناس أمور حياتهم عن طريق تمكينهم من إجراء تصرفات يتعذر عليهم في بعض الأحيان من إجرائها بأنفسهم لغيابهم عن مكان العقد أو لقلة خبرتهم أو لكثرة مشاغلهم لهذا فإن جل القوانين الحديثة اعترفت بالوكالة ونظمت أحكامها .
والمشرع المغربي من جانبه لم يحد عن هذا التوجه إذ أنه خص الوكالة بالفصول من 897 إلى 942 من ق ل ع
بالإضافة إلى هذا فإن توثيق عقد الوكالة يتم وفق إجراءات محددة وتحتاج إلى شكلي خاصة لتحريرها كل ذلك من أجل حماية  أطراف تلك العلاقة وضمان استقرار المعاملات
إذن كيف نظم المشرع المغربي أحكام الوكالة في إطار قانون الالتزامات والعقود؟ وما هي الإجراءات المتبعة في توثيقها ؟
للإجابة عن هذه الإشكاليات إرتئينا تقسيم الموضوع الذي بين أيدينا إلى مبحثين:
سنتطرق في المبحث الأول إلى أحكام الوكالة أما المبحث الثاني سنتطرق إلى إجراءات توثيق عقد الوكالة.
 
المبحث الأول:أحكام عقد الوكالة

سنناقش في المطلب الأول تحديد عقد الوكالة على أن نخصص المطلب الثاني لتمييز عقد الوكالة مع بعض العقود المشابهة وآثارها.

المطلب الأول: تحديد عقد الوكالة و خصائصها

سنتحدث في الفقرة الأولى عن مفهوم الوكالة وخصائصها على أن نتناول في الفقرة الثانية أنواع الوكالة.

الفقرة الأولى: مفهوم الوكالة وخصائصها

الوكالة لغة هي الحفظ و الكفاية و الضمان.
أما في الاصطلاح الفقهي فقد عرفها ابن عرفة بكونها نيابة ذي حق غير ذي امرة و لا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته
نص الفصل 879 من فانون الالتزامات و العقود على أن "الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه ،ويسوغ إعطاء الوكالة أيضا لمصلحة الموكل و الوكيل أو لمصلحة الغير ،بل ولمصلحة الغير وحده".
والوكالة في اصطلاح الفقه الإسلامي هي أن ينيب شخص غيره في حق له يتصرف فيه كتصرفه بدون أن يقيد الإنابة بما بعد الموت فتخرج بدلك الوصية،فإنها نيابة شخص لآخر بعد موته فلا تسمى الوصية وكالة.
أما في الاصطلاح القانوني :فالوكالة هي عقد بمقتضاها يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه.
والوكالة تتميز بمجموعة من الخصائص و المميزات نحاول تفصيلها في النقط التالية:
الوكالة عقد رضائي:أي تتم بمجرد اقتران الإيجاب بالقبول ولو شفويا صراحة أو ضمنا ما لم يتطلب القانون شكلا خاصا.
الوكالة عقد تبرعي:الأصل أن تكون الوكالة تبرعية فلا يحصل الوكيل على اجر لكن يكون له رغم دلك اجر في حالات معينة:
-إدا كان موضوع الوكالة يدخل في مهنة الوكيل أو حرفته.
-إدا كان موضوع الوكالة عملا تجاريا بين التجار.
-إدا جرى العرف على إعطائه أجرا.

الوكالة عقد ينصب في الأصل على تصرف قانوني:

حيث أن محل الوكالة الأصلي يكون دائما تصرفا قانونيا ،يقوم به الوكيل لصالح الموكل و ليس معنى هدا آن يقوم به الوكيل حتما باسم الموكل وان كان هدا هو الغالب بل يصح أن يقوم به باسمه الشخصي كما يقع في الاسم المستعار و في الوكالة بالعمولة ولكن يجب دائما أن يعمل الوكيل لحساب الموكل لا لحسابه الشخصي.

الوكالة من العقود المستمرة: أي أنها تستمر خلال تنفيدها في الزمن ويترتب عن هدا الاستمرار عدم اعتبار اثر فسخ هده العقود على المدة التي انقضت بحيث لا يكون للفسخ اثر رجعي على ما تم تحقيقه إنما تقتصر على المستقبل.
 
 
الفقرة الثانية:أنواع الوكالة
 
إن نطاق الوكالة يضيق أو يتسع حسب اتفاق الطرفين ،فقد يقيد الموكل حرية الوكيل وقد تتسع حريته لدرجة قد يترك له فيها الموكل تقدير اختيار الشروط و الشخص الدي سيتعاقد معه.وتنقسم الوكالة من حيث نطاقها إلى وكالة عامة و وكالة خاصة،ومن حيث طبيعتها إلى وكالة مدنية و وكالة تجارية.
 
-الوكالة الخاصة:نص الفصل 891 على الوكالة الخاصة أو المقيدة ،وهي التي تقتصر على تصرف واحد ولا يتوسع في تفسيرها بل تفسر تفسير ضيقا ،وتمنح للوكيل صلاحيات محددة من أجل القيام بعمل أو عدة أعمال معينة مع توابعها الضرورية مما يستلزمه التنفيذ من تصرفات و أعمال تابعة ،ومثال الوكالة الخاصة نذكر الوكالة في الزواج أو وكالة التقاضي حيث اعتبرها الفصل 892 من ق ل ع وكالة خاصة.
 
-الوكالة العامة:هي التي تمنح الوكيل صلاحيات عامة غير مقيدة لأداء مصالح موكله ،وترد في ألفاظ عامة فلا يعين فيها الموكل محل التصرف القانوني ولا نوعه .
 
الوكالة المدنية و الوكالة التجارية:عند تحديد طبيعة الوكالة ،يجب النظر إلى صفة الموكل فإن كان تاجرا وأبرمت الوكالة لتنفيذ عمل تجاري بالنسبة له كانت تجارية ،فالوكيل الذي يشتري سلعة مما يتجر فيها موكله ولغرض الاتجار فيها كانت الوكالة تجارية ،أما إدا لم يكن الشراء لغرض الاتجار ولكن للاستعمال الشخصي كانت الوكالة مدنية.
وتعتبر الوكالة تجارية بالنسبة للوكيل إدا كان تاجرا وكانت تدخل في أعمال تجارية ،وتكون مدنية إذا لم يكن تاجرا ولو دخلت الوكالة في أعمال مهنته،فوكالة المحامي عن تاجر في قضية تجارية تعتبر مدنية بالنسبة للمحامي وتجارية بالنسبة للموكل.
وتفيذ التفرقة في تحديد الاختصاص و طريقة إتباث الوكالة فيختص القضاء المدني بالوكالة المدنية و القضاء التجاري بالوكالة التجارية.
 
المطلب الثاني: تمييز عقد الوكالة و آثارها

الفقرة الأول: تمييز الوكالة عن بعض العقود المشابهة

تتميز الوكالة عن سائر العقود من خلال أن محل الوكالة تصرف قانوني لا عمل مادي لذلك سنحاول تمييزها عن بعض العقود المشابهة:

عقد الوكالة و النيابة:

عرف الفقه النيابة بأنها "سلطة منجزة عن مصدرها المتجسد في القانون أو في القضاء أو في الاتفاق ،يتمتع بها شخص يسمى بالنائب لتمثيل شخص آخر يسمى المنوب عنه في إنجاز عمل مادي مشروع لمصلحة هذا الأخير أو في إجراء تصرف قانوني مع الغير نصرف آثاره إلى المنوب عنه بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة.
انطلاقا من هدا التعريف يتبين مدى الفرق بين كل من النيابة و عقد الوكالة والذي يتجسد في عدة وجوه:
فمن حيث المصدر فإن النيابة إما أن يكون مصدرها القانون أو القضاء أو الاتفاق عكس الوكالة التي مصدرها الاتفاق فقط.
أما من حيث الموضوع فالنيابة يكون محلها إما عمل مادي أو تصرف قانوني ،أما الوكالة فلا يكون موضوعها إلا إجراء تصرف قانوني
 
تمييز عقد الوكالة عن عقد الفضالة:

الفضالة هي شبه عقد مادام الشخص الذي صدر التصرف لفائدته لم يوكل الفضولي ولم يأذن له في ذلك ،خلافا للوكالة التي تعتبر عقد رضائي يتم بإيجاب وقبول وهو ملزم ولو لجانب واحد على الأقل وهو الوكيل ،بينما يقوم الفضولي بتصرفه تلقائيا دون أن يكون ملزما بذلك ،إلا أن الفضالة قد تنتهي لوكالة إذا وقع إقرار بها من طرف من تم الفعل لفائدته ،كما أن الوكالة قد تنقلب إلى فضالة فيما إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته أو استمر فيها بعد انتهائها.
 
 
تمييز عقد الوكالة عن عقد المقاولة:

يتفق عقد الوكالة مع عقد المقاولة في كون كلاهما يردان على العمل ،وهذا العمل يؤديه كل من المقاول والوكيل لمصلحة الغير،لكنهما يختلفان في كون أن العمل في عقد الوكالة هو تصرف قانوني في حين أنه في عقد المقاولة عمل مادي ،كما أن المقاولة تكون دائما مأجورة ولا تخضع  فيها الأجرة لتقدير القاضي بينما الوكالة فالأصل فيها أن تكون بغير أجر وإذا كانت بأجر خضع الأجر للاتفاق بين الطرفين أو لتقدير القاضي.
كما أن المقاول لا ينوب عن رب العمل على عكس الوكالة فالوكيل ينوب عن الموكل،كما أن الوكالة تنتهي حتما بموت احد الطرفين أما المقاولة فلا تنتهي بموت أحدهما إلا إذا كانت شخصية أحدهما محل اعتبار.

تمييز عقد الوكالة عن عقد الشركة:

يشتبه عقد الوكالة بعقد الشركة فيما إذا فوض الدائن شخصا أن يقبض حقه من المدين في مقابل نسبة معينة من الدين ،فالعقد وكالة مأجورة لا شركة لآن الوكيل لا يشارك الدائن في الخسارة إذا لم يقبض الدين.
 
الفقرة الثانية: أثار الوكالة

تنشئ الوكالة آثار فيما بين طرفيه الموكل والوكيل ، وتنشئ كذلذ أثار بالنسبة للغير الذي يتعامل مع الوكيل ، وهكذا سنتناول في نقطة أول أثار الوكالة بالنسبة للأطراف وفي نقطة ثانية أثار الوكالة بالنسبة للمتعاقدين

أولا :أثار الوكالة بالنسبة للأطراف  

إن مدى سعة الوكالة يضيق ويتسع حسب اتفاق الطرفين ، فقد يقيد الموكل حرية الوكيل إلى حد يحرمه فيه من كل تقدير ، فلا يبقى لهذا الأخير سوى تنفيذ تعليمات الأول حرفيا ، فيصير الوكيل كأنه مجرد رسول مكلف بنقل إرادة الموكل للغير.
وقد يوسع الموكل سلطة الوكيل فيقيده في بعض الأمور بالشروط التي يعمل على مقتضاها ، ويترك له حرية التقدير في غيرها من الأمور ، وهنا يكون وكيلا بمعنى الكلمة ، وقد يزيد الموكل في توسيع سلطة الوكيل فيحدد له نوع من التصرف ويفوض إليه شروطه وهذه وكالة خاصة ، أو يسند إليه أعمال الإدارة أو بعضها تاركا له حرية تقدير الشروط الملائمة وتلك وكالة عامة .
وعلى ذلك فإن الاتساع أو التضييق في سلطات الوكيل يمكن أن يكون في الوكالة الخاصة أو في الوكالة العامة .
ويتعين على الوكيل الالتزام بالمهمة التي كلف بها ولا يجوز له أن يخرج عن الحدود المرسومة للوكالة ، بمعنى أن الوكيل ملزم بالقيام بالتصرفات القانونية التي أسندت إليه مهمة إنجازها في الحدود المرسومة بمقتضى العقد أو القانون أو العرف  ، وإذا تجاوز الوكيل حدود المهمة التي كلف بها كان مسئولا عن تعويض الموكل عما لحقه من أضرار  نتيجة فعله ، وإذا نفد الوكيل الوكالة بشروط أفضل مما طلب من الموكل فإن ذلك جائز .
لكن هناك بعض الحالات تكون فيها ظروف أو أسباب خطيرة هي التي دفعت الوكيل إلى مخالفة تعليمات الموكل وتجاوز وكالته ، هنا يجوز له ذلك إذا توافر شرطين :
- أن يخطر الموكل بالأسباب الخطيرة التي يواجهها في أقرب فرصة يستطيع فيها
- بالإضافة إلى ذلك أن يكون في الانتظار خطر على مصالح الموكل.
 
بالنسبة للموكل

إن الالتزامات التي يمكن أن تنشأ لصالح الوكيل في ذمة الموكل ، هي الالتزام بتزويد الوكيل بالنقود وغيرها من الأشياء لتنفيذ الوكالة ورد المصروفات التي دفعها هذا الأخير من أجل تنفيذ الوكالة ، مع تعويضه عن الضرر الذي يلحقه من جراء ذلك بالإضافة إلى التزامه بدفع الأجرة فيما إذا كانت الوكالة بأجرة.
فالموكل يلزم بأداء الأجر للموكل والمصروفات والتعويضات عن الأضرار التي تلحق به  .
وفي حالة قيام الموكل بتكليف شخص آخر في نفس القضية التي كان قد كلف بها شخصا أولا فإنه يبقى مسئولا تجاه الوكيل الأول في جميع أثار عقد الوكالة المبرمة بينهما , سواء تعلق الأمر بالأجرة أو بالمصروفات أو بالتعويض أو ما يلزم تقديمه إلى الوكيل لغرض تنفيد الوكالة ، إلا إذا كان في عقد الوكالة شرط مخالف يقبله الوكيل الأول فيكون الحكم حسب هذا  الشرط وما اتفق عليه الطرفان في العقد .

ثانيا: أثار الوكالة بالنسبة للغير

إن أثار  الوكالة بالنسبة للغير ، تختلف بحسب إذا ما إذا قام الوكيل بالتصرف القانوني محل الوكالة باسمه الشخصي دون أن يعلن عن الشخص الموكل أو قد يعلن عن الشخص الموكل

أ-عمل الوكيل باسمه الشخصي

من خلال مقتضيات الفصل 920 من ق ل ع يستفاد بأن الوكيل قد ينفد محل الوكالة باسمه الشخصي ، أي أصالة عن نفسه دون أن يظهر كونه وكيلا أو نائبا عن موكله ، فيظهر بالتالي عند العقد مع الغير كأنه هو الأصيل , فتكون هذه الوكالة غير نيابية ، بمعنى أنه إذا وقع اشتراط في عقد الوكالة أن يعمل الوكيل باسمه الشخصي ويسخره في ذلك مستعيرا اسمه فتسمى الوكالة في هذه الحالة بعقد التسخير أو عقد الاسم المستعار ، ويسمى الوكيل بالمسخر .

 ب-عمل الوكيل باسم الموكل

غالبا ما يفضل الوكيل العمل باسم موكله لكي لا يقع على عاتقه عبء الالتزامات الناتجة عن تنفيذه للوكالة مع الغير الذي يتعامل معه ، الأمر الذي يجعل هذه الالتزامات تقع مباشرة على الموكل خلافا للحالة التي يتصرف فيها الوكيل باسمه الشخصي
علاقة الوكيل بالغير : إن الوكيل الذي يعمل في حدود وكالته باسم موكله ، يكون نائبا عنه ، فلا تنصرف إلى ذمته أثار التصرف ، وإنما تترتب مباشرة في ذمة الأصيل بمعنى أن الوكيل مادام  يعمل باسم الموكل فلا تنصرف الى ذمته أثار التصرف ، بل تنصرف إلى ذمة الأصيل و يصبح الموكل بعد تنفيذه الوكالة هو الدائن أو المدين أو الاثنين معا _حسب الأحوال_الشيء الذي يمنح التعاقد مع الوكيل الحق في رفع دعواه مباشرة ضد الموكل .
لكن الغير الذي تعاقد مع الوكيل له الحق في أن يقيم دعوى مباشرة ضد الموكل وليس له أن يرفعها على الوكيل إلا في حالتين :

  • أن تكون الوكالة قد أعطيت للوكيل لمصلحة الموكلين.
  • أن يكون الوكيل مكلفا من الموكل بتنفيذ التصرف.
Dعلاقة الموكل بالغير : هذه العلاقة الأخيرة هي التي تتجسد فيها أثار الوكالة بصورة واضحة إذ أن أثار العقد تنسحب مباشرة على هذين الطرفين وأن الموكل يلتزم مباشرة تجاه الغير المتعاقد مع الوكيل الذي تعاقد معه وذلك عند توافر الشروط التالية:

1 أن تكون تصرفات الوكيل باسم الموكل
2 أن يكون الوكيل قد أجرى التصرفات في حدود وكالته التي رسمها له الموكل بحيث لم يخالف تعليماته .
3 أن يكون الوكيل قد أجرى هذه التصرفات على وجه صحيح كما يلتزم الموكل تجاه الغير في حالة الوكالة الظاهرة إذا توافرت شروطها حماية للغير وذلك عندما يتجاوز الوكيل حدود وكالته.
ونكون أما وكالة ظاهرة في الحالات التي يصل التي يعمل فيها الوكيل بلا وكالة، أو خارج حدودها ، ويكون الغير الذي تعامل معه حسن النية ، بالإضافة إلى اعتماد هذا الأخير على مظهر خارجي يرجع إلى الموكل الذي تعاقد على أساسه.
وإذا كان الأصل هو التزام الموكل تجاه الغير الذي تعاقد معه الوكيل ، عند توفر الشروط الثلاثة التي تطرقنا لها ، فإن هناك حالات يلتزم فيها الموكل تجاه الغير رغم تصرف الوكيل خارج حدود وكالته ، أو متجاوزا إياها وهذه الحالات هي :
- أن يقر الموكل تصرف الوكيل .
- أن يستفيد الموكل من التصرف .
- أن يبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل مما تضمنته تعليمات الموكل.
- إذا أبرم الوكيل التصرف بشرط أقصى مما تضمنته تعليمات الموكل
وفي أخير أشير إلى الإشكالية التي يثيرها عقد الوكالة في حالة تعاقد النائب مع نفسه وهنا ثتار جملة من التساؤلات حول جوازه أو منعه فقد ظهر على الساحة القانونية تياران متعارضان الأول يجيز هذا التصرف بينما يمنعه التيار الثاني ويرى أنصار المنع أن الوكيل عندما يتعاقد أصالة عن نفسه ونيابة عن غيره فإن مصالحهما ستتعارض فيما بينهم الأمر الذي سيؤدي إلى الإضرار بالأصيل أما أنصار الجواز فإنهم يرون أن الوكيل يكون أحق من غيره في الاستفادة من موضوع الوكالة إن كانت له الرغبة في ذلك بشرط أن يثبت عنصر حسن نية الوكيل وأن يكون الموكل على علم بتصرف الوكيل إلا أن أهمية هذا الشرط الأخير تكاد تكون منعدمة لأن الوكالة تفقد فاعليتها في ظل هذا الوضع مادام أنه بإمكان الوكيل والموكل إبرام عقد مباشر بينهما من غير حاجة لسلوك طريق النيابة .
هذا كل ما يتعلق بآثار الوكالة فما هي الإجراءات التي يتم إتباعها في توثيق عقد الوكالة؟
 
المبحث الثاني: إجراءات توثيق عقد الوكالة

كما أشرنا سابقا فعقد الوكالة عقد التزام من طرف واحد هو الموكل ، وهو من العقود التي تحتاج إلى شكلية خاصة لتحريرها ،وفق لإجراءات معينة سنحاول خلال هذا المبحث أن نتحدث في المطلب الأول عن كيفية تلقي عقد الوكالة
أما في المطلب الثاني سنتحدث عن الإجراءات الإدارية اللاحقة لتوثيق عقد الوكالة و أسباب انتهائها.

المطلب الأول: كيفية تلقي عقد الوكالة

سنناقش ف هذا المطلب ما يتعلق بالمرحلة القبلية لتلقي عقد الوكالة في فقرة أولى على أن نتناول في الفقرة الثانية مرحلة تلقي عقد الوكالة .
 
الفقرة الأولى: مرحلة ما قبل التلقي

إن أهم ما يميز هذه المرحلة هو تواجد كل من الموكل والوكيل
1-الموكل هو الشخص الذي يمنح هذه الوكالة لغيره ، ويشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا راشدا فالمحجور أو ناقص الأهلية لا يجوز له أن يوكل غيره إلا بعد إذن خاص من القاضي المكلف بشؤون القاصرين .
2-الوكيل تشترط فيه نفس شروط الموكل ، غير أنه إذا كان ناقص الأهلية أو محجورا عليه، فإنه يصرف النظر عن توكيله بشكل قطعي .
تجدر الإشارة إلى أن قراءة المادة 880 من ق .ل.ع توحي بأن أهلية الوكيل يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وقواه العقلية دون أن يكون راشدا لتوكيله , لكن  يجب الانتباه والحضر وعدم الانسياق مع ظاهر النص القانوني , ربما المشرع كان يقصد الوكالة التي يكون فيها الوكيل مجرد رسول ناقل  لا  دخل لإرادته في إنشاء التصرفات ، لذا فإن أهلية الوكيل يجب أن تكون تامة كأهلية الموكل حيث إنه في بعض الوكالات ذات أهمية كتفويت العقارات وكذلك الوكالات التجارية تتطلب من الناحية الواقعية أن يكون الوكيل أكثر كفاءة ودراية من الموكل نفسه.
كما هو معلوم في الفقه المدني , يجب أن تكون إرادة الأطراف خالية من عيوب الرضا ، كتدليس والغلط و الإكراه ، ونلاحظ أن هذه العيوب هي متعلقة بالشخص المتعاقد والعدل غير ملزم بالبحث عنها لكن يتعين على العدل من سؤال كل طرف لتأكد من كونه غير أخرص ولا أصم ولا أبكم ، أو ناقص الأهلية ، وأيضا يتعين استفسار الأطراف عن موضوع التصرف القانوني يعني الوكالة.
وذلك كل طرف عن تصوره الشخصي للموضوع فقد يدلي مثلا أحد الأطراف بلفظ الوكالة وهو يقصد تصرف آخر أو أن نطاق الوكالة هو مخصوص كالوكالة في التقاضي والآخر يقصد وكالة عامة، وفي بعض الأوساط يتم استعمال مصطلحات قريبة من للفظ الوكالة ، ولكن يكون المقصود منها تصرف قانوني آخر كالتنازل مثلا من جهة أخرى إدا كان الموكلون ورثة وأثناء الجنازة ، يستحسن تجنب تلقي الوكالة في هذه الحالة إذ أغلب الورثة لا يستخدم عقله ولا يعي تبعات ذلك التصرف حيث تغلب العاطفة في مثل هذه الأحوال وهناك من يستغل مثل هذه الظروف اللهم إذا كانت الوكالة غير شاملة للتفويت أو لقبض المال .
بعد التحقق من إرادة الأطراف وعزمهم على إنشاء التصرف القانوني المتعلق بالوكالة بحسب القانون ، تأتي مرحلة التحقق من أسباب الوكالة فقد يكون السبب غير مشروع وغالبا ما يتم إخفاءه من جانب طرف سيء النية ولكن في هذه الحالة يمكن الاعتماد على القرائن الظاهرة وأبرز مثال على ذلك قدوم احد الأطراف للمكتب العدلي أو توجه السادة العدول إلى منزلهم ويكون ذلك الشخص في حالة مرض ظاهر وقد سبق له أن ذهب إلى جهة توثيقية ورفضت له توثيق المعاملة الأصلية ووجهته إلى مكتب العدول من أجل انجاز وكالة عدلي بثمن بخس , والعودة بالوكالة العدلية المنجزة في حالة مرض الموت إلى الجهة المرسلة لإجراء المعاملة الأصلية المربحة دون التحمل بتبعاتها القانونية ونسبة تلك التبعات إلى السادة العدول ممن قاموا بالإشهاد على الوكالة.
أما فيما يخص محل الوكالة , فيجب أن يكون مما يجوز التعامل فيه بمعنى أنه غير مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة أو القوانين المدنية أو الدينية و أن يكون محل الوكالة تصرفا قانونيا ممكنا بمعنى يجب أن يكون غير مستحيل أو مبهم إبهاما فاحشا.
غير أن هناك بغض الأعمال القانونية التي لا يصح فيها التوكيل لذاتها مثال ذلك ما نص عليه الفصل 882 ق ل ع من أنه " تعتبر الوكالة كأن لم تكن إذا كان محلها عملا لا يجوز إجراءه بطريق النيابة كأداء اليمين" وقد صدر قرار عن محكمة النقض في نفس الاتجاه قضى فيه " أن أداء اليمين هو أمر شخصي لا تجوز فيه النيابة"
وبعد الإحاطة بأهلية الأطراف وبمحل الوكالة والسبب ، تأتي مرحلة التحقق من الوثائق الرسمية للأطراف، وتعد البطاقة الوطنية مناط هذه العملية ، كونها لا زالت غير منتهية الصلاحية ، ولا يجب التساهل في هذا الشأن فقد يكون صاحب هذه البطاقة قد أودع لدى المصالح المختصة تصريح بالضياع وحصل على بطاقة جديدة ، ومع ذلك يستعمل البطاقة القديمة في الأعمال المشبوهة ، كما يجب التحقق من الوضعية المادية للبطاقة الوطنية ، وخصوصا القديمة منها بمعنى أنه لم يسبق العبث بها من أجل استبدال الصورة وهنا نتحدث عن البطاقة الوطنية القديمة في حين أصبحت هذه الإمكانية غير ممكنة بالنسبة البطاقات الوطنية البيومترية الجديدة، و كذلك عدم قبول أي نسخة ولو مصادق عليها ، أو وصل من إدارة الأمن  يحمل الصورة ، فالوصل وحده غير كافي لإثبات الهوية ، وكذلك التحري عن مهنة الأطراف خصوصا المنتمون للمهن العسكرية ممن يقيمون بالثكنات المتواجدة في الأقاليم البعيدة عن مكان التعاقد .
فمن الأفضل الإدلاء بما يفيد رخصة الخروج أي رخصة الإجازة ، أما إذا تعلق الأمر بالمغاربة المقيمين في الخارج فالبطاقة الوطنية أحيانا لا تكفي من أجل التأكد من صفة ذلك الشخص ومن أجل قطع دابر كل خلاف وسد باب الذرائع ، فيستحسن الاطلاع على جواز السفر ، وبالأخص تاريخ الدخول إلى المغرب وكذا الاطلاع على مدة قضاء العطلة المسموح بها من لدن الدول المستقبلة والاحتفاظ بكل ما يفيد الإثبات من نسخ الوثائق المدلى بها .
فمتى توفرت الوثائق وجب وضعها في أرشيف خاص ، وبالرجوع إلى قانون خطة العدالة فإنه يفتح ملف الشهادة ويتضمن كل الوثائق المفيدة المتعلقة بالشهادة ، وتختلف مستندات كل ملف الشهادة بحسب نوع الشهادة المتلقاة ، وفي هذه الحالة يكفي نسخ من الوثائق الرسمية  التي تثبت الهوية وبالخصوص نسخة ممن البطاقة الوطنية موقع عليها من طرف صاحبها فالتوقيع غير لازم ولكن على سبيل الاحتياط ونسخة من رخصة السماح للعسكريين بالخروج أي رخصة الإجازة إن صح التعبير وذلك عند الاقتضاء ، وكذلك الشأن بالنسبة لأفراد الجالية المغربية الإدلاء بمستند يفيد فترة الإقامة داخل أرض الوطن ، أم إذا تعلق الأمر بتاجر فيمكن مسك شهادة من السجل التجاري إذا ما تعلق الأمر بوكالة تهم النشاط التجاري ، أما إذا تعلق الأمر بشخصية معنوية فالإدلاء بشهادة تثبت حق التمثيل ، فلا يحق للشخص الطبيعي التعاقد باسم شخصية معنوية ما لم يدلي بما يفيد ذلك.
 
الفقرة الثانية : مرحلة التلقي

عندما نتحدث عن مرحلة التلقي يكون العدل أمام ركنين في عقد الوكالة وهما : الموكل فيه ثم الصيغة ، و هو ما ثم التطرق  إليه فيما سبق عندما تحدثنا عن محل الوكالة ، وعليه فالوكالة تنقسم من حيث موضوعها إلى وكالة تجارية إذا كان موضوع التصرف تجاريا و مدنية إذا كان موضوع التصرف مدنيا ، وتكمن أهمية التمييز بين الوكالة المدنية  والتجارية في تحديد الجهة القضائية المختصة وكذا الأحكام القانونية المطبقة على كل نوع .
كما تنقسم الوكالة إلى وكالة خاصة لا تمنح الوكيل صلاحية التصرف إلا بالنسبة للتصرفات التي تعينها على وجه التحديد, ومنها على سبيل المثال وكالة بيع عقار محفظ حيث يتوجب فيها تعيين العقار موضوع عقد الوكالة بناءا على المراجع المدرجة بشهادة الملكية. أما إذا كان غير محفظ فيجب ذكر مراجع التملك  وذلك حسب ما هو مدرج برسم التملك ، هذا زيادة على ذكر الثمن إن شاء الموكل . كما يستحسن ذكر إيداع الثمن بعد البيع بحساب الموكل المفتوح لدى البنك الفلاني رقم الحساب كذا .
ثم وكالة الزواج حيث يتوجب فيها مراعاة بعض الشروط المنصوص عليها في المادة 17 من مدونة الأسرة حيث نصت على ما يلي :" يتم عقد الزواج بحضور أطرافه غير أنه يمكن التوكيل على إبرامه بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج وفق الشروط الآتية : وجود ظروف  خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه, تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها, أن يكون الوكيل رشيدا متمتعا بكامل أهليته المدنية ، وفي حالة توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الولاية , ان يعين الوكيل في الوكالة اسم الزوج الأخر ومواصفاته و المعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها في ذكرها . أن تتضمن  الوكالة قدر الصداق وعند الاقتضاء المعجل منه والمؤجل ، وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد   والشروط التي يقبلها من الطرف الأخر ، أن يؤشر القاضي المذكور على الوكالة بعد أن يتأكد من توفرها على الشروط المطلوبة "
الوكالة العامة وهي وكالة لا تعطى إلا لذوي الثقة فهي تمنح الوكيل صلاحيات عامة غير مقيدة ، لأداء مصالح موكله وترد في ألفاظ عامة فيقول الموكل للوكيل: وكلتك توكيلا تاما مفوضا عاما في كل ما تصح فيه شرعا دواما واستمرارا ما لم أصرح بعزلك  بمعنى ألفاظ  عامة  لا تخصيص  فيها
أما فيما يخص الصيغة كركن من أركان  عقد الوكالة فهي كل لفظ صريح يفيد الوكالة ويعبر عنها بالماضي حيث يقول الموكل : "وكلتك"وهو ما يدل على تمام انعقاد الوكالة فيكون أبلغ دلالة الشيء الذي يحسم كل نزاع أو خلاف بشأنها, هذا مع العلم أنه لا يشترط في الصيغة لفظ  مخصوص ,بل تنعقد بكل لفظ يدل عرفا أو قانونا على توكيل الموكل للوكيل

 المطلب الثاني : الإجراءات الإدارية اللاحقة لتوثيق عقد الوكالة و أسباب انتهائها

الفقرة الأولى : الإجراءات الإدارية

يتعين على العدل بعد عملية التلقي وتحرير الرسم المتعلق بالوكالة ان يقدمه إلى السيد قاضي التوثيق التابع للمحكمة الابتدائية التي يوجد مكتب العدل داخل دائرة نفوذها من أجل الأداء .
وبعد ذلك التوجه إلى مصلحة التسجيل من أجل أداء واجب التسجيل المحدد في واجب ثابت قدره 200 درهم ثم العودة بالرسم ثانية للقاضي من أجل التضمين والخطاب.
ويجب التأكيد على عدم تسليم رسم الوكالة لطالب الشهادة من اجل التسجيل و إنما يجب على العدل الموثق إيداع الرسم لدى مصالح التسجيل, وتوجيه طالب الشهادة إلى مصلحة التسجيل من أجل أداء واجب التسجيل كما أن مصلحة التسجيل يمنع عليها تسليم الرسم لصاحبه بعد أداء واجب التسجيل وإنما تسلمه للعدل الموثق [[17]]url:#_ftn17

الفقرة الثانية : أسباب انتهاء عقد الوكالة

نظم المشرع المغربي مسألة انتهاء الوكالة في الفصل 929 من قانون ل.ع ، حيث تنتهي الوكالة حسب الفصل :
بتنفيذ العملية التي أعطيت من أجلها ، وذلك بأن يتم الوكيل التصرف الذي وكل فيه دون زيادة أو نقصان ,فقد يكون محل الوكالة مثلا شراء شيء ما  وقد تمتد الوكالة إلى حين تسليم المبيع للمشتري أو لتسجيل العقد بالمحافظة العقارية إذا كان المبيع عقارا على أن يقوم الموكل بأداء أجرة الوكيل أو ما تبقى منها  إن كانت الوكالة بأجر, زيادة على المصروفات والتعويضات عند الاقتضاء تبعا للفصل 914 من ق.ل.ع كما تنص الفقرة السابعة من الفصل 929 على أن الوكالة تنتهي باستحالة تنفيذها لسبب خارج عن إرادة المتعاقدين وذلك كالقوة القاهرة أو الحدث الفجائي كما لو هلك المنتوج بسبب الفيضان مثلا .
كما تنتهي الوكالة بعدم النجاح في العمل ولو كان ذلك راجع لتقصير الوكيل أو عدم كفاءته فالتزام الوكيل هو التزام ببدل عناية وليس التزاما بتحقيق نتيجة .
كما تنتهي الوكالة لتحقق شرط أو حلول الأجل حيث ينص الفصل 889 ق.ل.ع على أنه " يسوغ إعطاء الوكالة بشرط أو ابتداء من وقت معين أو إلى اجل محدد"
فبتأملنا للفصل يتضح أن الوكالة  قد تكون معلقة على شرط واقف فلا تنشأ إلا بتحققه ، أو شرط فاسخ فيفسخ العقد بتحققه ,كما قد تكون الوكالة مضافة إلى أجل فتنتهي بانتهائه حيث يكون المقياس في هذه الوكالة بالمدة التي تنقضي وليس بالأعمال التي تتم.وهنا تجب الإشارة إلى أن الأجل المحدد لانتهاء الوكالة قد لا يعرف تاريخ حلوله بالضبط  ، كما لو وكل صاحب مصنع شخصا للقيام بالأعمال الإدارية    إلى حين  عودته من السفر
كما تنتهي الوكالة بعزل أو تنازل الوكيل حيث نص الفصل 931 من ق.ل.ع بأنه" للموكل أن يلغي الوكالة متى شاء ..."
وانطلاقا من الفصل يتضح أن المشرع خول للموكل عزل وكيله متى شاء إلا أن المشرع  نص في نفس الفصل على استثناءين وهما: إذا كانت الوكالة فيها مصلحة للوكيل أو الغير,لا يجوز عزل وكيل الخصومة متى أصبحت الدعوى جاهزة للحكم الوكيل الخصومة  حيث لا يبقى للمحكمة سوى حجزها لإصدار حكم فيها . حيث يمكن اعتبار عزل الوكيل في هذه الحالة تعسفا ظاهرا من طرف الموكل .
وإلغاء الوكالة قد يكون صريحا أو ضمنيا حسب الفصل 932 ق.ل .ع ويستخلص الإلغاء الضمني للوكالة من بعض الوقائع والملابسات كتعيين الموكل لوكيل أخر للقيام بنفس التصرف
وتنتهي الوكالة بتنازل الوكيل عنها شريطة أن يخبر الوكيل الموكل بتنازله عن الوكالة وأن يتخذ التدابير اللازمة للمحافظة على مصالح الموكل ، فإن لم يتخذ هذه التدابير فإنه يصبح مسؤولا  عن الأضرار التي قد تلحق الموكل وذلك تحت طائلة المطالبة بالتعويض وهو ما نص عليه الفصل 935 ق.ل.ع ,كما يمتد واجب الوكيل في الإخطار إلى الغير الذي له مصلحة وإلا استحق هذا الغير تعويضا عما قد يصيبه من ضرر وذلك حسب الفصل 936 من ق.ل.ع
دون أن ننسى حالة الموت أو فقدان الأهلية . حيث تنتهي الوكالة بموت الوكيل أو الموكل . وذلك لكونها تقوم على الاعتبار الشخصي ولا تمتد  إلى الخلف ,أما إذا كانت الوكالة معطاة من طرف عدة موكلين فإنها لا تنتهي إلا بالنسبة لمن مات منهم حيث تنتهي بالنسبة لنصيب الهالك من الصفقة ما لم تكن غير قابلة للتجزئة حسب الفصل 933 ق.ل ,ع كما أن الوكالة المعطاة من شخص معنوي تنتهي بانتهاء ذلك  الشخص تطبيقا لمقتضيات الفصل 930 ق.ل.ع
إلا أن الوكالة لا تنتهي بمجرد موت الموكل بل تبقى قائمة إلى أن يعلم الوكيل بذلك حيث تبقى صحيحة التصرفات التي يبرمها الوكيل باسم الموكل خلال الفترة التي يجهل فيها موت الموكل شريطة أن يجهل ذلك  الغير بدوره حسب الفصل 939 ق.ل.ع ، كما تنقضي الوكالة بحدوث تغيير في حالة الموكل كأن يحجز عليه بمقتضى حكم قضائي حسب الفصل 938 ق.ل.ع  إلا أنه  يطبق في حالة الوكيل أيضا وإن لم ينص المشرع صراحة على ذلك  . علما أن الفصل 880 ق.ل,ع يشترط في الوكيل أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية
بويدية كرم طالب باحث بماستر الأسرة و التنمية كلية الحقوق مكناس جامعة المولى إسماعيل 
 
الهوامش

-أنظر على سبيل المثال إحكام الأحكام على تحفة الحكام للشيخ محمد بن يوسف الكافي[1]
1.أنور طلبة:المطول في شرح القانون المدني"ج "التشريعات،إيجار الأماكن،العارية،الوكالة "الطبعة الثانية 2006 المكتب الجامعي الحديث الاسكندرية ص 228 .
.عبد السلام أحمد فيغو:العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي، طبعة 1 2008 مطبعة الأمنية الرياط.[3]
.عبد الكريم شهبون:"الشافي في قانون الالتزامات و العقود المغربي "الكتلب الثاني العقود المسماة ومايشابهها طبعة 1/2002[4]
-قرار عدد 170 بتاريخ 1990 "حيث إن من الوصل الذي أدلى به الطاعن والمسلم إليه من السمسار إن إتمام البيع معلق على موافقة المالك، وان المالك ينفي أن يكون أعطى موافقة على البيع ، كما أن الطاعن لم يثبت هذه الموافقة ، وأن وجود بيوع أخرى قد وافق عليها المالك لا يلزم منه موافقة على هذا البيع ، إذ الموافقة على البيع كأي تصرف ناقل للملكية يجب أن تكون صريحة وواضحة و لا يمكن استنتاجها من وقوع عمليات مماثلة على فرض وجودهاّ"[5]
-أنظر الفصل 896 من ق ل ع[6]
- الفصلين 913 و 914 فيما يتعلق بالتزام الموكل بتزويد الوكيل بالنقود والمصروفات والتعويضات [7]
-عبد القادر العرعاري : مصادر الالتزامات الكتاب الأول نظرية الغقد الطبعة الثانية 2005مطبعة الكرامة ص 91[8]
- أنظر الفصل 926 من  ق ل ع[9]
-عبد القادر العرعاري مرجع سابق ص91 /92[10]
-يوسف أيت لحلو الملخص المفيد للعدل الجديد الطبعة الأولى 2011 ص57[11]
-يوسف أيت لحلو: م س ص 58[12]
-قرار صادر بتاريخ 27 أبريل 1994 منشور بمجلة الإشعاع عدد 11 ص 121 [13]
- يوسف أيت لحلو: م س ص 58 [14]

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع