القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص التنظيم الإداري السداسي الثاني


مقدمة للتنظيم الإداري

تنقسم الدولة بمفهومها الحديث من حيث شكلها إلى دولة مركبة التي يربط بينها نوع من أنواع الاتحاد بحيث تخضع لسلطة سياسية مشتركة ، بينما الدولة البسيطة تبدو في أبسط صورها ككتلة واحدة من الناحية الداخلية و الخارجية ، حيث تباشر فيها السلطة التنفيذية من طرف هيئة واحدة و لها دستور واحد و هيئة تشريعية واحدة و شخصية وسيادة واحدة إلى جانب وحدة القضاء.

ويرتكز التنظيم الإداري في الدولة على أساليب فنية متمثلة في المركزية و اللامركزية كسبيل لتوزيع النشاط الإداري بين مختلف الأجهزة و الهيئات الإدارية في الدولة ، فالتنظيم الإداري ومهما كان النظام السياسي والاقتصادي السائد في الدولة يبني علي أجهزة وإدارات مركزية وأخري لامركزية .
فالمركزية الإدارية أو النظام الإداري المركزي LA CENTRALISATION ADMINISTRATIVE يعتمد على توحيد وحصر الوظيفة الإدارية و تجميعها في يد سلطة واحدة تنفرد بالبت النهائي في جميع الاختصاصات عن طريق ممثليها في عاصمة الدولة أو في أقاليمها ، بحيث يؤدي هذا التركيز للسلطة الإدارية إلى وحدة أسلوب النظام الإداري في الدولة على شكل نظام تدرجي أو ما يعرف بالتدرج أو السلم الإداري
وبهذا فهو أقرب إلي تحقيق العدالة من الزاوية الإدارية لأنه يضمن تجانسا في العمل بحكم تركيز السلطة ، لذلك أشار Charles Brun أن عدم التركيز كصورة من صور المركزية يؤدي إلى وضوح في العمل و توحيد لنمطه, أما من الناحية السياسية و المالية فان النظام الإداري المركزي يؤدي إلى تقوية السلطة العامة في الدولة و تسهیل و بسط نفوذ الحكومة وهيبتها ،و تعمل علي إبراز وحدة السلطة و السيادة في الدولة وكذا يترتب على ذلك التقليل من النفقات العامة إلي حد ممكن نظرا لوحدة مصدر النفقات و الرقابة الدقيقة الموحدة.
تأخذ الإدارة المركزية في الواقع صورتين فالأولي تتمثل في حصر و ترکيز وجمع الوظائف الإدارية بيد السلطة المركزية بالعاصمة ، فهو المركزية المشددة أو المتوحشة. أما الصورة الثانية فهي عدم التركيز الإداري و هي ما يطلق عليها اسم المركزية المخففة أو البسيطة و هي صورة لتنظيم الإدارة لزيادة نشاط الدولة وتحولها من الدولة الحارسة إلي الدولة المتدخلة مما أدي إلي ضرورة التخفيف من درجة التركيز العالية التي يتصف بها التركيز الإداري ،
ولكن سلطة البت هذه لا تعني استقلالهم عن السلطة المركزية ، بل يمارس هؤلاء الموظفون المعنيون على المستوي المحلي ، صلاحياتهم تحت السلطة الرئاسية أو التسلسلية الرئيس الدولة أو ممثله الوزير .
وعليه ، فنظام عدم التركيز الإداري، تبقي جميع القرارات الهامة من اختصاص السلطة المركزية ، إلا أن الأجهزة المحلية التي تمثل السلطة المركزية تمتلك بعض السلطات لأخذ القرار عن طريق التفويض.
ونظرا لتغير وظائف الدولة التدريجي نتيجة اتساعها نطاقها الجغرافي والبشري، وكذا زيادة طبيعة احتياجات مواطنيها والوسائل اللازمة والضرورية لذلك ، فضلا عن تغير نظرة الدولة الحديثة للإدارة العامة من جهة، ونتيجة لعيوب النظام المركزي من جهة أخرى توجهت الدول الحديثة إلى الأخذ بالنظام الإداري اللامركزي الذي يتحقق بتوزيع الوظائف بين السلطات المركزية و الهيئات المحلية.

  • مقدمة للتنظيم الإداري
  • مفهوم الشخصية المعنوية وطبيعتها القانونية
  • آثار الاعتراف بالشخصية المعنوية
  • نهاية الشخصية المعنوية وآثارها
  • ماهية المركزية و اللامركزية
  • كيف تتحقق المركزية الإدارية
  • كيفية تحقق اللامركزية الإدارية
  • أشكال المركزية الإدارية
  • صور و أركان اللامركزية الإدارية
  • تقييم اللامركزية الإدارية – ايجابيات و سلبيات
  • الأهداف الاقتصادية و السياسية و الإجتماعية للامركزية
  • العوامل المؤثرة في اللامركزية الإدارية

مفهوم الشخصية المعنوية وطبيعتها القانونية


 فلا مجال للحديث عن التنظيم الإداري دون الحديث عن الشخصية المعنوية، فهو يستند عليها كأساس ومعطی قانوني، ففكرة الشخصية المعنوية التي يكتسبها الأشخاص الاعتبارية كمقابل لما يتمتع بها الأشخاص الطبيعيين من شخصية قانونية، حيث يكتسبها الإنسان منذ ولادته والتي تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزاماته.

تعريف الشخصية المعنوية وتحديد أنواعها

آن دراسة فكرة الشخصية المعنوية لها أهمية كبيرة بصفة عامة في القانون الإداري فهي مفاهيم أساسية يجب معرفة معانيها ومحتواها لفهم المعنى الحقيقي للقانون الإداري، وبصفة خاصة تتجلى كذلك الأهمية في الدور الذي تلعبه هذه الفكرة كوسيلة للتنظيم الإداري فهي تحتل من المكانة ما يحتله العمود الفقري بالنسبة للإنسان، إذ لا يتصور على الإطلاق قيام الدولة بمهامها دون الاعتماد على فكرة الشخصية المعنوية والتي تؤهلها على توزيع المهام و الوظائف وإنشاء الهيئات المختلفة لإشباع حاجات الأفراد.
لذلك سنتناولها في مطلبين نتعرض في المطلب الأول إلى تعريفها، أما في المطلب الثاني إلى طبيعتها القانونية لاختلاف أراء الفقهاء في تكييف طبيعتها القانونية

المطلب الأول : تعريف الشخصية المعنوية

تعد الشخصية المعنوية سندا لعملية تنظيم وتوزيع الوظائف والاختصاصات الإدارية بين مختلف هيئات وأجهزة الإدارة العامة للدولة، فالشخص المعنوي هو مجموع أشخاص أو مجموع أموال تتكاثف وتتعاون لمدة زمنية محددة لتحقيق هدف وغرض، بحيث تكون هذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال مصلحة جماعية مشتركة مستقلة عن المصالح الذاتية و الفردية لأفراد الجماعة .
إلا أن فكرة الشخصية المعنوية وجدت فريقا من الفقهاء من أكدوا وجودها وضرورتها، وآخرون منهم من رفضها ولم يقبلها، فحسب هؤلاء الفقهاء الذين رفضوها حجتهم في ذلك أنها مفهوم ميتافيزيقي لا وجود له بل يعترفون لها فقط للشخص الطبيعي وهو ما يمكن القبول به دون غيره (وفي هذا الصدد ظهرت نظريات فيها من يؤيد ومن ينكر سنتناولها في الطبيعة القانونية للشخصية المعنوية ).
فاصطلاح الأشخاص الاعتبارية يعني صراحة أنها تكتسب الشخصية القانونية حكما، أي بنص القانون الذي اعتبرها كذلك وفي نفس الوقت تعني ضمنا أنها ليست أشخاصا طبيعية وإنما يمنحها المشرع الصفة القانونية الاعتبارية أو المعنوية لكي تمارس حقوقا وتلتزم بواجبات من أجل تحقيق أغراض وأهداف معية مشروعة.

المطلب الثاني : أنواع الأشخاص المعنوية

يميز عادة بين نوعين من الأشخاص المعنوية الأشخاص المعنوية الخاصة تم الأشخاص المعنوية العامة معيار التمييز بينهما قائم على أساس النظام القانوني الذي تخضع له كل من الفئتين.

الفقرة الأولى : الأشخاص المعنوية الخاصة

تخضع إلى أحكام القانون الخاص، وتهدف إلى تحقيق مصالح خاصة للأشخاص المكونين لها. مثال الشركة التي تتميز بكونها عبارة عن شخص معنوي ينشأ عن عقد موضوعه تحقيق الأرباح أو تقاسمها. وفي بعض الأحيان يكون الهدف من خلق دلك الشخص المعنوي الخاص تحقيق أهداف غير تقاسم الأرباح مثال النقابات التي تتوخى بالأساس الدفاع عن المصالح المهنية، لدا اعترف القانون لها بأهلية واسعة

الفقرة الثانية : الأشخاص المعنوية العامة

تخضع لأحكام القانون العام، وتهدف إلى تحقيق الصالح العام، وتتميز هذه الفئة بحيازة امتيازات الولاية العامة، وخضوعها للوصاية الناتجة عن استقلالها
وتنقسم عموما إلى الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية أو الترابية وتشمل الدولة والجماعات المحلية:
وهي عبارة عن وحدات ترابية أو جغرافية تتمتع بالشخصية المعنوية، وتضم مجموعة من الأفراد أو السكان، وتختص في تسيير قضايا وطنية أو محلية, وتوجد الدولة على رأس هذه الأشخاص المعنوية العامة الترابية، وتباشر اختصاصها على جميع التراب الوطني وتعتبر من أشخاص القانون العام الأساسية،
فهي التي تعطي الشخصية المعنوية لباقي الأشخاص، وقد انقسم الفقهاء قديما إلى مذهبين, مذهب ينكر أن تكون للدولة شخصية معنوية، ومذهب أخر يعترف لها بهذه الشخصية المعنوية غير أن المذهب الأخير هو السائد حاليا لاتفاقه مع المنطق القانوني المرتكز على الاعتبارات التالية :
– استمرار شخصية الدولة رغم حكامها أو نظام الحكم فيها
– وجود ذمة مالية للدولة متميزة عن شخصية حكام الدولة
– منحها الشخصية المعنوية لباقي الأشخاص

آثار الاعتراف بالشخصية المعنوية


إن الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان وفي الحدود التي يقرها القانون، ويكون لها أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون، و مواطن وهو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، وكذا نائب يعبر عنه ، وأخيرا حق التقاضي، وهذا ما سوف نتناولها على التوالي.

الفرع الأول : الأهلية :

تخول الشخصية الاعتبارية للهيئة القيام بأعمال تنتج أثارها القانونية طبقا للقانون أي تستعد القيام بأعمال يمنعها القانون وحتى وان بادرت إلى ذلك بعد عملها مشوبا بعيب قيد المشروعية ومنه تخول لها العديد من الحقوق وتلتزم بالمسؤوليات فلها مثلا حق التعاقد فتتمتع بحق إبرام العقود في إطار ممارسة نشاطها دون حاجة لاستصدار إذن أو رخصة بالتعاقد..

الفرع الثاني: الموطن:

الموطن هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، ويقترن الموطن بالاسم والمقر ويحددها المشرع بموجب مرسوم رئاسي وللموطن أهمية خاصة تتعلق بتحديد الاختصاص القضائي من حيث الحدود الإقليمية ورسم المجال الجغرافي لممارسة حق التقاضي أمام الجهات القضائية .

الفرع الثالث: نائب يعبر عنه:

فليس للشخص المعنوي وجود مادي ملموس يمكن أن يرى بالعين المجردة، وإلا ما سمي شخصا معنويا ،لذا وجب أن يمثله بشخص طبيعي يتحدث باسمه ويبرم العقود ويتقاضى كذلك باسمه، كالوالي نائب عن الولاية، ورئيس المجلس الشعبي البلدي نائب عن البلدية .

الفرع الرابع: حق التقاضي:

لا يجوز لأي مؤسسة أو هيئة فاقدة للشخصية الاعتبارية الدفاع أو الادعاء أمام القضاء بينما المكتسبة الشخصية الاعتبارية يترتب عنها حق مشروع وهو حق التقاضي كونها تستطيع المطالبة بحقوقها أمام القضاء والادعاء حتى ضد المجموعة الخاضعة لها، لذا فانه يمكنها أن تكون مدعية أو مدعي عليها أمام المحاكم.

الفرع الخامس: الإستقلال المالي و الإستقلال الإداري:

والميزة الأهم من كل ذلك هي تمتع تلك المؤسسات والهيئات بالذمة المالية المستقلة أو ما يسمى بالاستقلال المالي وكذا الإداري، حيث يتمتع الشخص المعنوي بذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للجهة أو الشخص الذي أنشأه حيث تكون وعاء لحقوقها والتزاماتها المترتبة عن نشاطها، فالذمة المالية للبلدية مثلا مستقلا استقلال تاما عن الذمة المالية للدولة حيث تعتبر ضمانا لدائنيها ووسيلة للقيام بمهامها ولتسيير شؤونها..
وما يجدر الإشارة إليه أن النتيجة المترتبة عن تمتع الأشخاص الاعتبارية بالذمة المالية هي الاستقلال كذلك الإداري حيث يعمل بصورة منتظمة فتحدث داخل الشخص المعنوي أجهزة وتنظيمات سواء كانت أجهزة للمداولة أو للتنفيذ،

الفرع السادس: المسؤولية المدنية و الجزائية للشخص المعنوي

لكن ما يجب الإشارة إليه أنه مدام الشخص الاعتباري يتمتع بأهلية قانونية وذمة مالية ومستقلة، أضف إلى ذلك أهلية التعاقد وحق التقاضي، فالسؤال المطروح هل يتحمل الشخص المعنوي المسؤولية سواء المدنية أو الجزائية عن الأفعال الضارة ؟

أولا : المسؤولية المدنية للشخص المعنوي

أن تمتع أي مؤسسة أو هيئة بالشخصية المعنوية يقتضي اعتبارها شخصا أمام القانون ، لها صلاحيات اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات سواء كان مصدرها التعاقد، وذلك طالما يتوافر فيها أهلية الأداء ومن ثمة إمكانية إبرام مختلف التصرفات والعقود، أو كان مصدر هذه الالتزامات القانون مباشرة،
فأساس التزام الهيئات والمؤسسات بمختلف الالتزامات ذالتي يكون مصدرها القانون مباشرة إنما هو نص القانون ذاته باعتباره كشخص قانوني يتمتع بكامل الأهلية.
أما أساس الالتزام بالالتزامات الناشئة عن التعاقد أن لها بسبب اكتسابها الشخصية المعنوية ، إرادة يعبر عنها من يقوم بتمثيلها بصفة قانونية لذلك كانت إرادة الممثل القانوني للهيئة هي نفسها إرادة الهيئة كشخص قانوني، فمسؤولية المؤسسة أو الهيئة مشروطة عن تلك التصرفات أو العقود والتي يتم إبرامها من طرف ممثلها، مشروطة بأن يكون التصرف صادرا عن الشخص الطبيعي الذي يمثلها كشخص قانوني بصفته هذه وليس بصفة أخرى،
لذلك لا يمكن مسائلة الهيئة عن تصرفات ممثلها القانوني إذا تمت هذه التصرفات خارج فترة نيابته عنها أو إذا صدرت هذه التصرفات من الممثل بصفته الشخصية أو بصفته ممثلا عن شخص أخر.

ثانيا : المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي:

لقد رفضت معظم التشريعات وأيدها في ذلك الفقه، قبول مبدأ المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن أفعال ممثليه القانونيين وذلك لاعتبار أن المسؤولية الجزائية تقتضي توافر الإرادة في حين الشخص الاعتباري لا إرادة له، إلا أنه تم التسليم بالمسؤولية المدنية للهيئات والمسؤولية كأشخاص لا إرادة لها،
فإنه من المنطق أن نسلم أيضا بالمسؤولية الجزائية، وهذا لا يزال الخلاف قائما حول مدى قابلية الشخص المعنوي الخضوع للمسؤولية الجزائية، وذلك حسب الشروط المقررة بمختلف التشريعات العقابية،
 فهناك فريق معارض على أساس انعدام الإرادة والتمييز، وفريق أخر مؤيد على أساس أن المؤسسة آو الهيئة يعتبر حقيقة قانونية فهي تتميز بإرادتها المستقلة من إرادة أعضائها وبالتالي يمكن مساءلتها جزائيا.
ومن أهم مبررات الاتجاه المعارض لقيام المسؤولية الجزائية أنها لا تتوفر على الإرادة والتمييز الذي يجعلها قادرة لارتكاب الجريمة فهي افتراض قانوني لا وجود له، أضف إلى ذلك أنه يتناقض مع طبيعة العقوبات الجزائية المقررة في القوانين الجزائية كعقوبة الإعدام أو العقوبات السالبة للحرية والتي لا يمكن تطبيقها على غير الأشخاص الطبيعية ولا يصلح للأشخاص المعنوية إلا العقوبات المالية كالغرامة أو الحل.

تعريف المركزية واللامركزية 

إن الاختيار بين المركزية واللامركزية يعتبر من أكبر المشاكل المتصلة بتفويض السلطة في المنظمات الإنسانية مهما اختلفت أنواعها، ومما يزيد من حدة هذه المشكلة عدم القدرة على تغلب أحدها على الآخر، فكل منها يحقق مزايا لا تتوفر في الآخر.

مفهوم المركزية واللامركزية

هناك تعريفات شائعة للتفرقة بين المركزية واللامركزية ، يقول الأول بأن المركزية تعني التركيز الجغرافي ، أي وجود المنظمة في مكان واحد . في حين أن اللامركزية تعني التشتيت الجغرافي ، بمعنی توزیع فروع المنظمة على أماكن متفرقة .
أما التعريف الثاني ، فيعني أساس درجة تفويض سلطة اتخاذ القرارات على المستويات التنظيمية ، حيث تميل المنظمة إلى الأخذ بأسلوب اللامركزية بزيادة درجة تفويض السلطة ، والعكس في حالة استبقاء سلطة اتخاذ القرارات في المستوى الأعلى .
كما يعرفها (عبد الوهاب) بأنه يقصد بالمركزية تجميع صلاحيات اتخاذ القرارات في إدارة أو شخص واحد أو عدد محدود من المديرين. وأما اللامركزية فهي انتشار صلاحية اتخاذ القرارات في أكثر من جهة أو إدارة أو شخص، ويقصد بصلاحيات اتخاذ القرارات ممارسة الوظائف الرئيسية للإدارة من تخطيط وتنظيم وقيادة ورقابة. وتأخذ المركزية واللامركزية درجات مختلفة. فتزيد درجة المركزية إذا انحصرت صلاحية التصرف واتخاذ القرارات في يد شخص واحد أو عدد قليل. ومن جهة أخرى كلما كان هناك تفويض للسلطات للمستويات الإدارية المختلفة، فإن هذا يعني زيادة اللامركزية.
ولا يوافق ( ألن 1958 م) على اعتبار اللامركزية الجغرافية شكلا من أشكال اللامركزية الإدارية، ويدلل على ذالك بقوله أنه عندما تقوم إحدى المنظمات ذات المركز الرئيسي في مدينة ما ببناء وحدتين في مدينتين آخرين، فإنها في الواقع توزع تسهيلاتها الإنتاجية على أماكن متفرقة، وليس ضروريا أن تكون لا مركزية، لأن اللامركزية الإدارية ليس من الضروري أن تتواجد مع الست الجغرافي.
ويأخذ (فایول ) بنفس المعنى عندما يقول أن كل ما يزيد من أهمية المرؤوسين في المنظمة بعد شكلا من أشكال اللامركزية، وبالعكس فإن كل ما يقلل من أهميتهم يعتبر مي نحو المركزية.
إن الرأي الغالب هو أن التشتت الجغرافي يمكن أن يكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى اللامركزية. وعليه، فإن لفظ اللامركزية إنما يعني مدى التوسع في تفويض سلطة صنع وإصدار القرارات.

درجة اللامركزية

إن اللامركزية – بمعنى التوسع في تفويض السلطة – لا يمكن أن تكون مطلقة، وهذا يعني أن أي تنظيم إداري لمنظمة ما، لابد أن يتضمن قدرا من المركزية وقدرا آخر من اللامركزية. ولغرض التدليل على هذا الرأي، فلو تصورنا حالة افتراضية يحتفظ فيها الرئيس الأعلى لإحدى المنظمات بجميع السلطات اللازمة لاتخاذ جميع القرارات، نكون قد حققنا المركزية الكاملة، على العكس من ذلك، إذا تمتع كل إداري في جميع المستويات بسلطة تحديد ما يشاء من الأهداف، وإصدار ما يريد من القرارات، تكون قد حققنا اللامركزية الكاملة أو المطلقة، والحالة الأولى مستحيلة التنفيذ عمليا، خصوصا في منظمة كبيرة الحجم متعددة النشاط. أما الحالة الثانية – اللامركزية الكاملة – فتعني نوعا من الفوضى.
معنى ما سبق أن اللامركزية – وكذلك المركزية – هي تعبير نسبي، ومن ثم فإن التوازن بين المركزية واللامركزية يصبح أحيانا وهذا التوازن تحدده العلاقة التنظيمية بين المستويات التنفيذية والمستويات العليا.

 تتحقق المركزية الإدارية

كيف تتحقق المركزية

تتحقق المركزية الإدارية بطرق عديدة، هي:
1- تتحقق المركزية الإدارية عندما يتم تصعيد كل موقف أو مشكلة تتطلب حلا إلى القيادات العليا في الجهاز الإداري الحكومي (أي الوزراء من أجل البت فيها، ووضع الحلول المناسبة لها. وهذا يعني عدم امتلاك المستويات الدنيا في الهرم التنظيمي صلاحية إيجاد الحل أو التصرف إزاء هذه المشاكل إلا بعد موافقة القيادات العليا.
ومثلما يكون من صلاحية هذه القيادات العليا مهمة اتخاذ القرار، فإنها تمتلك الحق كذلك في الرفض والتعديل والإلغاء إذا ما تطلب الأمر ذلك ، وما على الجهات الأدنى إلا تنفيذ ما تقرره هذه القيادات العليا.
2 – وتتحقق المركزية بواسطة إصدار لوائح وتعليمات وقرارات تفصيلية من قبل الجهات العليا وتلتزم الجهات الأدنى بتطبيقها، دون أن يكون لها حق التصرف والاجتهاد بما يخالف هذه القرارات والتعليمات صورة رسمية وتشم بطابع العمومية ، بمعنى أنها تطبق على جميع الحالات المتشابهة.
في هذه الحالة تعفي المستويات الإدارية العليا من اتخاذ قرارات مباشرة منفردة تتعلق بكل حالة على حدة أو بكل موقف من المواقف التي تواجه الأجهزة الإدارية ذات المستوى الأدنى ،
فتحصيل الضرائب الجمركية مثلا تنظمه قواعد ولوائح تحدد إجراءات تثمين السلع والجهة التي تقوم بالتثمين ونسبة الضريبة المفروضة على كل نوع من أنواع السلع وحالات وشروط وحدود الإعفاءات الجمركية ، وعلى دائرة الجمارك أن تطبق هذه القواعد واللوائح بكل له دون أن يكون لها حق التصرف والاجتهاد .
3 – كما يمكن تحقيق المركزية بطريقة الخلط بين الطريقتين السابقتين ، فقد يصدر المركز لوائح وتعليمات تفصيلية منظمة العمل في الجهاز الإداري ، على أن تعرض على المركز الحالات والمشاكل التي يكون لها طابع مميز ،أو حين لا تتضمن اللوائح والتعليمات حلوة لها ، أو لا تحدد كيفية التصرف إزاءها.

عوامل وأسباب الأخذ بأسلوب المركزية

تكمن عوامل وأسباب الأخذ بالمركزية الإدارية كأسلوب في إدارة التنظيم الحكومي لاعتبارات عديدة، تكون في ذهن الرئاسة الإدارية محور فكرها في تركيز السلطة وممارستها في إدارة الجهاز الحكومي. فصدور القرارات من مركز واحد وصدور القواعد المنظمة العمل الوحدات الإدارية من جهة مركزية واحدة يضمن توحيد أنظمة العمل الحكومي ويضمن توحيد المعايير التي تقوم عليها تصرفات العاملين في الأجهزة الإدارية.
وفي هذا المجال يمكننا إبراز أهم العوامل والأسباب التي تؤدي إلى الأخذ بنظام المركزية الإدارية في ما يلي :
1 – من الأسباب التقليدية لإتباع أسلوب المركزية رغبة الرئيس الإداري في مباشرة السلطة بنفسه نظرا لحبه لها واستثاره بها وعدم ثقته في مساعديه أو مديري الوحدات الإدارية الأدنى أيا كانت أسباب عدم الثقة.
2 – الرغبة في توحيد أساليب وأنماط النشاط والعمل الإداري في مختلف مرافق الدولة وفي مختلف مناطقها، وهذه الرغبة تتحقق من جراء الاعتماد على مصدر مركزي واحد في إصدار القرارات التي تكون ملزمة لجميع أجزاء الجهاز الإداري.
3 – انتفاء العيوب التي كانت تترافق مع إتباع أسلوب المركزية من خلال التطورات العلمية الحديثة التي سجلت عملية الاتصالات وسرعة إيصال القرارات والتعليمات إلى أجزاء الجهاز الإداري من المركز ، هذا بالإضافة إلى أن التخوف من المسئولية الإدارية في التنظيمات الحكومية الحديثة والتي تتم من خلال عديد من أجهزة الرقابة الإدارية، قد أدت إلى ممارسة السلطة في إدارة التنظيم بأسلوب مرکزي.
4 – إن تطبيق أسلوب المركزية في الإدارة يؤدي إلى تأكيد وضمان وحدة الدولة من الناحية القانونية والسياسية، ويسهم في تثبيت سلطة الحكومة المركزية، لاسيما في حالة وقوع الأزمات ذات الطابع القومي. فالتركيز هنا يفضي إلى عدم تفتيت الدولة، ويحقق وحدتها، كما أنه يضمن صدور القرارات، بما يفي بالاعتبارات القومية، والمصلحة العليا للدولة
5 – يتم اللجوء إلى الأسلوب المركزي ، نتيجة لاعتباره الوسيلة الأمثل لتنفيذ خطط التنمية الشاملة .. ذلك أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر بها هذه الدول في مسيرة نموها وتطورها، تستوجب توفر رؤية قومية شاملة، وتتطلب نوعا من التوجيه والسيطرة والرقابة المركزية على مختلف أجهزة الدولة، المنوطة بها تنفيذ هذه التحولات. وهذا طبعا لا يمكن توفيره إلا من خلال إتباع نمط إداري، له درجة عالية من المركزية
6 – يلعب شكل الدولة، ومساحتها، وعدد سكانها دورة في إتباع أسلوب المركزية في العمل الإداري، فإذا كانت الدولة بسيطة (غير مركبة)، وذات إقليم صغير، وكثافة سكانية قليلة، فإن هذه الأمور تشجع إلى حد ما القيادات السياسية في الدولة أن تركز في يدها سلطات كثيرة، دون إعطاء فرصة للمستويات الأدنى في حرية التصرف، ويكون هذا التركيز مقبولا إلى درجة كبيرة حيث لا يعوقه شكل الدولة، أو تشتت إقليمها، أو كثرة عدد سكانها.

كيف تتحقق اللامركزية

اللامركزية الإدارية تعني تقويض كل أو بعض سلطات المركز إلى الوحدات والوظائف الأدنى في الجهاز الإداري. وهذا يعني تمتع هذه الوحدات الإدارية والوظائف بصلاحية وسلطة صنع القرار، والتصرف المستقل، وفق ما يمليه عليها تقديرها للحالات والمشاكل التي تواجهها. فعندما تصنع القرارات على مستوى الوحدة أو الوظيفة القائمة بالتنفيذ، دون أن تصعد هذه القرارات إلى مستويات أعلى، وعندما لا تقيد تصرفات الوحدات والوظائف بلوائح مقيدة لسلطتها وصلاحيتها التقديرية، فإن اللامركزية تكون هي الصفة الغالبة.
وكذلك فإن اللامركزية تعني المرونة في التبعية الإدارية، بحيث لا ترتبط الأجهزة الإدارية في إقليم الدولة ارتباطا رأسية، إذ تتدرج تدرج هرمية في الجهاز الإداري الرئيسي في عاصمة الدولة، وفق القرارات التي تحكمها، وتحدد علاقتها ببعضها، بحيث تكفل تأدية الوظيفة الإدارية للدولة على وجه لا يتعارض مع بعضه، وعلى وجه لا يحدث تباينا وتعارضا في أهداف الدولة. ولا يتعارض كل ذلك مع القرارات الدستورية والتشريعية أو القضائية للدولة.
وتبريرا لهذا الأسلوب في إدارة الجهاز الحكومي، يرى فيه البعض أنه يحرر الإدارة من الروتين، ويساعد على روح الابتكار فيها، وعلى الوفاء بالحاجات البيئية والإقليمية المناطق الدولة، وفق ظروفها المحلية، كما أنه يضفي الصفة الديمقراطية على العمل الإداري نفسه.
وبطبيعة الحال، فإن هذه الأجهزة، أو المجالس التي يضمها النظام الإداري اللامركزي، تخضع تماما الإشراف الدولة، ولجميع مؤسساتها السياسية، ولما يصدر عنها من قرارات.

حالات تحقق اللامركزية

وتتحقق اللامركزية في إحدى الحالتين الآتيتين :
أولا: قد يفرض المركز السلطة والصلاحيات للوحدات والوظائف الأدنى، مع بقاء هذه الوحدات والوظائف في كيان الجهاز الإداري الذي يقع المركز على قمته، مثل تفويض السلطة لبعض مصالح أو فروع وزارة معينة، لكي تباشر عملها، دون تدخل من الجهاز المركزي للوزارة، ولكن مع بقاء هذه المصالح والفروع ككيانات مندمجة في كيان الوزارة .
 ثانيا : قد تتحقق اللامركزية من خلال منح كل أو بعض الوحدات التنظيمية العامة استقلالية إدارية وتنظيمية مالية، ومنحها الشخصية الاعتبارية المستقلة، وفي هذه الحالة تباشر هذه الوحدات التنظيمية سلطات واسعة في إدارة شؤونها وأعمالها بنفسها. وفي هذه الحالة تعتبر الوحدات التنظيمية التي منحت هذا الاستقلال وحدات لا مركزية. ومثل هذه الوحدات اللامركزية المؤسسات والمشروعات العامة التي تمنح شخصية اعتبارية مستقلة، وهذه ما يطلق عليها اسم اللامركزية المصلحية. وهناك أيضا وحدات الإدارة المحلية، ووحدات الحكم المحلي التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، وكيان تنظيمي مستقل، وهو ما يطلق عليه اسم (اللامركزية الإقليمية).
إن الأسلوب اللامركزية في الإدارة يقوم على فكرة تشتيت السلطة، وتوزيعها بين أجزاء الجهاز الإداري ومستوياته، وعلى تفويض هذه السلطة إلى المستويات الأدنى. والأسلوب اللامركزية بهذا المفهوم يحمل في طياته إمكانيات تنوع القرارات والتصرفات التي تصدر عن الأجهزة والمنظمات، وعن العاملين فيها. عوامل وأسباب الأخذ بأسلوب اللامركزية :

أسباب و العوامل الأخذ باللامركزية

من الأسباب والعوامل التي تدفع للأخذ باللامركزية، يمكننا أن نذكر الآتي:
1- إن اللامركزية تمنع التركيز، والتضخم في ممارسة السلطة، وهذا يؤدي إلى تمتع الوحدات الإدارية أسفل التنظيم الإداري بقدر من السلطة في اتخاذ القرارات، وهذا يمكنها من المبادرة في وضع القرارات في موقعها. ومن ثم تكون متلائمة إلى حل كبير مع ظروف العمل، حيث تتم وفق تقدير الظروف المنبثقة من مواقع العمل.
2 – إن اتساع حجم التنظيمات الإدارية يستدعي الأخذ بأسلوب اللامركزية.
3 إن التخصص ومبدأ تقسيم العمل، يحتم الأخذ بأسلوب اللامركزية. فهذا الأسلوب يخفف إلى حير كبير من أعباء القيادة الإدارية، ويمنع تضخم السلطة، حتى تتفرغ القيادة الإدارية لوظائف أخرى، هذا إلى جانب أن اللامركزية تبعد الرئاسة الإدارية عن الدخول في التفصيلات
4 إن مبادئ ديمقراطية إدارة التنظيم توجب الأخذ باللامركزية، كما تؤدي اللامركزية إلى تنمية وتوسيع خبرات القيادات الإدارية، بحيث تصبح اللامركزية أداة لتدريب رئاسات المستقبل.
 5– تؤدي اللامركزية إلى مواجهة مشاكل إدارة التنظيم بسرعة، والتصدي لحسم الأمور باتخاذ القرار الملائم لمواجهة المواقف المختلفة.
6 – تؤدي اللامركزية إلى تدعيم التعاون بين المستويات المختلفة في التنظيم الإداري، فيما يتعلق بأداء برامجها، كما تعمل على رفع الروح المعنوية، وخلق روح المبادرة، والقضاء على الروتين ومقاومات تنفيذ البرامج الهيكيلي.


أشكال المركزية الإدارية


أن الأسلوب الإداري المركزي تختلف صوره باختلاف درجة وحصر وتركيز وجمع الوظائف الإدارية ، فإذا كان الحصر للسلطات بشكل مطلق وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالتركيز الإداري أو المركزية المكشفة أو المطلقة أو الكاملة أو الوزارية إبراز الدور الوزير، ويبين تحويل بعض السلطات للممثلين على مستوى أجزاء الإقليم وهو ما يعبر عنه بعدم التركيز الإداري وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالمركزية النسبية.

الفرع الأول : التركيز الإداري

أطلق عليه بعض الفقهاء اسم المركزية الوحشية ويمثل الصورة القديمة والبدائية للمركزية، حينما كان تدخل الدولة محدودة، حيث كان يمكن حصر وجمع كل مظاهر إدارة وتسيير النشاط الإداري في عمومياته أو جزئياته بيد الوزراء وممثلين السلطة، الأمر الذي يجعل من ممثلهم عبر أقاليم الدولة مجرد منفذين للأوامر والتعليمات الوزارية ، إذ يجب عليهم الرجوع إلى السلطة المركزية ويرفعون اقتراحاتهم إلى السلطة في انتظار ردودهم .
وحسب ما جاء به الدكتور ” عمار بوضياف ” أن الأخذ بهذا النمط من التنظيم والأسلوب الإداري من شانه يحدث حالة من الاختناق نتيجة تراكم الملفات وانتصار الحسم فيها من الوزير المعنى، وهذا ما يأخذ وقتا أطول وبالضرورة العكس سلبي على المعنيين بالخدمة .

الفرع الثاني : عدم التركيز الإدارية

يعتبر فقهاء القانون أن أسلوب عدم التركيز الإداري أداة من أدوات تحقيق وطأة النمو المركزي في التدبير، فيقتضي توزيع السلطات الإدارية بين الحكومة المركزية وممثليها على الصعيد المحلي، حيث تمنح لهؤلاء بعض الصلاحيات والاختصاصات والسلطات الإدارية مع بقائهم تابعين للحكومة المركزية ومعينين من قبلها، دون أن يترتب على ذلك استقلالهم بحيث يبقون خاضعين لرقابة وإشراف السلطات المركزية،
أي أن الممثلين على الصعيد المحلي أو اللجنة الخاصة بسلطة القرار لا يتمتعون بالاستقلال والانفصال التام عن السلطة المركزية بل أن سائر أعمالهم تبقى تحت إشراف الجهة المركزية والمتمثلة في الوزير المختص، فهذا الأسلوب من التنظيم الإداري لا يخرج كونه تفويض اختصاص أي أن الوزير فوض أحد مرؤوسيه للقيام ببعض الصلاحيات المنوطة به تحقيقا عن أعباء السلطة المركزية ومنعا لاختناق العمل الإداري.
وما تجدر الإشارة إليه أن بعض الفقهاء يعتبرون نظام عدم التركيز تبقى فيه جميع القرارات الهامة من اختصاص السلطة المركزية أو الوزراء والممثلين على الصعيد المحلي تملك بعض السلطات التقريرية ، وذلك من أجل التخفيف من الأعباء والاختصاصات على السلطات المركزية ومنحها للجهات الإقليمية باعتبارهم أقل قدرة على حل القضايا المتعلقة بالشؤون المحلية وتجنب البطيء، والتعقيدات في إرسال الملفات للجهات المركزية
أن الأساس الذي يقوم عليه عدم التركيز هو التقويض وذلك لضمان فعالية ونجاعة النشاط الإداري، وهذا ما يؤكد عدم منحهم الاستقلال القانوني عن الجهات المركزية.

  تقييم المركزية الإدارية

يمكن تقييم وتقدير النظام المركزي بإبراز مزاياه و الكشف عن عيوبه .

 الفرع الأول: مزايا المركزية الإدارية

أن المركزية الإدارية جملة من المزايا يقوم عليها قوام و مبررات وجودها و تتمثل في:

 أولا: مزايا النظام المركزي سیاسيا

أن الأخذ بالنظام المركزي يدعم الوحدة الوطنية للدولة سياسيا وإداريا بموجب الرقابة والإشراف العام على الوظيفة الإدارية وبسط نفوذ السلطة المركزية عبر مختلف أرجاء الدولة بحيث لا يمكن تصور دولة لا تستند إلى مركزية إدارية فهي بمثابة العمود الفقري للدولة الحديثة

ثانيا : مزايا المركزية الإدارية إداريا

 يحقق النظام المركزي من الناحية الإدارية تحقيق المساواة ين الأفراد المتعاملين مع الإدارة مع اختلاف من مناطقهم فالتحيز لا يصور أن يسود إذا ما طبق هذا النظام لا سلطة القرار تم تركيزها، ومن ثم لا مجال للتمييز بين الأصل بين المقيمين في العاصمة مثلا وغيرها من المناطق، لذلك يعتبر النظام الأقرب للعدالة

ثالثا: مزايا المركزية الإدارية ماليا واقتصاديا

يؤدي هذا النظام إلى التقليل من الإنفاق العام، وتقليصه، وذلك من خلال الأكفاء بعدد محدود من الهيئات والموظفين مما يوفر مصاريف وأموال كثيرة . وما تجدر الإشارة إليه أن النظام المركزي يعتبر أفضل الأنظمة في مجال الاقتصاد کون تم ثبوت الاستقلالية المالية للهيئات اللامركزية ينتج عنه الأقراط والمبالغة في الإنفاق ، وهذا ما يؤثر سلبا على ميزانية الدولة

 رابعا :مزايا المركزية الإدارية اجتماعيا

 يتحقق للدول التي تعتمد على النظام المركزي العدالة والمساواة بين المواطنين شمالا جنوبا شرقا غربا، يتبن ذلك وذلك بموجب إشراف وإدارة السلطات أينما كانوا السلطات المركزية في العاصمة على مختلف المرافق العامة في جميع أنحاء الوطن ، وذلك بإعطائها طابع موحد وغير جهوي للعمل الإداري.

 الفرع الثاني :عيوب المركزية الإدارية

رغم كل الايجابيات والمحاسن التي تميز النظام المركزي الا أنه يشوبها العديد من العيوب والمساوئ خاصة في صورته المركزية لدرجة أنها تطغى على مزاياه ومحاسنه.

 أولا : عيوب المركزية الإدارية سياسيا

 يؤدي هذا النظام من الناحية السياسية لهيمنة السلطة المركزية ونفوذها على مختلف أجزاء الإقليم وتفردها بسلطة اتخاذ القرار، وذلك ما يؤدي بالضرورة لحرمان السلطة الشعبية المنتخبة من المشاركة في صنع القرار وتسيير الشؤون المحلية.

ثانيا :عيوب المركزية الإدارية إداريا

 أن المركزية تؤدي لازدحام السلطات نتيجة تدفق كل الشؤون عليها للقيام بها، وهذا بسبب تباطؤ وجمود الملفات وتعطل العمل نتيجة تلقي وإحالة الملفات بين المستويات العليا والدنيا ضمن الإدارة ، والتي تولد البيروقراطية بأبشع صورها المتمثلة باستبدادية السلطة وبالشلل الذي يتميز به هذا النظام ، كما أنه يؤدي إلى تجاهل كلية الحقائق المحلية والحاجات الملموسة بالمواطنين؟.

صور و أركان اللامركزية الإدارية

صور اللامركزية الإدارية

أن الإدارة اللامركزية أحدثت اتجاها عالميا كإجراء تصحيحي للمركزية المفرطة التي رافقت بناء الدولة الحديثة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ولذلك أخدت دول العالم المختلفة تتوسع في هذا الاتجاه منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي عندما أدركت إدارة الموارد وتوفير الخدمات
يصعب حصرها في إدارة مركزية واحدة لها صورتان مرقية و مصلحية من جهة، ومن جهة أخرى اللامركزية إقليمية ومحلية.

الفرع الأول: اللامركزية الإقليمية

اللامركزية الإقليمية وهي توزيع الصلاحيات والسلطات بين مختلف مناطق الدولة الواحدة أو الإقليم الواحد بهدف توصيل وتحسين الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين في مختلف الأقاليم، ولضمان تنفيذ البرامج والخطط والمشروعات التنموية التي ترمي الدولة إلى توزيعها في أقاليمها المختلفة، فهي تهدف إلى خدمة وتطوير كافة الإقليم والسهر على تنفيذ السياسات العامة للدولة فيها
ويعرفها البعض بأنها تنظيم الجهاز الإداري في الدولة بشكل يسمح بتعداد أشخاصها الإدارية على أساس إقليمي، بمعنى أن يخصص في شؤون كل إقليم من أقاليم الدولة وعلى مستوى مصالحه المحلية، وبالنسبة لمجموعة الأفراد الذين يرتبطون بهذا الإقليم، جهاز إداري أو شخص معنوي عام محلي من طبيعة هذه المصالح أو أكثر اتصالا بها ومعرفة باحتياجاتها من الحكومة المركزية ،وعرفا آخرون بأنها تقوم أساسا باعتراف القانون الأعضاء منتخبين من قبل جماعة ذات شخصية معنوية بسلطة اتخاذ القرارات في كل أو بعض الشؤون المحلية وتكون هذه الهيئة مسؤول عن قراراتها، يعهد سلطة البث في بعض الأمور إلى هيئات تتمتع بنوع من الاستقلال اتجاه السلطة المركزية
وما تجدر الإشارة إليه أن البعض من الفقهاء وخاصة المصريين يسمونها باللامركزية الجغرافية ويعرفونها بأنها توزيع السلطة بين أقاليم ومحافظات ومناطق القطر الواحد التي يتمتع بشخصية معنوية تناط بمجلس منتخب ينتخب جميع أو بعض أعضائه من قبل مواطني الإقليم ويكون له صلاحية موضع ميزانية مستقلة واتخاذ القرارات الإدارية المتعلقة بادارة المشروعات والمرافق العامة في حدود ذلك الإقليم أو المحافظة .
أن من أهم سمات ومميزات أجهزة الإدارة المحلية في الدول المتقدمة فمتباينة فيما بينها، ففي النظام الانجليزي والأمريكي يتميز بأنها تمثل اتجاها لا مركزيا واضحا مقارنة بالنظام الفرنسي الذي برز عكس الاتجاه، رغم تقارب هذه الإدارات المحلية في هذه الدول من حيث تمتعها بقدرات فنية ومالية، أما في الدول الاشتراكية فتبرز اتجاها واضحا لا مركزيا مع التزامها بالتخطيط القومي المركزي وتؤكد على المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات ورسم الخطط ضمن حدود صلاحياتها ومسؤولياتها الجغرافية
الملاحظ من كل هذه التعاريف السالفة الذكر أنها تختلف اختلاف الأنظمة الاجتماعية والسياسية التي ينشا في ظلها ، وكذا يختلف باختلاف نظرة فقهاء القانون الإداري إلى العناصر المكونة لها.

الفرع الثاني : اللامركزية الإدارية المرفقية :

تنشا اللامركزية المرفقية على أساس موضوعي وليس إقليمي، وهي قيام هيئات مستقلة تحدد اختصاصها على أساس وظيفي وتمارس هذه الاختصاصات على مستوى أقاليم الدولة أو بالنسبة لإقليم لعدة أقاليم معينة، وهو ما يعرف بالمؤسسات العامة وهي أسلوب حديث في التنظيم الإداري يستهدف إدارة المؤسسات العامة على أسس تجارية، اقتصادية ، إدارية ، الأمر الذي يقتضي أبعادها عن بعض الإجراءات المتبعة في الجهاز الإداري المركزي
أن بعض شراح القانون الإداري يذكرون اللامركزية الإقليمية و المرفقية ويعتبرون هذه إحدى طرق الإدارة المركزية المباشرة، ومن ثم فان إدارة المؤسسات العامة بهذا الطريق لا تعدو أن تكون مجرد صورة من صور علم التركيز الإدارية

أركان اللامركزية الإدارية

للنظام اللامركزي مقومات نذكر منها:

الفرع الأول: وجود مصالح ذاتية متميزة

فبعد اعتراف بوجود مصالح محلية متميزة المقوم الأساسي من مقومات اللامركزية الإدارية، لأن فلسفة اللامركزية تنطلق أصلا من ضرورة مشاركة الوحدات في إدارة مصالح خاصة بإقليم معين على اعتبارها أكثر كفاءة وفعالية واستجابة لحاجات المواطنين وأولوياتهم

 الفرع الثاني : تنوع الحاجات العامة :

والتي تقوم الدولة بإتباعها من خلال الإدارة المحلية وهي حاجات عامة تخص كافة أرجاء إقليم الدولة وبالذات كافة الأفراد في مختلف مدن وولايات و أقاليم الدولة ويغلب على هذه الحاجات صفة الوطنية
إلا أن هناك حاجات خاصة أو مصالح ذاتية تخص جزءا من إقليم الدولة أو السكان منطقة معينة دون سواها من المناطق، ويطلق عليها بالمصالح الذاتية تميزا لها عن المصالح الوطنية،  فمن الضروري توافر مصالح محلية تختلف عن المصالح القومية ، فما يهم إقليميا معينا لأنهم بالضرورة الدولة كلها ، ولهذا يجب أن تترك الحاجات العامة للسلطات المركزية لأن ذلك يؤدي لتحقيق المساواة والعدالة والسيطرة بما يترك الحاجات المحلية لهيئات تمثل سكان الإقليم کي تقوم بإشباعها لاعتبارات تتعلق بحيث تقديمهم لهذه الحاجات و شعورهم بأهميتها وضرورة إثباتها.
ولقد وجد صعوبة كبيرة في ترشح معیار فاضل بين المهام الوطنية أو الحاجات العامة من جهة ، ومن جهة ثانية المهام المحلية، فقيل أنه متى اتصلت المهام بإقليم واحد كنا أمام شؤون محلية كشؤون المواصلات والسكن، ومتى كانت تخص المواطنين وكل المناطق فهي شان من الشؤون السلطة المركزية، إلا أن هناك الكثير من الحاجات العامة التي تلبيس الأمر فيها و يثور بشأنها الجدل فيما إذا كانت محلية أو وطنية ، لذلك سنتطرق فيما يلي لأهم المعايير الفاصلة بينهما :
 المعيار الأول تحديد اختصاصات الهيئات اللامركزية :
على سبيل الحصر وهو أن يلجا المشرع إلى تعداد وذكر اختصاصات الهيئات اللامركزية على سبيل الحصر ضمن قائمة بوردها في متن قوانين الإدارة المحلية، وبالمقابل تعتبر المصالح غير المذكورة في القائمة مصالح وطنية ومنه يترتب عليه انه لا يجوز للوحدات المحلية النظر فيها ، واتخاذ القرارات في مسائلها
المعيار الثاني : تحديد اختصاصات السلطات المحلية :
طبقا لقاعدة عامة، يلجا المشرع لوضع معيار عام يوضح بموجبه ما يعتبر اختصاصا محليا ويترك تحديد مضمونه إلى الوحدات المحلية ذاتها مباشرة و تحث إشراف ورقابة السلطة المركزية لذلك يرى بعض الفقهاء أنه فعلا الخط الفاصل بين المصالح المحلية والمصالح الوطنية يمثل خطا رفيعا جدا، أن فكرة المصلحة المحلية هي فكرة نسبية، وفي تطور دائم مستمر من زمان إلى زمان ومن مكان فالاختصاصات الموحدة في دولة ما قد تكون محلية في أخرى ، وكذلك الحال يختلف في مفهوم الشؤون المحلية في نظام سياسي أخره

الفرع الثالث : الاعتراف بوجود هيئات محلية أو مصلحية مستقلة

يعني بهذا الركن أن الهيئات المحلية والمصلحية مستقلة عن السلطات المركزية، وهذا الاستقلال يخول لها حق اتخاذ القرار وتسيير شؤونها بيدها دون تدخل من الجهاز المركزي، ويقتضي لتوافر هذا الركن الاعتراف للوحدة الإدارية الإقليمية أو المرفقية بالشخصية المعنوية ليتم الإعلان الرسمي لفصلها عن الدولة ، وان استقلال الهيئات اللامركزية عن السلطات المركزية يبرز في نواحي عدة منها الاستقلال الإداري والاستقلال المالي.
 أولا :استقلالية الهيئات اللامركزية إداريا
إن الهيئات اللامركزية بمجرد تمتعها بالشخصية المعنوية أو الاعتبارية  تصبح لها استقلاليتها في ظل النظام الرأسمالي، إلا أن التشريع في العادة يلعب دورا مهما في مسالة التفريق بينهما وأهلية أداء تنسجم مع طبيعة الهيئات، مما يخولها القيام بالتصرفات القانونية المختلفة ، بمعزل عن السلطة المركزية وتمثيلها، وبعد الاستقلال الإداري ، من نتائج الشخصية المعنوية ويتحقق عنه صلاحيات عدة من خلال ما يخوله لها القانون تتمثل في :
– إصدار القرارات الإدارية
– البث النهائي في العديد من المسائل دون الرجوع للسلطات المركزية
كما أن من مظاهر هذا الاستقلال وجود أنظمة إدارية خاصة بهذه الهيئات تختلف عن الأنظمة المعمول بها لدى السلطات المركزية كأنظمة الموظفين لاستقطاب الموارد البشرية القادرة على القيام بمهام المسؤوليات بهذه الهيئات
لكن ما يجدر الإشارة إليه أنه قد ثار نقاش بين الفقهاء بخصوص الاستقلال الإداري وأدواته القانونية، فرأى البعض أن استقلال الهيئات المحلية لا يستوجب بالضرورة اختيار العنصر المسير عن طريق الانتخاب بدليل أن المؤسسات العامة تتمتع باستقلالية الأجهزة المركزية رغم أن مسيروها معينون بل الاستقلالية الحقيقية تكمن في الناحية الوظيفية العملية أي نلاحظ فعلا استقلالا للهيئة المحلية عن السلطة المركزية، فالعبرة في ممارسة المهام لا فيما إذا كانت الهيئة المسيرة للمجالس المحلية منتخبة أو معينة .
كما أن هذا الرأي قد أعابوا فكرة الانتخاب واعتبروه ضارا خاصة إذا كان سكان الإقليم لم يبلغوا درجة الوعي السياسي والتأهيل المطلوب لتسيير شؤون الإدارة ، وتنقصهم الكفاءة الإدارية العضوية المجالس المحلية
أما البعض الآخر فيرى استقلال الأجهزة المحلية عن السلطة المركزية يقتضي تطبيق نظام الانتخاب فهو الضمانة الحقيقية والوحيدة لتجسيد الاستقلالية، حين بذلك يقوم سكان الوحدة المحلية باعتبار أعضائهم بأنفسهم، وبهذا الأسلوب يعد الأكثر ديمقراطية من الأساليب الأخرى وأكثر تعبيرا عن إرادة سكان الوحدة المحلية .
 ثانيا :استقلالية الهيئات اللامركزية ماليا
إن الاستقلال المالي أهمية كبيرة جدا باعتبار أنه إذا كانت الهيئات اللامركزية تعتمد في تمويلها على الإدارة المركزية، فان ذلك ينقص من استقلالها خاضعة للسلطة المركزية التي في قدرتها أن تمارس رقابة مشددة على قرارات ونشاطات الهيئات اللامركزية بالضرورة، ولهذا فان استقلال الهيئات اللامركزية ماليا يمكنها من تنفيذ مشاريعها وقراراتها التنموية دون حاجة الموافقة للسلطات المركزية .
الفرع الرابع : خضوع الأجهزة المستقلة المحلية لوصاية و رقابة و إشراف السلطة المركزية
يعتبر استقلال الهيئات المحلية، وعدم تبعيتها السلطة المركزية من الأركان الأساسية التي تقوم عليها اللامركزية الإدارية، ولكن الاستقلال التام أمر غي قائم، لأنه يسبب للدولة العديد من المشكلات كنشوء الكيانات السياسية التي تطالب بالانفصال عن الدولة مما يهدد وحدتها وسلامة أراضيها ،
فصحيح أن السلطة المركزية تخلت عن سلطتها ذات طابع المحلي لصالح الوحدات المحلية، ولكنها احتفت بحق الرقابة و الإشراف عليها، حتى تضمن أنها تسير بالشكل الذي يناسب مع السياسة العامة والمصلحة العامة للدولة، ولهذا فكما لا يمكن تصور المركزية المطلقة لا يمكن أن نتصور وجود اللامركزية المطلقة ولضمان الاستقلال والحد من عيوبه،
ولتحقيق متطلبات الإدارة الجيدة وضعت الهيئات المطلية تحت إشراف ورقابة خاصة تمارسها السلطة المركزية ضمن الحدود التي يرسمها القانون ،فالرقابة والإشراف تتمثل في مجموع السلطات التي يقررها القانون للسلطة المركزية لتمكينها من الإشراف على نشاط الهيئات اللامركزية وأعمالها لضمان مشروعيتها ولتحقيق التنمية بين مختلف أعمالها حماية للمصلحة العامة، فالمقصود بالوصاية الإدارية هو ليس حماية مصالح الهيئات اللامركزية كما هو الشأن في الوصاية المدنية ضمن القانوني المدني، وإنما هو العكس من ذلك حماية
المصلحة العامة، التي تمثلها السلطة المركزية، وتبدو الوصاية من خلال ما تملكه السلطات المركزية من سلطات تمارسها أما على الهيئات الإدارية أو على أشخاصها أو على إعمال هذه الهيئات، وذلك للتأكد من أن تصرفات وإعمال الهيئات اللامركزية تتفق مع القوانين التي تحكمها وفي إطار الغاية، أو الأهداف التي أنشئت هذه الهيئات تطبيقا لقاعدة تخصيص الأهداف .
وما تجدر الإشارة إليه أن الوصاية الإدارية تهدف إلى المحافظة على وحدة الدولة من الناحيتين السياسية والقانونية متى لا تصبح الهيئات اللامركزية دولا ضمن دولة، فانه لا ينبغي أن تكون الرقابة من القوة والشدة، بحيث تفقد الهيئات اللامركزية حريتها في العمل وتقضي على الغرض من إنشاءها، كما ينبغي أن لا يكون من الأضعف بحيث تنحرف هذه المئات من الخط المرسوم لها في سند الإنشاء.
  • أهداف الحكومة المركزية

كما أن الإشراف والرقابة يمثلان ركيزة من ركائز وجود نظام اللامركزية الإدارية، فان هناك مجموعة من الأهداف التي تستند إليها الحكومة المركزية في ممارسة رقابتها على الوحدات المحلية ومنها :
 – ضمان حسن سير الخدمات المحلية وقيام الوحدات المحلية بتأديتها بقاعدة و فعالية ووضع معيار التنوع ومستوى الخدمات المطلوبة وتقديمها للسكان وتعاون وثيق بين الإدارة المركزية والوحدات المحلية ، كما يكفل لها اكتشاف نقاط الضعف وتعديلها للأحسن.
 – التأكيد على أن الوحدات المحلية تقوم بواجباتها ووظائفها في نطاق الحد الأدنى المطلوب وبدرجة من الكفاءة والفعالية، وذلك من خلال اطلاع الحكومة المركزية على موازنة الإدارة المحلية ، التي تعتبر مؤشرا أساسيا من مؤشرات أدائها العام .
 – تأكيد الوحدة السياسي والإدارية للدولة باعتبار أن الوحدات المحلية نظام فرعي من النظام العام للدولة و أجهزتها .
– التأكيد أن الوحدات المحلية تعمل وفق قوانين والأنظمة التي يصدرها الحكومة المركزية إضافة إلى أن قرارات المجالس المحلية تتطلب الموافقة والمطابقة بهذه القوانين والأنظمة وذلك حماية للمجتمع الحكومة المركزية ، الإدارة المحلية والمواطنين.

تقييم اللامركزية الإدارية

لقد أخذت الإدارة اللامركزية اتجاها عالميا كأجراء تصحيحي للمركزية المفرطة التي رافقت بناء الدولة الحديثة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولذلك أخذت دول العالم المختلفة تتوسع في هذا الاتجاه في أوائل التسعينيات من القرن الماضي عندما أدركت أن إدارة الموارد وتوفير الخدمات يصعب حصرها في إدارة مركزية واحدة، إلا أنه بالرغم من ذلك تشوبها العديد من العيوب

 الفرع الأول : مزايا و ايجابيات اللامركزية الإدارية

إن للإدارة اللامركزية ايجابيات ومحاسن عدة نوجزها فيما يلي :

 أولا :ايجابيات اللامركزية الإدارية من الناحية الإدارية :

 – تخفيف العبء عن الإدارة المركزية، بنقل وتحويل كثير من المهام إلى الهيئات اللامركزية لتتفرغ الأولى للقضايا ذات البعد الوطني، أي إعفاء الحكومة المركزية من الضغط الرائد عليها والمتمثل في طلبات مواطنين الجماعات الإقليمية ورغباتهم ومنه التخفيف من الأعباء الملقاة عليها :
 – السرعة والمرونة في البحث في الأعمال وحل المشكلات وتارك الأخطاء وسهولة عملية الاتصال وفاعليتها حيث يتم الاتصال مباشرة دون تعقيدات .
– تحسين الوظيفة الإدارية حيث تسيير هذه الهيئات من طرف الأشخاص لهم مصالح متميزة مباشرة وحقيقية، مما يدفعهم إلى زيادة الاهتمام لتلبية الاحتياجات المحلية في صورة اللامركزية الإقليمية أو الإبداع وتحسين الأداء في التسيير بالنسبة للامركزية المرفقية
 – كما أن توفر المعلومات والمعطيات لدى الجهات المحلية يجعل القرارات على المستوى المركزي مبينة على معلومات متكاملة صحيحة .

ثانيا : ايجابيات اللامركزية الإدارية من الناحية الاجتماعية

 – إن اللامركزية تزيد من الوعي لدى شعوب سكان الأقاليم بأهميتهم وأهمية الأعمال التي يقدمونها ، وبذلك مساهمتهم في مشاريع التنمية نتيجة الرغبة القومية إلى التقدم و المنافسة .
يؤدي التطبيق السليم للنظام اللامركزية غالى توزيع الدخل القومي و الضرائب بقدر من العدالة على مختلف الهيئات اللامركزية حيث أنها ستنال جزء منه لسد احتياجاتها.

ثالثا : ايجابيات اللامركزية الإدارية من الناحية السياسية

تكرس النظام اللامركزية مبدأ الديمقراطية بتمكين الشعب من تسيير شؤونه بنفسه عن طريق ممثليه في المجالس المنتخبة ، فاللامركزية أداة فعالة لتجسيد فكرة الديمقراطية ، بل هناك من قال أن الديمقراطية من الناحية السياسية تظل نظاما أجوف إذا لم تلازم ديمقراطية إدارية، والحقيقة أن هناك من اعتبر هذه الميزة عيبا فقيل أن اللامركزية تتيح الاستقلالية .

 الفرع الثاني : عیوب و مساوي اللامركزية الإدارية

 إن للإدارة اللامركزية سلبيات عدة نوجزها فيما يلي :

أولا :سلبيات اللامركزية الإدارية من الناحية الإدارية

 لقد عاب الفقهاء على الأنظمة اللامركزية كونه يؤدي ظاهرة عدم التجانس في القيام بالعمل الإداري وذلك بسبب لجوء ممثلي الإدارة المحلية خاصية المنتخبين منهم إلى تفضيل الشؤون المحلية على الوطنية ، وحسب ما جاء به الدكتور “عمار بوضياف”  حيث يرجع أنه بالرغم من أن الجميع مقتنع من أن النظام المركزي عدالة أكثر من الناحية الإدارية ، ويضمن تجانسا للعمل الإداري بحكم وحدة الجهة المختصة للفصل في الملفات وإصدار القرار، ويحكم وحدة الصور والمنهج و الإجراءات ، فان ذلك لا يعفي العمل بالنظام المركزي .
الوحدات الإدارية المختلفة وهو ما من شأنه أن يشكل خطرا على وحدة الدولة و تماسكها ، وتفقد هذه الانتقادات معناها إذا طبق النظام المركزي على أفضل وجه فلم تكن اللامركزية تشكل خطرا على الدولة باعتباره رغم استقلالها تبقى خاضعة لقوانين الدولة و تنظيماتها المختلفة تحت هذه الحجج الإدارية ، بل هذه العدالة التي تسعى النظم القانونية إلى تحقيقها يمكن توفيرها عن طريق وضح التشريعات عامة، والتشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية خاصة، كما يمكن تحقيقها بتفعيل أجهزة الرقابة ومنها الرقابة الوصائية ، وكذلك عقد لقاءات بين فترة والأخرى تضم المنتخبين المحليين لتكون بمثابة فرصة ومثير لطرح بعض الحلول يهدف ضمان التجانس في أداء العمل الإداري بين الهيئات المحلية المستقلة ودرء مخاطر الاختلاف و انعكاساته .

ثانيا : سلبيات اللامركزية الإدارية من الناحية السياسية

أن النظام اللامركزية يؤدي إلى المساس بوحدة الدولة وقوة و سلطة الإدارة المركزية من خلال توزيع الوظائف، والاعتراف باستقلالية بعض أجزاء الإقليم عن الدولة وتمتعها بالشخصية المعنوية غير أن هذه الاستقلالية لا تغطى للهيئة المحلية المستقلة حق الانفصال عن الدولة وتعترف لها بسلطة التشريع، بل تظل تابعة للدولة الأم في كثير من المسائل ولا يمكنها إلا أن تدير شؤون الإقليم والحاجات المحلية تاركة المسائل الوطنية للسلطات المركزية . ثالثا : سلبيات اللامركزية الإدارية من الناحية المالية
أن نظام اللامركزية يؤدي إلى تشديد في المال العام وذلك من خلال الزيادة فهي النفقات العمومية، حيث أن الاعتراف للجماعات والمرافق العامة المحلية على اختلاف أنواعها بالاستقلال المالي يؤدي بالضرورة إلى زيادة في النفقات ومنه الزيادة في صرف الخزينة العمومية لأموال ضخمة، على عكس النظام المركزي الذي يؤدي إلى الاقتصاد في النفقات وذلك بحكم التقليل من الأمرين بالصرف وهم ممثلين السلطة المركزية، إذ أن استقلالية الإقليم من الناحية القانونية وكذلك استقلالية المرفق تفرض الاعتراف له بذمة مالية مستقلة من الناحية عن الدولة، وهو ما ينقل في النهاية بسلطة الأمر بالصرف من علو درجة الهرم إلى مستويات أخرى كثيرة كالولاية والبلدية المؤسسات، ويفترض أن ينجم عن تعدد الأمرين بالصرف ظاهرة سلبية هي المبالغة أو الإفراط في صرف النفقات العامة، وهو ما يظهر جليا على مستوى العديد من المؤسسات و الإدارات ,
وحسب الدكتور ” عمار عوابدي ” فاعتقد أنه يمكن التقليل من وحدة هذه المخاطر بحريك أدوات الرقابة سواء تلك التي تمارسها سلطة الوصاية أو الأجهزة المختصة ذات الطابع المالي كمجلس المحاسبة، وكذا الإكثار من النصوص والملتقيات والأيام الدراسية الهادفة لتحسن من كيفية استغلال الموارد المالية .
أن هذه المساوئ المتفاوتة في أهميتها حقيقة مازالت الهيئات المحلية تعيش نوعا من التجربة ، إلا أن من المناسب عدم المبالغة بشأن هذه المساوئ لأنها تبقى أقل خطرا من تلك التي تنشا من البيروقراطية الملازمة للمركزية.

الأهداف الاقتصادية و السياسية و الإجتماعية للامركزية

أهداف اللامركزية

انطلاقا من نظرة النظام المحلي يتبين أن تطبيق أسلوب لا مركزي في دولة ما يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف، وهذه الأهداف قد تتباين من دولة لأخرى، وهذا التباين يجب أن يفهم من خلال سياق تطور إنشاء الدول والمتغيرات البيئية التي تؤثر على تنظيم وإدارة علاقات الإدارة المحلية مع الحكومة المركزية، ولكن مهما يكن من عيوب قد يراها البعض في نظام الإدارة المحلية، كالقول بأنها يمكن أن تؤدي إلى المداس بوحدة الدولة بالنظر إلى توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية والهيئات المحلية، وأن الهيئات المحلية يمكن أن تسعى إلى تحقيق مصالح أقاليمها على حساب المصلحة العامة، وأن انتخابات المجالس المحلية قد تؤدي إلى صراعات قبلية وطائفية فإن النظام الإدارة المحلية العديد من الأهداف والتي ينتج عنها العديد من الفوائد على الصعيد السياسي والإداري والاجتماعي والاقتصادي.
أ – الأهداف السياسية:
إن الأخذ بنظام الإدارة المحلية من شأنه أن يساهم في إشراك المواطنين في إدارة وحذائهم المحلية، لأن من مقوماته اعتماد مبدأ الانتخاب لرؤساء وأعضاء المجالس المحلية وأنماط العمل السياسي الذي سيرافقه هذا المبدأ، ومن ثم ستتحقق التعددية ويترسخ النهج الديمقراطي وفكرة حكم الشعب لنفسه بنفسه بدءا بالصعيد المحلي (الديمقراطية الإدارية أو المحلية)، لتكون المحصلة هي ممارسة الديمقراطية على المستوى الوطني الديمقراطية السياسية)
يقصد بالتعددية توزيع السلطة في الدولة بين الجماعات والمصالح المتنوعة، وتكون وظيفة الدولة في هذه الحالة التنسيق ووضع الحلول التوفيقية بين هذه الجماعات والمصالح المتنافسة، وتعتبر المجالس المحلية من بين أهم الجماعات التي تشارك الحكومة المركزية في اختصاصاتها وسلطتها
وفي ظل تراجع دور الدولة، وما ترتب عليه من سمات جديدة للحكومة، ويمكن استعراض أهمها أصبحت الحكومة مساندة، ودورها رقابي وتتيقي وتمنح القطاعات الأخرى مزيدا من حرية العمل والمشاركة، حكومة يملكها المجتمع، وهذا يعني مساندة الجهود غیر الحكومية لتقديم الخدمات من خلال هيئات محلية ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني، لأنها أكثر التزاما وأكثر معرفة بمشكلاتها المحلية، حكومة تسعى لإرضاء المتعاملين معها، حكومة اللامركزية فيمكن إدراك ضرورة عدم تركيز السلطة بين الحكومة المركزية وضرورة تعدد الأطراف المشاركة في عملية صنع القرار في الإدارة الحكومية الجديدة، ولعل تقارير المعدة حول بحث شؤون الحكم المحلي في بريطانيا كتقرير ريد كليف مود ( Redcliff – Maude ) وتقرير ويلي (Wheatley) تؤكد دور الهيئات المحلية في موازنة سلطة الحكومة المركزية وتعدد صنع القرارات في النظامين السياسي والإداري، إذن فكلما كانت التعددية في صنع القرارات كلما أتيحت للوحدات المحلية نفوذ أقوى في المشاركة في صنع السياسات في ميادين مهمة كالتعليم والصحة والإسكان والأمن و غيرها

مزايا الديمقراطية على المستوى المحلي :

إن تطبيق الديمقراطية على المستوى المحلي من خلال نظام الإدارة المحلية يحقق مجموعة من النتائج التي يمكن إجمالها على النحو التالي:
1- إن الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي تربي الناخبين وهم ينتخبون أعضاء مجالسهم المحلية تربية سياسية وتدربهم على ممارسة العملية الديمقراطية و انتخاب ممثليهم في البرلمان.
2- إن الممارسة الديمقراطية على المستوى المحلي تدفع المواطن إلى الاهتمام بالشؤون العامة وتوثيق صلته بالحكومة، وبالتالي فإن ممارستها على المستوى المحلي تتشابه مع ممارستها على المستوى القومي، كما أن تلك الممارسة تنمي الشعور لدى الأفراد بالدور الذي يؤذونه تجاه محلياتهم، وهذا الشعور من شأنه أن يرفع كرامتهم ويزيد من إحساسهم بحقوقهم الوطنية وواجباتهم القومية، بعدما ما توسعت الفجوة بين المواطنين والأنظمة الحاكمة، وإن اللامركزية الإقليمية كفيلة بإزالة عوامل الشك والريبة من أذهان الأفراد تجاه الحكومات، لأن الأشخاص الذين يتولون إدارة الشؤون المحلية من أبناء الوحدة المحلية ومنتخبون في أغلبيتهم من قبل المواطنين أنفسهم، وبالتالي فإن قراراتهم وتصرفاتهم تلقی عمادة القبول من المواطنين.
3- إشراك المواطنين من خلال تمكينهم من اختيار ممثليهم في المجالس المحلية في إدارة شؤون وحداتهم المحلية مما ينمي لديهم الشعور بتحمل المسؤولية، بمعنى أن الحكم المحلي يدح بتحقيق التنمية السياسية من خلال تقوية الفهم السياسي لدى المواطن، ويمكنه من التمييز بين الشعارات و البرامج الممكنة واختيار الأكفاء، ومناقشة القضايا المهمة كالتخطيط المحلي.
4- تتيح فرصة التدريب للقيادات، وإعدادها التشغيل مناصب سياسية أعلى في الانتخابات البرلمانية أو في المواقع القيادية العليا، وهذا يسبب النجاحات التي تحقق على المستوى الإقليمي کفهم الأدوات والمهارات اللازمة للعمل السياسي مثل القدرة على استيعاب وسائل حل الصراع السياسي واتخاذ القرارات وطبيعة عمل جماعات الضغط أو المصلحة وطريقة صنع السياسات العامة و غيرها.
5- تقوية البناء السياسي للدولة وذلك من خلال توزيع الاختصاصات الإدارية، و عدم تركيزها في العاصمة.
6- ثديهم الديمقراطية المحلية في تحقيق المساواة السياسية بين المواطنين، ومن خلالها تحد من تركيز السلطة في يد الحكومة المركزية، ومن ثم عدم مصادرة حقوقهم
ب – الأهداف الإدارية:
يعتبر نظام الإدارة المحلية من أكثر الوسائل الكفاءة الأداء وتقديم السلع والخدمات المحلية ، لأنه يتأثر بآراء و انتقادات وتقييم السكان المحليين، ويتطلب الاستجابة السريعة لحاجات المواطنين في المجتمعات المحلية ويمكن تلخيص الأهداف الإدارية النظام الإدارة المحلية، فيما يلي :
1- تعتبر الوحدات المحلية أكثر قدرة وكفاءة من الناحية الاقتصادية في تقييم الخدمات المحلية، وأن تبني النظام اللامركزية يؤدي إلى تحقيق منفعة اقتصادية وكفاية أكثر من تبني النظام المركزي، لأنه يجسد مبدأ التخصص وتقديم العمل، وهو ما يميز الإدارة الحديثة في ظل العولمة، ويستطيع تزويد المواطنين بالكميات المطلوبة والمفضلة من السلع والخدمات تبعا لرغباتهم لأنه له القدرة على الاستجابة للطلبات المتباينة مقارنة بالنظام المركزي الذي يقدم الخدمات اعتمادا على التوازن، والذي هو في الواقع يكون أكثر وأقل من احتياجات السكان المحليين، وقد ثبتت فعالية النظام اللامركزية في رفع كفاءة الجهاز الإداري وتحسين قدراته لمواجهة مختلف المتغيرات و المستجدات في الساحة المحلية.
2- تعد المجالس المحلية أكثر استجابة من الحكومة المركزية للمطالب المحلية، وذلك المعرفة هذه المجالس بالمجتمع المحلي وظروفه، وإحساسها بالمسؤولية المباشرة تجاه الناخبين.
3- تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص الروتين، وذلك من خلال تقليل المراسلات وضرورة أخذ موافقة السلطات المركزية في العاصمة بشأن كل مسألة صغيرة أو كبيرة، وتأخير المعاملات وطوابير الانتظار وعدم احترام خصوصية المراجع.
4- على خلاف الأمر في النظام المركزي الذي يستخدم في العادة أنماطا وأساليب متشابهة تطبق على جميع المواطنين في الدولة، وقد يشكل هذا الأسلوب ضررا بالنسبة للمرافق القومية، فإن الأخذ بالنظام اللامركزية يحقق تفادي تنميط الأداء على مستوى الدولة، لأنه يتسم بالمرونة والتنوع في استخدام أساليب الإدارة طبقا لما يلاءم حل المشكلات المحلية التي تختلف عن بعضها البعض، من حيث متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي يمكن لكل وحدة محلية إتباع أسلوب العمل الذي يتناسب مع واقعها وظروفها وحاجات مواطنيها.
5- إن الأخذ بالنظام اللامركزية يوفر فرصة أكثر للإبداع وتجريب السياسات والبرامج، والذي يعتبر أمرا مهما ولازما للسياسات الرشيدة ذات القيمة و المردود الإيجابي، وكما يسهل عادة عملية الإصلاح الإداري أولا بأول، وذلك لأن أجهزة الوحدات المحلية تكون محدودة وبسيطة بخلاف الأمر في الأجهزة المركزية الضخمة.
6- يساهم نظام اللامركزية في تحقيق درجة عالية من الفعالية الإدارية، نظرا للإلمام رجال الوحدة المحلية بالشؤون المحلية، مما يجعل قراراتهم ملائمة للواقع المحلي أكثر من قرارات السلطة المركزية في العاصمة.
7- العدالة في توزيع الأعباء المالية، ففي حالة تبني النظام اللامركزية يتم توزيع المال باختيار أهالي الوحدات المحلية، إضافة إلى أن ما يدفعونه من ضرائب ورسوم سيتم صرفه على هذه المرافق المحلية بالذات، وهذا يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية، وتساوي المواطنين في تحمل المسؤوليات المالية والاستفادة منها، على عكس قيام الإدارة المركزية بإدارة المرافق العامة والمحلية، إذ لا يؤدي إلى تحقيق العدالة في توزيع الأعباء المالية على دافعي الضرائب إلى درجة تضرر بعض المرافق والأفراد من هذا التوزيع.
ج – الأهداف الاجتماعية:
 يمثل نظام اللامركزية فرصة حقيقية لتحقيق جملة من الأهداف الاجتماعية تتمثل في :
1- تحقيق رغبات واحتياجات السكان المحليين من الخدمات المحلية وفق ما يتفق مع ظروفهم و أولوياتهم وميولاتهم؛ لأن بوجود مجلس محلي في رقعة جغرافية محددة يشعر بمسؤولية اجتماعية تجاه المواطنين، لاسيما عدد من الأعضاء هم من الأهالي، لابد أن ينعكس على زيادة المستوى الاقتصادي والاجتماعي لهم، والحد من تلوث البيئة والحصول على جميع الخدمات المحلية بسهولة.
2- إثارة اهتمام المواطنين وحفزهم للتعاون الإدارة شؤونهم المحلية، طالما أن المواطن سيشعر أنه سيشارك بفعالية بطريقة مباشرة أو من خلال ممثليه في المجلس المحلي في إدارة مصالحه اليومية، وذلك من خلال التأثير على صناعة وتنفيذ القرارات المحلية، بما يعزز ثقته بنفسه، وهذا من شأنه أن يفجر الطاقات الفكرية والثقافية لدى السكان المحليين.
3- يساهم نظام اللامركزية إذا ما وصلت المجتمعات المحلية من خلال الممارسة إلى درجة الوعي السياسي والثقافي في تحويل الولاء من ولاء الأسرة و العشيرة إلى ولاء للوطن والمصلحة العامة، بعدما يرتبط بالمجتمع المحلي الذي ينتمي إليه، والتي تعد خطوة أولى نحو تطوير المواطنة الحرة.
4- خلق شعور لدى المواطنين بعدالة الضرائب التي تفرض عليهم، لمعرفتهم بأن حصيلتها ستدفع لإنشاء مشاريع محلية يتم الاستفادة منها بصورة مباشرة.
5- خلق شعور بوجود نوع من العدالة الاجتماعية، إذ يكون للمواطنين في مختلف أرجاء الدولة نفس القدر تقريبا من المزايا والخدمات.
6- خلق نوع من التنافس بين سكان الأقاليم المتجاورة في مجال التنمية والتطوير، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجابا على المصلحة العامة للدولة.
د- الأهداف الاقتصادية:
 تتمثل الأهداف الاقتصادية من خلال نظام الإدارة المحلية فيما يلي:
1 – توفر مصادر التمويل المحلي من خلال الضرائب والرسوم المحلية و إيرادات أملاك المجالس المحلية وممتلكاتها، مما يساهم في تخفيف العبء عن مصادر الدولة التقليدية وتخصيص تلك المصادر للمشروعات القومية، وليست بالضرورة القيام بمهام الدولة التدخلية، لأن من النتائج الإيجابية التي تحقق من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية المحلية ستدفع لمحال من زيادة التمويل المحلي بزيادة الدافعين له.
2- تأسيس مشروعات اقتصادية تلائم احتياجات الوحدات المحلية وحاجات المواطنين فيها، أخذة بعين في الاعتبار الإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة، وتشجيع الاستثمارات المحلية  أو إقامة شراكة مع الأجانب التي تناسب المنطقة المحلية، ويفضلها الأفراد المحليون، فالمجالس المحلية أقدر عادة من السلطة المركزية على إقرار المشروع الاقتصادي الذي تحتاجه الوحدة المحلية و بالتالي المجتمع المحلي.
3- تنشيط الاقتصاد على المستوى المحلي سيؤدي إلى تنشيط الاقتصاد على المستوى الوطني، لاسيما في ظل المنافسة بين الوحدات المحلية.

العوامل المؤثرة في اللامركزية الإدارية

إن نظم اللامركزية الإدارية تتباين من دولة لأخرى، كما قد تتباين في إطار الدولة الواحدة من مرحلة الأخرى، ويرجع ذلك إلى أن النظام المحلي نظام فرعي للنظام الاجتماعي ككل، ومن ثم فإنه يتأثر بالعوامل السياسية والاجتماعية و التاريخية والثقافية التي يوجد فيها، وإن دراسة بيئة النظام اللامركزية المحلي أو ما يسمى “ايكولوجية الإدارة المحلية” يساعد على تحليل و فهم الدور الذي تقوم به وحدات الإدارة المحلية أو عند مقارنة بين هذه الوحدات بعضها البعض، سواء داخل الدولة الواحدة، أو بين دولة و أخرى، وتتمثل العوامل البيئية المؤثرة في نظم اللامركزية فيما يلى:

المطلب الأول: العوامل الجغرافية والطبيعية:

تعتبر الظروف الجغرافية ووسائل المواصلات من العوامل المؤثرة على الإدارة المحلية، وتحديد بنائها التنظيمي و تشکيلتها، وتحديد الحدود الإدارية لوحداتها.
فنجد المناطق المعزولة جغرافيا يؤثر النظام اللامركزية على العلاقة بين العاصمة والمناطق الأخرى البعيدة عنها، نتيجة لضعف الاتصال بين المستوى المركزي والمستويات الأخرى الإقليمية، وكما يتأثر نظام اللامركزية بمساحة الدولة؛ فالدولة ذات المساحة الشاسعة ومترامية الأطراف تكون في حاجة ضرورية إلى وجود لامركزية قوية مثل الجزائر، وعلى العكس من ذلك، قد لا تكون هذه الحاجات في نفس الدرجة بالنسبة للدولة صغيرة الحجم مثل تونس.
وتؤثر تضاريس الدولة على النظام اللامركزية المطبق فيها، لاسيما ما يتعلق بتوزيع الأقاليم الطبيعية في نطاقها، إذ يرى بعض الملاحظين بأن النظام اللامركزية الذي يمكن تطبيقه في المناطق الصحراوية والجبلية يختلف عن ذلك الذي يطبق في السهول، لاختلاف طبيعة السكان وتباين وسائل معيشتهم، ففي المناطق الصحراوية والجبلية تسود أنماط الإدارة التقليدية بسبب عدم توفر مكونات المجتمعات الحديثة في هذه المناطق الكثافة السكانية وحركياتها الاقتصادية …، وتؤدي في الغالب عزلة المناطق الجبلية عن العاصمة بسبب ضعف المواصلات بينها إلى دعم الاستقلال الذاتي للسلطات المحلية وضعف علاقتها بالحكومة المركزية.
وعلى خلاف ذلك، فإن انبساط إقليم الدولة وخلوه من العوائق الطبيعية، يسهل من تدخل الحكومة المركزية في شؤون الوحدات المحلية ومد رقابتها إليها.
وتؤكد بعض الدراسات الميدانية أن الموقع له أهمية في نجاح الوحدة المحلية في تحقيق التنمية، بالمقارنة بوحدات محلية أخرى لا تتمتع بنفس الموقع، فنجاح السلطة المحلية يرتبط بوظيفة الموقع، لأنه هو الذي يحدد الإمكانات الاقتصادية والقاعدة الأساسية للدخل والإيرادات، فجميع الوحدات المحلية الناجحة إما هي في مناطق حضارية ذات حركة نسبيا أو في مناطق ريفية تتمتع بإمكانيات طبيعية مهمة، ومع ذلك فإن الموقع ليس شرطا كافيا للنجاح، إذ هناك وحدات محلية كثيرة في مناطق ذات إمكانيات عالية في دول عديدة، ولكنها ليست فعالة في تعبئة و استخدام الموارد.

المطلب الثاني: العوامل التاريخية

تتمثل العوامل التاريخية التي تؤثر في نظام اللامركزية في: أسلوب نشأة الدولة، الاستعمار، وأسلوب نشأة نظام اللامركزية وتطوره، وباختصار يكفي أن نشير إلى أنه في حالة نشأة الدولة من إتحاد عدد من الأقاليم ذات الخصائص المتميزة، فإن نظام الإدارة المحلية هنا لابد أن يعكس خصائص هذه الأقاليم، من حيث البناء التنظيمي و أسلوب تشكيل المجالس المحلية، ولكن نشير أيضا إلى أن الاستعمار يؤثر إلى حد كبير على النظام المحلي في الدول التي استعمرت، فنظم الإدارة المحلية في دول المغرب العربي قد تأثرت بنظام الإدارة المحلية في فرنسا).
حيث أصبحت الدول المغاربية تميل إلى الحكم المركزي أو عدم التركيز الإداري حتى تحكم قبضتها من خلال ممثليها في الأقاليم، رغم أن التاريخ السياسي يؤكد أن من حقوق المجتمعات المحلية حكم نفسها بنفسها، وهو ما يمكن أن يكون سندا لهذه المجتمعات في مقاومة أي تطوير النظام الإدارة المحلية طبقا للرؤية الخارجية.

المطلب الثالث: العوامل الاجتماعية والثقافية

تعتبر العوامل الاجتماعية والثقافية من بين العوامل الشديدة في النظام اللامركزية وتطبيقه، فتوزيع الكثافة السكانية غير المتجانسة على الأقاليم كتضخم حجم المدن وتكدسها بالسكان يصعب من إدارتها، وينعكس سلبا على الحضر والريف معا.
فمن ناحية، يؤدي النمو الحضاري السريع إلى زيادة المشكلات في الحضر وانتشار المناطق العشوائية، مما يصاحبه انتشار في الآفات الاجتماعية كالمخدرات والإيدز تهدد الأمن القومي، ومن ناحية أخرى يؤدي إلى حرمان المناطق الريفية من الكفاءات التي تكون في أشد الحاجة إليها.
كما تظهر معدلات النمو السكاني تأثيرها على الإدارة المحلية، حيث كلما كان انخفاض في معدلات النمو الطبيعي للسكان والتركيب العمري لهم كلما أدى ذلك إلى التقليل من درجة الفقر و ارتفاع مستوى المعيشة، لأن من وجهة الإدارة المحلية بأن السلطات المحلية عوض أنها تبقى تؤدي خدمات أساسية لانخفاض معدلات النمو السكاني فرصة للتوسع في خدمات الرفاهية للمواطنين المحليين، كما يؤدي انخفاض معدلات الزيادة السكانية إلى زيادة القدرات المالية للسلطات المحلية بارتفاع حجم فئة الممولين من دافعي الضرائب والرسوم المحلية، والحد من الإنفاق المحلي على الفئة غير المنتجة وهي فئة الأطفال التي تحتاج إلى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وكذلك فإن تعدد الأصول الجنسية في نطاق الدولة يؤثر على الإدارة المحلية، ويتوقف ذلك التأثير على كيفية معالجة هذه الظاهرة من طرف الدولة، فقد تمارس الدولة المزيد من الرقابة على الوحدات المحلية حتى تقضي على الطابع المميز لهذه الأقليات والطوائف وصهرها في المجتمع بقوة السلطة حتى لا تصبح مراكز قوة تهدد وحدة الدولة، فهو ما يعني إضعاف الإدارة المحلية.
ولكن إذا ترغب الحكومة المركزية في إنشاء وحدات محلية متجانسة اجتماعيا فإنها سوف تعمل على تقوية هذه الوحدات وزيادة درجة استقلالها و اختصاصاتها وسلطتها.
وعلى عكس ما سبق ذكره، فإذا كانت الدولة متجانسة، فإنه يكون من السهل تقسيم الدولة إلى وحدات محلية، وتطبيق نمط واحد من الوحدات المحلية وصلاحيات واختصاصات وتشكيل المجالس المحلية على مستوى الدولة.

المطلب الرابع: العوامل الاقتصادية

إن طبيعة النظام الاقتصادي في الدولة ينعكس على نظام اللامركزية فيها، إذ أن في الفترة التي كانت الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية كان للوحدات المحلية دور يتمثل في إنتاج السلع وتقديم الخدمات للمواطنين في إطار عملية التنمية الوطنية، ولكن في ظل التوجه العالمي إلى اقتصاد السوق وتبني سياسات الإصلاح الاقتصادي حدث تحول في دور الدولة، ومن ثم دور الوحدات المحلية، حيث لم تعد الوحدات المحلية المسؤولة الوحيدة في تقديم الخدمات المحلية والإنتاج، بل أصبح بمقدرتها إسناد بعض هذه النشاطات إلى القطاع الخاص من خلال التعاقد، ومع ذلك فإن الشيء الملاحظ في الدول التي تعتمد على قطاع النفط قد أثر على مواردها المحلية، حيث أنها تعتمد على التحويلات المركزية بدل استقلال مواردها المالية.
ومن جانب أخر، حتى تتصف الإدارة المحلية بصفة المحلية تتوقف في المجال الاقتصادي على طبيعة الاقتصاد المحلي، إذ في الواقع نجد أن النشاط الاقتصادي في المدنية يختلف عن القرية، كما يختلف بين المدن نفسها، فنجد مثل المدنية التجارية أو الصناعية، وهذه الاختلافات لها تأثيرها على الحياة السياسية في تلك المناطق من خلال تأثيرها على الثقافة السياسية للأفراد الذين ينقلون الاتجاهات والتوقعات الثقافية لمهنهم إلى العملية السياسية، وكما تقوم ظروف وبنية الاقتصاد المحلي في تحديد مدى قدرة الوحدات المحلية على القيام بدورها وتقديم الخدمات للمواطنين المحليين.

المطلب الخامس: العوامل السياسية

إن القيم والمبادئ السياسية في الدولة تنعكس على تشكل نظامها اللامركزية، لأن هذا الأخير يعتبر في المقام الأول نظاما فرعيا للنظام السياسي، فهو يتأثر بالعوامل السياسية، إذ ليس من المنطق قيام نظام محلي ديمقراطي في دولة لا تمارس ديمقراطية على المستوى المركزي
إن في الدول الديمقراطية المجالس المحلية يتم تشكيلها بالانتخاب المباشر، وتتمتع بصلاحيات واختصاصات أكبر نسبيا من مثيلاتها في الدول الديمقراطية التي لا تقبل بسهولة التنازل عن السلطة.
وبالنظر إلى واقع الدول النامية في ظل دور السلطة التنفيذية وعلاقتها بالسلطة التشريعية، فإن هذه الدول يتمتع رئيس الدولة وأعضاء السلطة التنفيذية بسلطات قوية في مقابل ضعف السلطة التشريعية، رغم إقرارها بالفصل بين السلطات، ولهذا يكون تحصيل حاصل في هذه الدول أن يكون دور المجالس المحلية محدودا في مواجهة الرؤساء التنفيذيين الذين يمثلون السلطة التنفيذية في أقاليمهم أو بلدياتهم.
إن عدم الاستقرار السياسي للدولة وبالذات عندما يتعلق الأمر بالسياسة العامة، يؤدي بالدولة الإعادة الاستقرار إلى إدخال تغيرات عديدة في الإدارة المحلية، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف عملية بناء النظام المحلي، بينما إذا كان سير الوظيفة المحلية يتماشى مع الاستقرار السياسي للدولة، فإن ذلك يمنح الفرصة للوحدات المحلية للتمتع بالمزيد من السلطات والاختصاصات، طالما أن الحكومة المركزية لا تجد مبرر تتخوف منه من الإدارة المحلية
 ومما سبق، يتضح بأن النظام المحلي في أي دولة من الدول هو وليد من العوامل المختلفة والمتفاعلة فيما بينها ولهذا من الضروري بمكان إدراك هذه العوامل عقد المقارنة بين نظام لا مركزي وآخر، أو عندما يتم البحث في مدى نجاح أو فثل الوحدات المحلية في داخل النظام المحلى الواحد.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع