القائمة الرئيسية

الصفحات



ملخص القانون الاجتماعي
   القانون الاجتماعي يتضمن قانون الشغل بوجه عام، بوصفه نشاطا بشريا قائما على بذل مجهود فكري وجسمي ونفسي، المصدر الأساس للثروة، والمال، والخيرات، وهو ايضا سبب تقدم البشرية ونمائها وتحضرها ولذلك فعنصر الشغل، يظل الخاصية المميزة للإنسان باعتباره ذلك الكائن المدني المتحضر والمتطور، حيث بواسطته تمكن عبر عقب تاريخية متوالية من مراكمة مراحل من التطور الاقتصادي والصناعي والعلمي، حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن. ومن هنا فإن أهمية الشغل، أبعد بكثير من مجرد كونه مصدر رزق الأشخاص، فهو في الواقع مصدر حضارة وتقدم الإنسان ككل. ونحن في هذه الدراسة، إذا كنا معنيين بالشغل من زاوية اعتباره موضوع علاقة قانونية بين الأجراء والمشغلين في نطاق القانون الخاص، فمع ذلك يبقى الشغل شينا واحدا، في جميع الأحوال، وإن اختلفت تمظهراته، ومجالاته وقانون الشغل بجسد الجزء الأهم في إطار القانون الاجتماعي، إلى جانب قانون الضمان الاجتماعي

تعريف القانون الاجتماعي و تحديد أهميته

   إذا كان من الطبيعي والبديهي أن يكون لكل فرع من فروع القانون الخصائص التي تميزه وتجعله مختلفا عن باقي الفروع، فإن تميز القانون الاجتماعي يبقى أكثر بروزا، لما ينطوي عليه هذا القانون من ارتباط كبير بالواقع الاجتماعي، وحضور ملموس الأطراف أخرى غير الأطراف التقليدية لعلاقات الشغل، كالدولة والمنظمات النقابية والمنظمات المهنية

المطلب الأول: تعريف القانون الاجتماعي

    يعرف القانون الاجتماعي بأنه « مجموع القواعد القانونية المطبقة على العلاقات الفردية والجماعية الناشئة بين المؤاجرین الخصوصيين ومن يماثلهم من جهة، ومن يشتغلون تحت سلطتهم من جهة أخرى بسبب الشغل، وكذلك القواعد التي تحكم الضمان الاجتماعي».

أولا: قانون الشغل

    يعد قانون الشغل الجزء الأهم المشكل للقانون الاجتماعي. وقد ذهب بعض الفقه إلى تعريف قانون الشغل بأنه “مجموعة من القواعد القانونية المطبقة على العلاقات الفردية والجماعية التي تنبع بین المشغلين في القطاع الخاص أو المشابهين لهم، وبين الذين يشتغلون تحت إمرتهم، بمناسبة الشغل كما يمكن تعريف هذا القانون، بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات الشغل التي تجمع بين الأجراء والمشغلين. أو هو مجموعة الأحكام القانونية التي تطبق على عقود الشغل، وما تترتب عنها من نتائج قانونية.

   وقانون الشغل بالرغم من كونه يقوم على عنصر العمل، إلا أنه يخص فقط العمل لفائدة الغير، في إطار علاقة شغل خاضعة للقانون الخاص. وبتعبير آخر، يمكن القول أن قانون الشغل يتعلق بمفهوم العمل التابع، ولا يهم العمل الحر، كما لا يخص العمل المتعلق بالوظيفة العمومية وقانون الشغل في إطار التشريع المغربي يتجسد في عدة قوانين، أهمها مدونة الشغل، والمتمثلة في الظهير الشريف رقم 1 . 03 . 194 الصادر في 11 شتنبر 2003، بتنفيذ القانون رقم 65 . 99 ، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5167 بتاریخ 08 دجنبر 2003، ص 13969 ومن أجل تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، صدرت مجموعة من المراسيم التطبيقية، وصلت إلى ما يقرب من عشرين مرسوما. كما صدرت بالإضافة إلى ذلك، مجموعة من القرارات الوزارية وصلت إلى ما يقرب من 16 قرار وزاري.

ثانيا: قانون الضمان الاجتماعي

   الهدف من قانون الضمان الاجتماعي، هو توفير الحماية الاجتماعية للأجراء بمناسبة ممارستهم للشغل. ويعتبر الصندوق المغربي للضمان الاجتماعي من أهم المؤسسات المكلفة بالضمان الاجتماعي في إطار التشريع المغربي. وقد تم إنشاء هذا الصندوق سنة 1961، وهو حاليا يقع تحت وصاية الوزارة المكلفة بالشغل، حيث كان فيما سبق تحت وصاية وزارة الصحة.

المطلب الثاني: أهمية القانون الاجتماعي

    ينطوي القانون الاجتماعي على أهمية خاصة، وتبرز هذه الأهمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وأيضا على المستوى الحقوقي.

أولا: أهمية القانون الإجتماعي على المستوى الاقتصادي

   تبرر هذه الأهمية بالأسباب التالية:

1. لأن القانون الاجتماعي له ارتباط وثيق بالمقاولة باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات النسيج الاقتصادي.

2. لأن القانون الاجتماعي من خلال قانون الشغل، له ارتباط وثيق بتحديد مستويات الأجور وبالتالي تحديد مستويات الاستهلاك، ونعرف جميعا أن الاستهلاك يعتبر المحرك الديناميكي لعجلة الانتاج والاستثمار وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية.

3. لأن القانون الاجتماعي من خلال قانون الشغل تحديدا، له ارتباط مباشر بتحديد ظروف الإنتاج، وبالتالي تدخله في تحديد مستوى الجودة ومن ثم تحديد مستوى القدرة التنافسية للمقاولة

4. لأن القانون الاجتماعي من خلال قانون الشغل تحديدا له علاقة بتحديد مستويات الأسعار من خلال التأثير على تكلفة الإنتاج من جهة، وجودة المنتوجات من جهة أخرى.
ثانيا: أهمية القانون الإجتماعي على المستوى الاجتماعي

    ينطوي القانون الاجتماعي على أهمية خاصة على المستوى الاجتماعي، وذلك للاعتبارات التالية:

الاعتبار الأول: كون أن القانون الاجتماعي نجده يرتبط بفئة واسعة من المجتمع هي فئة الأجراء، وهي الفئة المنتجة والعاملة والكادحة

الاعتبار الثاني: كون أن القانون الاجتماعي له ارتباط وثيق بتحقيق السلم الاجتماعي، إذ بقدر ما كان القانون الاجتماعي منصفا للأجراء، كلما ساهم أكثر في تحقيق متطلبات الاستقرار والسلم الاجتماعيين، اللذين يعتبران من مظاهر تحضر وتقدم أي مجتمع إنساني.

الاعتبار الثالث: كون أن حماية حقوق الأجراء من خلال القانون الاجتماعي، لايساعد فقط على إنصافهم مهنيا، بل يساعد أيضا على تحسين أحوالهم الاجتماعية بخصوص قطاعات أخرى، كالصحة والتعليم والاستقرار الأسري
ثالثا: أهمية القانون الإجتماعي على المستوى الحقوقي

   معلوم أن الحق في الشغل، يعتبر من أعظم الحقوق وأهمها ولذلك نجده منصوصا عليه كحق من حقوق الانسان من خلال عدة مواثيق واتفاقيات دولية.


    كما جاءت مدونة الشغل متضمنة عدة أحكام الغرض منها حماية الحق في الشغل، وليس الحق في الشغل فقط، بل أيضا الحق في الاستقرار في الشغل، والحق في تكافؤ الفرص بخصوص الحصول على الشغل، والحق أيضا في الحصول على شغل متناسب مع المؤهلات الشخصية وبهذا الخصوص، جاء في ديباجة القانون رقم 65. 99 المتعلق بمدونة الشغل أن لكل شخص الحق في شغل يناسب حالته الصحية ومؤهلاته ومهارته، كما له أن يختار عمله بكل حرية و أن يمارسه في مجموع التراب الوطني”.
المطلب الثالث: تموقع القانون الاجتماعي ضمن فروع القانون

    بخصوص تموقع القانون الاجتماعي ضمن فروع القانون، تجدر الإشارة إلى أن القانون المذكور، يشكل إحدى أهم مواد القانون الخاص. وتفسر مسألة اندراج القانون الاجتماعي ضمن فروع القانون الخاص، بكون أن المصالح المستهدفة بالتنظيم من خلال النصوص المندرجة في إطار هذا القانون، هي في معظم الأحيان عبارة عن مصالح يغلب فيها جانب المصلحة الخاصة.

   إذ أن علاقات الشغل الفردية والجماعية التي يراد تنظيمها من خلال قانون الشغل، هي عبارة عن علاقات قانونية مرتبطة بمصالح ذات بعد خاص.

   وفي إطار القانون الخاص، تعتبر مادة القانون الاجتماعي إحدى أهم مواد قانون الأعمال، طالما أن القانون المذكور نجده مرتبط تمام الارتباط بعالم المقاولة والإنتاج والتجارة
المطلب الرابع : خصائص القانون الإجتماعي :

    يمكن ذكر أهم مميزات القانون الاجتماعي كما يلي:
الخاصية الأولى : القانون الإجتماعي قانون تفاوضي :

الخاصية التفاوضية للقانون الاجتماعي، تفسر بمسالة اعتماد هذا القانون على تقنية الحوار والتفاوض بين أطراف علاقات الشغل للتوصل إلى اتفاقات ناجعة، تحقق الحد الأدنى من التوافق المفي إلى السلم الاجتماعي وحماية المصالح المشروعة للأجراء

   ونظرا لأهمية أسلوب الحوار والتفاوض في إطار القانون الاجتماعي، نجد المشرع قد خص المفاوضة الجماعية بأحكام في إطار القسم الثالث من الكتاب الأول من مدونة الشغل.


    كما جاء في الفقرة الرابعة من ديباجة مدونة الشغل، أن “المفاوضة الجماعية حق من الحقوق الأساسية في العمل، ولاتحول ممارسته دون اضطلاع الدولة بدورها في حماية العمل وتحسين ظروفه، وصيانة حقوق العامل بواسطة نصوص تشريعية وتنظيمية”.

   وتجدر الإشارة إلى أن ثمة مواثيق دولية تشير إلى وجوب إعمال أسلوب المفاوضة الجماعية في نطاق علاقات الشغل، ونذكر بهذا الخصوص اتفاقية منظمة العمل الدوالية رقم 154 السنة 1981 بشأن تشجيع المفاوضة الجماعية. ثم توصية منظمة العمل الدولية رقم 163 لسنة 1981، بشأن المفاوضة الجماعية
الخاصية الثانية: القانون الإجتماعي قانون عمالي

   تفسر هذه الخاصية بكون أن القانون الاجتماعي الغرض الأساسي من ورائه هو حماية حقوق الطبقة العمالية باعتبار أن العامل الأجير يظل طرفا ضعيفا في إطار العلاقة التعاقدية التي تجمعه بالمشغل.

   وتفسر هذه الخاصية أيضا، بكون أن القانون الاجتماعي وخاصة في جانبه المتعلق بقانون الشغل، قد تطور وتوسع بفضل تراكم نظالات مختلف فئات الطبقة العاملة، ولهذا يبدو القانون الاجتماعي قانونا حمائيا بالدرجة الأولى لفائدة فئة الأجراء
الخاصية الثالثة : القانون الإجتماعي قانون يسير نحو التدويل

    يتميز القانون الاجتماعي، بكونه يتقدم باستمرار لتصبح مبادئه والحقوق الأساسية التي يكرسها بمثابة قاسم مشترك لدى جل التشريعات المقارنة المتعلقة بالقانون الاجتماعي. كما يرجع هذا الأمر إلى المجهود الجبار الذي يدل على مستوى هيئات المجتمع الدولي التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان بما فيها الحقوق المتعلقة بالشغل والحماية الاجتماعية للأجراء، ومن بين تلك الهيئات نذكر منظمة العمل الدولية
الخاصية الرابعة: القانون الإجتماعي قانون آمر

   تفسر الطبيعة الآمرة للأحكام القانونية المندرجة في إطار القانون الاجتماعي، بكونها مرتبطة تمام الارتباط بالنظام العام.

   ويبرر ارتباط أحكام القانون الاجتماعي بالنظام العام، بكون أن الهدف الأساسي منها حماية مصالح وحقوق تعتبر جوهرية وأساسية من جهة، كما أنه مرتبط بمتطلبات السلم الاجتماعي من جهة ثانية، وبمتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية من جهة ثالثة

   ونجد المشرع ينص صراحة في عدة حالات على الطبيعة الآمرة لقواعد واحكام القانون الاجتماعي، ونذكر بهذا الخصوص على سبيل المثال فقط، الفقرة الثالثة ما قبل الأخيرة من دیباجة مدونة الشغل التي جاء فيها أنه “تعتبر الحقوق التي يقرها هذا القانون حدا أدني لا يمكن التنازل عنها. كما تبرز الصفة الآمرة من خلال الصياغة اللفظية التي اعتمدت في مجمل مواد هذا القانون، وتبرز أيضا من خلال اللجوء إلى العقوبات الزجرية في عدد مهم من الحالات.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع