القائمة الرئيسية

الصفحات

ملخص القانون التجاري السداسي الثاني S2 PDF

القانون التجاري هو فرع من فروع القانون الخاص يختص بتنظيم القواعد القانونية التي تحكم الأعمال التجارية ونشاط التجار في ممارسة تجارتهم. 
يتضح من هذا التعريف أن قواعد القانون التجاري تتعلق بفئة معينة من الأعمال التجارية، التي يقوم بها طائفة معينة من الأشخاص هم التجار سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين. و يعود سبب إيجاد قانون تجاري خاص بالمعاملات التجارية والتجار للخصائص التي يتميز بها النشاط التجارية . فما هي خصائص القانون التجاري؟

 خصائص القانون التجاري

 يتميز القانون التجاري بخاصيتين هما : 

أولا: السرعة 

تتميز العمليات التجارية المتعلقة بالسلع والخدمات بالسرعة في إبرام العقد وتنفيذه، فقد يتم التعاقد عن طريق الهاتف أو الفاكس أو الإنترنت ذلك أن البطء والتردد في التعاقد من شأنه أن يؤدي إلى نتائج سلبية وخطيرة على مستقبل التاجر ووضعه المالي في السوق. تميل قواعد القانون التجاري إلى تبسيط الإجراءات والابتعاد عن الشكليات، فمثلما هو الحال بالنسبة لحرية الإثبات في مجال المعاملات التجارية التي يمكن إثباتها بكافة وسائل الإثبات القرائن – الشهادة اليمين الدفاتر التجارية.

 ثانيا: الإئتمان

 يقصد بالإنتمان تسهيل الوفاء بالالتزامات التجارية، لهذا نجد أن عامل الثقة يشكل ركن أساسي في العمليات التجارية، حيث أن تاجر الجملة مثلا يسلم البضاعة إلى تاجر التجزئة ولا يطالبه بتمديد ثمنها فورا بل يمهله أجال إلى غاية بيع كل البضاعة أو جزء منها، وبهذا يساهم الائتمان في إستمرارية تدفق السلع وتداولها، مما يؤدي إلى تراكم وزيادة الأرباح، وانتعاش التجارة داخل الدولة، وحتى على المستوى الدولي. يعتبر عنصر الإئتمان ضرورة لا غنى عنها في الحياة التجارية، ففي غالبية الحالات يكون التاجر دائنا لمجموعة من التجار، ومدينا لمجموعة أخرى في نفس الوقت، فنتيجة لهذه الروابط المتشابكة يقع على كل تاجر إلتزام الوفاء بديونه في مواعدها المحددة، فأي تخلف عن إلتزام الوفاء يترتب عنه سلسلة من عدم الوفاء من جانب غيره من التجار الذين اعتمدوا في انتمائهم مع غيرهم من التجار على وفاء هذا التاجر المتخلف عن الوفاء بالتزامه.
ملخص رائع للقانون التجاري السداسي الثاني S2
خصائص القانون التجاري
تمييز الأعمال التجارية من المدنية
أساس القانون التجاري
مصادر القانون التجاري
شروط اكتساب صفة التاجر في القانون التجاري
الأنواع المختلفة للأعمال التجارية
الأصل التجاري تعريفه والإجابة عن أهم الإشكاليات المرتبطة به
الأهلية التجارية تعريفها و شروطها

وما هي مصادر القانون التجاري؟

 المصادر الرسمية للقانون التجاري

 أولا: التشريع

 يعد التشريع المصدر الرسمي الأول للقانون التجاري في المغرب، وذلك وفقا لمقتضيات مدونة التجارة، والذي يقصد به مجموعة من القواعد القانونية التي تصدرها السلطة المختصة في الدولة، حيث يلجأ القاضي إلى هذا المصدر للبحث عن القاعدة التي تحكم النزاع المطروح أمامه و يعتبر القانون التجاري المصدر الأول الذي يستند إليه القاضي للفصل في النزاعات التجارية ويتمثل هذا القانون في مدونة التجارة التي صدرت مستمدة من القانون الفرنسي و الألماني و السويسري سنة 12 غشت 1913.
 ولما كانت هذه المدونة ناقصة وكثيرة الثغرات عمل المشرع على إصدار عدة تشريعات لها صلة مباشرة بالتجارة ومنها القانون المتعلق ببيع ورهن الأصل التجاري القانون المتعلق بالشيك و بالشركات الأموال. وقد حاول المشرع المغربي  أن يعالج الكثير من القضايا التجارية التي تهم الحقل التجاري، ومن المواضيع التي تطرق إليها هذه المدونة نجد ما يلي :
 التجارة بصفة عامة، المحل التجاري ، الإفلاس والتسوية القضائية، السندات التجارية، والشركات التجارية,  هذه التشريعات جعلت هذا القانون يلحقه التخلف بسبب عدم مسايرته للتطورات التي عرفتها التجارة والتشريعات التجارية الحديثة. و يعتبر القانون المدني، إلى جانب القانون التجاري، من بين المصادر التي يعتمد عليها القانون التجاري، وهذا لكونه الشريعة العامة للقانون الخاص، التي يتم الرجوع إليها في حالة ما لم يرد نص في القانون التجاري.

 ثانيا: العرف 

نشا العرف في البيئة التجارية، ولعب دورا هاما في بلورة وتطور القانون التجاري، وهذا الكون التجار قد اتبعوا قواعد عديدة في معاملاتهم و التي تعتبر من صنعهم تعودوا على إتباعها إلى درجة أنها أصبحت ذات طابع إلزامي، وعلى هذا الأساس فإن قواعد القانون التجاري هي في الأصل ذات طبيعة عرفية.
 يأتي العرف في الكثير من الأنظمة القانونية في المرتبة الثالثة مباشرة بعد التشريع، ليسبق بذلك قواعد الشريعة الإسلامية، وهذا الموقف تبناه المشرع المغربي بمقتضى أحكام المادة 2 من مدونة التجارة عندما يتعلق الأمر بنزاع تجاري فإن الأولوية في التطبيق تكون لنص التجاري وإن لم يوجد حل نلجأ إلى العرف التجاري وان لم يوجد حل نلجأ إلى القانون المدني الذي هو الشريعة العامة للقانون.
 فوفقا لمبدأ الخاص يقيد العام، فإن تطبيق العرف أولى من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات التجارية، ومن أمثلة تطبيق العرف في المسائل التجارية تقديم الثمن عوضا عن الفسخ في حالة تأخر البائع عن تسليم المبيع، أو في حالة تسليم بضاعة من صنف آخر أقل جودة من الصنف المتفق عليه.

تمييز الأعمال التجارية من المدنية


هذا التميز في الأعمال التجارية فهو لتطبيق مقتضيات قانون التجارة الخاصة بالتجار،فصفة التاجر لا تكتسب كما هو وارد في المادة 6 من مدونة التجارة إلا بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة الواردة فيها أو تلك التي تماثلها ، وعليه فمفهوم التاجر يتحدد إما على أساس موضوعي (عمل تجاري) الممارسة الاعتيادية والاحترافية وإما أيضا على أساس قانوني أي أن الشخصية صفة التاجر ولو لم يمارس عملا تجاريا.
 فأهمية التفرقة والتمييز بين الأعمال التجارية و المدنية تكمن في ضرورة تطبيق مقتضيات قانون التجارة على التجار ويترتب على ذلك كما سنرى مجموعة من الحقوق والالتزامات من أهمها : أداء الضرائب – فتح حساب بنكي- الأصل التجاري- الملكية الصناعية والتجارية تميز الأعمال التجارية عن المدنية فيما يلي :

1 – حرية الإثباث في المعاملات التجارية 

إذا كان الإثباث في المادة المدنية مقيدا كما هو في الفصل 448 من قانون الالتزامات و العقود و الذي مفاده أن الاتفاقيات التي تنشئ الالتزامات و العقود أو تعدلها و تتجاوز 10.000 درهم لا بد من كتابتها. أما في الأعمال التجارية فالمادة 334 من مدونة التجارة أقرت مبدأ حرية الاتباث و السبب في اعتماد حرية الاتباث في الأعمال التجارية راجع إلى خاصية السرعة التي تتسم بها الحياة التجارية بحيث يكون من الصعب أو المستحيل تقييد أو تسجيل كل المعاملات التجارية وبالتالي إثباتها كتابة ولهذا الاتباث يمكن أن يكون باللجوء إلى شهادة الشهود أو المحاسبة الخاصة بالتاجر.

2 – تقليص آجال التقادم في الالتزامات التجارية 

أن كل الدعاوي الناشئة عن الالتزامات تتقادم بمضي 15 سنة أما تلك الناشئة عن الالتزامات التجارية فان التقادم فيها كما هو وارد في المادة 5 من مدونة التجارة يكون بمضي 5 سنوات ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة و السبب في هذا التقصير راجع إلى كون الالتزامات و العلاقات التجارية مبنية أساسا على الثقة بين التجار وانه غالبا ما يقوم التاجر باسترداد ديونه قبل حلول آجال الأداء و السبب في ذلك هو الثقة و السرعة كخاصيتين المعاملات التجارية المادة 5: تتقادم الالتزامات الناشئة عن عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار بمضي 5 سنوات ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة.

3 – التشدد في منح مهلة الميسرة 

الأصل أن القاضي لا يمكنه يمنح أجلا أو ينظر إلى ميسرة إلا إذا أجازه الاتفاق أو القانون ( الفصل 128 من قانون الالتزامات و العقود ) وكما أن سلطة القاصي مقيدة في منح الأجل فعلى هذا الأساس ووفق مقتضيات المدونة القديمة فانه يطبق نظام الإفلاس على التاجر الذي لا يفي بديونه ،أما المدونة الحالية فإنها وتماشيا مع خاصية السرعة والائتمان في المعاملات التجارية أدخلت استثناءات لهذا المبدأ وتتمثل في إقامة مسطرة أكثر يسر تمكن التاجر من الوفاء بديونه وذلك من خلال نظام التسوية القضائية والتصفية القضائية أيضا.

4 – النفاذ المعجل

 فالأصل أن الأحكام الصادرة عن المحاكم لا تنفد إلا بعد استنفاذ مواعيد الاستئناف و الطعن والفصل فيهم أما في الأحكام التجارية ونظرا لخاصية السرعة فان المادة 147 من قانون المسطرة المدنية أقرت بالتنفيذ المعجل رغم الاستئناف.

5 – الاختصاص و الإثبات

 في البحث عن نظام قانوني بحكم الأعمال التجاري – وهو أمر صعب – يختلف عن بقية الأنشطة الإقتصادية التي تخضع للقانون الخاص و التي تحكمها قواعد خاصة، بات من الضروري البحث عن النظام المناسب لحماية عنصر الإئتمان، من حيث تبسيط الإجراءات خاصة في مجال قواعد الإختصاص القضائي والإثبات بسبب ما تتطلبه الأعمال التجارية من سرعة وثقة كأحد أهم خصائص القانون التجاري.

الفرع الأول: الاختصاص

 ينظر القسم التجاري في المنازعات التجارية، وفقا لما هو منصوص عليه في القانون التجاري، مع مراعاة أحكام المادة 32 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. غير أنه في المحاكم التي لم تنشأ فيها الأقسام يبقى القسم المدني هو الذي ينظر في جميع النزاعات باستفتاء القضايا الاجتماعية ولقد وضع المشرع قاعدة عامة في مجال الاختصاص المحلي، بحيث يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه، وإن لم يكن له موطن معروف، فيعود الاختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها آخر موطن له. .. غير أنه يمكن الخروج على هذه القاعدة، عملا بأحكام المادة 39/ 04 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي تنص على مايلي: ” في المواد التجارية، غير الإفلاس والتسوية القضائية، أمام الجهة التي وقع في دائرة اختصاصها الوعد، أو تسليم البضاعة، أو أمام الجهة القضائية التي يجب أن يتم الوفاء في دائرة اختصاصها، وفي الدعوى المرفوعة ضد الشركة، أمام الجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها أحد فروعها”. وفضلا عما ورد في قواعد الإختصاص الإقليمي، وضع المشرع بعض الإستثناءات نذكر منها على سبيل المثال: في مواد الإفلاس والتسوية القضائية للشركات وكذا الدعاوى المتعلقة بمنازعات الشركاء، ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مکان افتتاح الإفلاس أو التسوية القضائية أو مكان المقر الاجتماعي للشركة. وإذا كان المشرع يجيز الإتفاق على عقد الاختصاص لجهة قضائية تغير التي تعينها قواعد الاختصاص الإقليمي في حالات معينة، إلا أنه منع الخروج على قواعد الاختصاص تطبيقا لما ورد في المادة 45 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي جاء فيها مايلي:” يعتبر لاغيا وعديم الأثر كل شرط يمنح الإختصاص الإقليمي لجهة قضائية غير مختصة إلا إذا تم بين التجار” . وإذا كان للقسم التجاري، سلطة الفصل في المنازعات التي تنشأ بين التجار والناتجة عن الالتزامات المتعلقة بعملهم التجاري، إلا أنه في حالة إذا لم يكن طرفي النزاع تاجرين، فإن الدعوى تخرج عن نطاق القسم التجاري، وذلك في حالة العمل المختلط أي الأعمال التي تبرم بين تاجر وغير تاجر، فإنها تخضع لنظام خاص، فإذا كان التصرف مدنيا من جانب المدعي وتجاريا من جانب المدعى عليه، فللمدعي الخيار في رفع الدعوى أمام القسم المديني أو التجاري، بينما لا يملك الطرف الأخر إلا رفع دعواه أمام القسم المدني.

الفرع الثاني : الإثبات في الأعمال التجارية

 الإثبات لغة، هو تأكيد الحق بالبيئة، والبيئة الدليل أو الحجة القوية، وهناك لفظ بمعنى الدليل مشتق من المصدر (إثبات) وهو ثبت ولفظ ثبت تطلق مجازا على كل حجة أي ثقة في روايته فيقال فلان ثبت من الإثبات أي ثقة من الثقات، الإثبات على وجه العموم هو تأكيد حقيقة أي شيء بأي دليل أما المعني القانوني للإثبات، فهو تأكيد حق متنازع فيه له أثر قانوني بالدليل الذي أباحه القانون لإثبات ذلك الحق، أو هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب آثارها.

6 – القواعد المتعلقة بتقوية جزاء الالتزامات 

إن نظرية الإلتزامات التجارية تهدف إلى توفير السرعة ودعم الائتمان في حال إبرام وتنفيذ المعاملات التجارية، والوقوف بجانب الدائن الذي أولى المدين ثقته، لذا فإن الأحكام تميل إلى تغليب مصلحة الدائن على مصلحة المدين، خلافا لما هو مقرر في المعاملات المدنية.

الفرع الأول: التضامن

 يعد التضامن بمثابة الضمان، الذي يستطيع من خلاله الدائن مطالبة أي واحد من المدنين المتضامنين بوفاء الدين في حالة عجز المدين الأصلي عن الوفاء بذيوته في أجل استحقاقها، وعلى سبيل المثال ما تعرضت إليه المادة 432 من القانون التجاري على أنه: إن ساحب السفنجة وقابلها ومظهرها وضامنها الاحتياطي ملزمون جميعا لحاملها على وجه التضامن”. وكذلك ما ورد في المادة 551 بقولها: ” للشركاء بالتضامن صفة التاجر وهم مسئولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديوان الشركة…” وفي المسائل التجارية، فإن العرف قد استقر على أن التضامن بين المدنين إذا تعددوا هو القاعدة العامة ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك. أما في المواد المدنية، فالأمر يختلف إذ يوجد بين المدتين مسؤولية بالتكافل وليس بالتضامن، إلا إذا كان هذا التضامن بناء على أحكام المادة 217 من القانون المدني ، وعلى ذلك لا يستطيع الكائن في حالة عدم وجود تضامن قانوني أو تضامن اتفاقي مطالبة كل واحد من المدينتين إلا بوفاء جزء من الدين ويتحمل إعسارهم عند الاقتضاء.

الفرع الثاني: النفاذ المعجل في الأعمال التجارية

 المبدأ العام، أن الأحكام الصادرة في المواد المدنية لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد أن تصبح نهائية، أي بعد أن تحوز قوة الشيء المقضي به، بحيث لا تقبل المعارضة ولا الإستئناف، باستثناء الأحكام الواجبة التنفيذ بقوة القانون، ويؤمر بالنفاذ المعجل رغم المعارضة عند طلبه في جميع الحالات التي يحكم فيها بناء على عقد رسمي أو وعد معترف به حاز قوة الشيء المقضي به. ويجوز للقاضي في جميع الأحوال الأخرى أن يأمر في حالة الإستعجال بالنفاذ المعجل بكفالة أو بدون كفالة بيد أن قاعدة النفاذ المعجل نجد تطبيقاتها في باب الإفلاس والتسوية القضائية، بحيث تكون جميع الأحكام والأوامر الصادرة بمقتضى قواعد الإفلاس معجلة التنفيذ رغم المعارضة أو الاستئناف وذلك باستثناء الحكم الذي يقضي بالمصادقة على الصلح.

الفرع الثالث: المهلة القانونية أو الاتفاقية 

في المعاملات المدنية، وطبقا للمادة 210 من القانون المالي، يجوز للقاضي أن يعين ميعادا مناسبا لحلول الأجل، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقيلة مع اشتراط عناية الرجل اخريص على الوفاء بالتزامه. ففي المواد التجارية، خاصة في باب الإفلاس والتسوية القضائية وحماية لمركز الدائن، لا يستفيد المدين المفلس من الآجال. غير أن المشرع وفي مجال الإلتزام الصرفي ( السفتجة ) خرج عن هذه القاعدة، بحيث وضع استناءا مفاده إمكانية الحصول على مهلة أو أجل للوفاء وهو ما يعرف بالمهلة القانونية أو الإتفاقية، وذلك بصريح الفقرة الأخيرة من المادة 426 من القانون التجاري، التي تميز للضاعتين أن يتقدموا إلى الحكمة خلال ثلاثة أيام من ممارسة الحامل لحقه في الرجوع، طلبا يلتمسون فيه ميعادا، فإذا تقرر قبول الطلب، حدد في الأمر الوقت الذي يجب فيه على الضامنين وفاء الأوراق التجارية، دون أن تتجاوز المهلة الممنوحة التاريخ المحدد لاستحقاق. كما تختلف المهلة القضائية عن المهلة القانونية والتي تصدر بناء على ظروف القوة القاهرة أو وجود نص قانوني الحالة ما، بحيث يحول دون تقليم السفتجة أو تقليتم الإحتجاج في الآجال المعينة، فتمتد المواعيد، أي تمنح أجال للحامل، تطبيقا لما ورد في الفقرة الثانية من المادة 464 من القانون التجاري والتي جاء فيها مايلي:” ولا يجوز منح أجال قانونية كانت أو شرعية إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 426 و 438 من هذا القانون” وعليه يجب على الحامل أن يبادر بعد زوال القوة القاهرة ودون إبطاء إلى تقديم السفتجة للقبول أو الوفاء أو الاحتجاج عند الإقتضاء، تطبيقا للمادة 438 من القانون التجاري.

الفرع الرابع: الإفلاس و التسوية القضائية

 يعد نظام الإفلاس من الأنظمة التي قننها القانون التجاري وجعلها مقصورة على فئة التجار أشخاص طبيعيين كانوا أو معنويين إلى جانب الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص ، ويعرف الإفلاس على أنها نظام لتنفيذ الجماعي على أموال المدين الذي توقف عن الدفع، كما يعد ذي نتائج خطيرة على المدين وعلى الدائن سواء ويعرفه أيضا جانب من الفقه بأنه (نظام خاص بالتجار يهدف إلى تنظيم التنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر الذي توقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيدها).
 ولما كان الإفلاس هو وسيلة بهدف بها المشرع إلى حماية الدائنين ومنع المدين من الإضرار بهم أو العبث بمصالحهم فإنه من الأهمية بمكان وضع الدائنين على قدم المساواة بحيث يحصلون على مزايا متساوية أما الإعسار فيعرف على أنه عدم القدرة على النفقة أو أداء ما عليه مال ولا کسب، ويكمن الفرق بينهما من حيث أن المفلس قد يكون له مال كثير لكنه لا يفي بديونه اللازمة، أما المعسر فهو من عسرت عليه أموره وشفت وبذلك يكون المعسر أسوأ حالا من المفلس. ويمكن القول بأن الإعسار والإفلاس عموم وخصوص مطلق، فكل مفلس معسر وليس كل معسر مقلس. المعسر لا سبيل للدائنين عليه، فلا يجوز مطالبته بالدين ولا إجباره لسداده وإنما يجب إنظاره إلى ميسرة، أما المفلس فتسري عليه أحكام الإخلال وهي تبدأ بشهر إفلاسه ثم الحجر عليه وتنتهي ببيع أمواله.

ما هي شروط اكتساب صفة تاجر ؟

جاء في نص المادة الأولى من القانون التجاري على ما يلي : ” يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقض القانون بخلاف ذلك”. من خلال قراءة النص يتبين بأن المشرع اشترط ضرورة توافر شروط معينة لإلحاق صفة التاجر على الشخص وتتمثل في ممارسة العمل التجاري، إلى جانب اتخاذ العمل مهنة معتادة.

المطلب الأول: مباشرة الأعمال التجارية

 تشکل ممارسة العمل التجاري أحد الشروط الأساسية لاكتساب الشخص صفة التاجر، بحيث لا يمكن أن يخاطب هؤلاء بأحكام القانون التجاري، إلا إذا تبين أن التصرف ناتج عن عمل تحاري، بمعنى أن ممارسة العمل المدني بصورة مستمرة ومنتظمة لا يشكل شرطا لإسباغ الوصف التجاري على صاحب العملية.
 ومادام أن الأعمال التجارية قد تم شرحها والتفصيل فيها ضمن الفصل الأول فيستحسن عدم تكرارها، فقط تجدر الإشارة إلى أن المقصود بمباشرة العمل التجاري كشرط لاكتساب صفة التاجر، يشمل فقط طائفة التعداد القانوني للأعمال التجارية الواردة في المادة الثانية، أي الأعمال التجارية بحسب الموضوع أما الأنواع الأخرى من الأعمال التجارية فهي مستبعدة، فمثلا نجد أن من شروط التبعية التجارية المنصوص عليها في المادة الرابعة أن يكون القائم بالعمل تاجرا.

المطلب الثاني: الحرفة أو المهنة كشرط لاكتساب صفة التاجر:

 نصت المادة 6 من مدونة التجارة على أنه ” مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلق بالشهر في السجل التجاري، تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية: شراء المنقولات المادية أو المعنوية بنية بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى أو بقصد تأجيرها؛
اكتراء المنقولات المادية أو المعنوية من أجل إكرائها من الباطن؛
 – شراء العقارات بنية بيعها على حالها أو بعد تغييرها؛
 – التنقيب عن المناجم والمقالع واستغلالها؛
 – النشاط الصناعي أو الحرفي؛
 – النقل؛
 – البنك والقرض والمعاملات المالية؛
 – عملية التأمين بالأقساط الثابتة؛ 
– السمسرة والوكالة بالعمولة وغيرهما من أعمال الوساطة؛ 
– استغلال المستودعات والمخازن العمومية؛ – الطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها…
كما نصت المادة 7 على أنه ”  تكتسب صفة تاجر أيضا بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية: كل عملية تتعلق بالسفن والطائرات وتوابعها؛ كل عملية ترتبط باستغلال السفن والطائرات وبالتجارة البحرية والجوية. ”

الفرع الأول: الإحتراف والإعتياد

 تنص المادة 8 من مدونة التجارة على أنه ” تكتسب صفة تاجر كذلك بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية لكل نشاط يمكن أن يماثل الأنشطة الواردة في المادتين 6 و7 “ و يقتضي الإعتياد تكرار وقوع العمل من وقت لأخر , كما أن الاحتراف گواقعة مادية شرط أساسي لاكتساب صفة التاجر، فالمتفق عليه في كون الشخص تاجر أو غير تاجر، ليس بما يصف به نفسه ولا بما يصف به غيره، وإنما بتوافر الشروط القانونية التي نص عليها المشرع الاكتساب هذه الصفة، ومن هذه الشروط احتراف الأعمال التجارية. 
غير أن هناك من يرى، أن هذين الشرطين أي العمل التجاري إلى جانب عنصر المهنة لا يكونان إلا شرطا واحدا، أولهما يشترط لكي يصبح الشخص تاجرا يتعين عليه أن يزاول حرفة تجارية . والحرفة لا يمكن تعريفها إلا بموضوعها، أي على ضوء الأعمال المكونة لها، وهذه الأعمال إذا ما تعلق الأمر بحرفة تجارية لا يمكن أن تكون إلا الأعمال التجارية. لذلك يكون الاحتراف مهنة يتخذها الشخص سبيلا للإرتزاق، في حين يكفي في الإعتياد أن يطرأ وقوع العمل من الشخص من حين لأخر.
 فالاعتياد مرتبة أدنى من الاحتراف لا تكفي لإسباغ صفة التاجر على من اعتاد القيام بالأعمال التجارية. ومن أمثلة الإعتياد الذي لا يصل إلى درجة الاحتراف قیام غير التاجر بشراء وبيع الأسهم من وقت لآخر.
 ولذلك قضي بأن قيام شخص بيوع تجارية تفصلها فترات متباعدة لا ينهض دليلا على أن البائع يحترف التجارة، فالعمل الذي يقوم به الشخص يعتبر عملا تجاريا ويخضع لأحكام القانون التجاري ولكنه لا يسبغ على من قام به صفة التاجر، فالعمل الذي قام به الشخص يعتبر عملا تجاريا ويخضع لأحكام القانون التجاري ولكنه لا يسبغ على من قام به صفة التاجر.

الفرع الثاني : إثبات الاحتراف

 إن إثبات عناصر الحرفة التجارية مسألة موضوع يفصل فيها قاض الموضوع ولا رقابة للمحكمة العليا عليها، ومتى فصلت المحكمة في مسألة توافر أو عدم توافر هذه العناصر، فعليها بعدئذ أن تبني على ذلك النتيجة القانونية وهي قيام أو عدم قيام الحرفة التجارية. فصفة التاجر إذن تستمد من أعمال إيجابية تنهض دليلا على احترافي التجارة، فهي إذن لا تفترض بل على من يدعي قيامها أن يثبت عناصر الحرفة وله في ذلك كافة طرق الإثبات.
 إن صفة التاجر لا تقوم على سمعة أو شهرة ولا يقيمها إقرار أو اتفاق أو حتى اتخاذ بعض المظاهر کمسك الدفاتر التجارية أو التسجيل في السجل التجاري. كما لا يشترط لاكتساب هذا الوصف أن يكون للشخص محل تجاري، فالمعمل وإن كان من أهم مظاهر الحرفة التجارية إلا أنه ليس من مستلزماتها.
 فصفة التاجر تفترض في من ينتحلها بالإعلان عنها في الصحف أو في منشورات أو في الإذاعة والتلفزيون أو بأية وسيلة أخرى، وبالمقابل يجوز نفي هذه القرينة بإثبات أن من انتحل الصفة المذكورة لم يزاول التجارة فعلا.

الأهلية التجارية 

الأهلية التجارية : لا يكفي أن يزاول الشخص حرفة تجارية لكي تلحقه صفة التاجر، بل ينبغي أيضا أن يكون أهلا لمباشرة التجارة، لأن التجارة من أعمال التصرف فيجب أن تتوافر في من يريد مزاولتها الأهلية اللازمة لإجراء التصرفات القانونية. 
والأصل أن يكون الشخص كامل الأهلية التجارية ما لم يثبت فقدانها ولا يجوز الإتفاق على خلاف قواعد الأهلية وذلك لأن هذه القواعد من النظام العام. والأهلية مناطها التمييز، لأن الإرادة لا تصدر إلا من تمييز، فمن كان کامل التمييز كان كامل الأهلية، ومن نقص تمييزه كانت أهليته ناقصة ومن العدم تميزه انعدمت أهليته.
وتنقسم أهلية الشخص إلى أهلية وجوب وهي صلاحية الشخص لوجوب الحقوق له وعليه، أي إكتساب الحقوق وتحمله الإلتزامات.
 وبالمقابل فإن أهلية الوجوب تكون قائمة للشخص منذ ولادته وفي بعض الأحيان قبل ولادته، وتبقى ملازمة إلى حين وفاته، وهي بهذا إما أن تكون كاملة بجانبها الإيجابي وجانبها السلبي وإما أن تكون ناقصة فتقتصر على جانبها الإيجابي كما في حالة الجنين الذي مازال في بطن أمه ولم ينفصل عنها وقد ترتبط الذمة المالية بأهلية الوجوب، أي ارتباطه الذمة المالية بشخصية صاحبها وذلك بغض النظر عن توفر حقوق ثابتة له والتزامات واقعة عليه في وقت معين، حيث أن العبرة في وجود الذمة في توافر الصلاحية الإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات دون النظر إلى اكتسابها أو التحمل بما فعلا وحالا. 
غير أن البعض يرفض ارتباط الذمة المالية بالشخصية القانونية إلى حد الخلط بينهما، مما دفع إلى القول بأنه مادامت الذمة المالية والشخصية شيئا واحد, إذن السلاح الذمة المالية، وما فائدته وليس له من مدلول جديد، بمعنى التفرقة بين الشخصية القانونية باعتبارهما مجرد الصلاحية لإكساب الحقوق والتحمل بالإلتزامات وبين الذمة المالية وهي مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات مالية أما أهلية الأداء فتعرف على أنها: “صلاحية الشخص للتعبير عن إرادته تعبيرا يعتد به القانون فيرتب عليه آثارة قانونية، وتتدرج أهلية الأداء بتدرج السن وقد يعترضها عارض يؤدي بنا إلى الزوال بخلاف أهلية الوجوب التي تلازم الشخص طوال حياته، ولا يمكن لمن لا تتوافر له أهلية الوجوب أن يحل محل شخص آخر، في حين بعد أن انعدام أهلية الأداء يمكن معالجته بإحلال ممثل قانوني محل عديم الأهلية تكون له الولاية في التصرف في أمواله.
 وتجدر الإشارة بأن القانون التجاري لم يتعرض للسن القانونية لممارسة وامتهان الأعمال التجارية، مما يستوجب الرجوع إلى أحكام القانون المدني، حيث جاء في نص المادة 40 مایلي: كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية، ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية التجارية مباشرة حقوقه المدنية – وسن الرشد تسعة عشر (19) سنة كاملة”.

المطلب الأول: الأحكام المتعلقة بالقاصر المأذون له

 جاء في نص المادة الخامسة من القانون التجاري على أنه لا يجوز للقاصر المرشد، ذكرا أم أنتي، البالغ من العمر ثمانية عشرة سنة كاملة والذي يريد مزاولة التجارة أن يبدأ في العمليات التجارية، كما لا يمكن اعتباره راشدا بالنسبة للتعهدات التي يرمها من أعمال تجارية “ في القانون يعتبر كل من بلغ سن 18 سنة كاملة، دون تمييز بين الجنس (ذكرا أم أنی) قاصرا مرشدا، فلا يجوز أن تقل سنه عن الشرط المذكور أن يزاول التجارة ولو كان قانون دولته يعتبره راشدا أو يجيز له الإتجار في حدون السن القانونية. كما أجاز المشرع الفرنسي للقاصر المرشد البالغ من العمر 16 سنة إمكانية ممارسة التجارة بشرط الحصول على ترخیص قضائی “ لقد استلزم المشرع ضرورة حصول القاصر المرشد على الإذن لأجل ممارسة الحدود التي يتطلبها القانون.

الفرع الأول: أن يكون الإذن مسبقا 

لا يختلف معنى الإذن في اللغة عنه في الإصطلاح فهو إباحة الفعل وإطلاقه، والإباحة تعني التخيير بين الفعل والترك دون ترتب أي ثواب أو عقاب، وبهذا فإن الإذن في تصرف معين يعني إباحة القيام به وهذا هو المقصود من الإذن في التجارة للصبي المميز، إذ يملك بهذا الإذن القيام بشتى أنواع التصرفات التي أذن له فيها ومن هنا يمكن تعريف الإذن في التجارة بأنه: ( نظام يهدف إلى امتحان القاصر والتوسيع عليه في موارد رزقه ، وهو يفيد معنى إمضاء تصرفاته المأذون له بها من غير توقف على إجازة أحد بعد ذلك) وهذا المعنى يقترب الإذن في التجارة من معنى إجازة التصرف، إذ أن كليهما يدل على الموافقة على التصرف مع فارق أن الإذن في التجارة يسبق التصرف وأن الإجازة تأتي بعده، وهذا هو مرد الفقهاء بأن الإجازة اللاحقة هي كالإذن السابق. وأخيرا فإن الإجازة تختلف عن الإذن من حيث أثرها فهي تثبت ويتبت معها التصرف فور صدورها في حين أن الإذن يمتد حتى انتهاء العمل المأذون به أو انتهاء المدة المحددة للإذن وينتج عن ذلك أن الإذن لا يستلزم حتمية القيام بالعمل المأذون فيه بل هو على سبیل التخيير وهو متروك لتقدير المأذون ورأيه.
 بيد أن إخفاقه في اتخاذ القرار المناسب قد يؤدي إلى سحب الإذن أو الحد منه وذلك لما في هذا من ضرر محتمل على الصبي المأذون. 
إذا أراد القاصر المرشد البالغ من العمر ثمانية عشرة سنة كاملة، أن يباشر التصرفات والأعمال باسمه وعلى وجه يعتاد به القانون – أي حتى يعتبر راشدا – يتعين عليه الحصول أولا على الإذن وهو ما أشارت إليه صراحة الفقرة الأولى من المادة الخامسة يقولها: – “إذا لم يكن قد حصل مسبقا على إذن وبالتالي فإن جميع العمليات التجارية التي تصدر من القاصر تكون باطلة لا يعتد بها القانون ولا يمكن أن تلحقها الإجازة وبهذا المعنى فإن الإذن في التجارة من النظام العام وهو يسبق التصرف، وبالتالي لا يمكن أن تسري القاعدة التي تقضي بأن: (الإجازة اللاحقة كالإذن السابق) حيث تعد كل التعهدات التي يعقدها دون الإذن في حكم البطلان.

الفرع الثاني: سلطة منح الإذن 

يعود الإختصاص في منح الإذن، إما للأب أو الأم حسب الحالات التي حددها المشرع، ويتعين على الأب بمناسبة منح الإذن مراعاة الظروف التي تسمح للقاصر بمزاولة النشاط التجاري في المكان والزمان المناسبين تجنبا لأي طارئ قد يلحق بتجارته والملاحظ أن هذا الشرط يرتبط بالجهة المختصة في تسليم الإذن، وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة الخامسة، فإن الجهة المؤهلة قانونا لمنح الإذن تنحصر في كل من الأب أو الأم كما قد ينتقل الإختصاص في منح الإذن للأم في الحالات الآتية: وفاة الأب، غيابه، سقوط السلطة الأبوية، أو استحالة مباشرة وتجدر الإشارة إلى أن المشرع لم يتعرض لمسألة امتناع الأب عن منح الإذن للقاصر، بمعنى هل تنتقل سلطة منح الإذن للأم، وتسقط سلطة الأب في هذه الحالة، أم تحل المحكمة محل الولي، مراعاة في ذلك مصلحة القاصر؟
 و الملاحظ أن المشرع لم يتعرض لهذه المسألة، وبالتالي تبقى سلطة الأب قائمة حتى في حالة الرفض سواء كان هذا الرفض مبررا أو غير مبرر، مادام أن المشرع يعتبر بأن الأب هو من يحرص على مصالح ابنته، ولا يمكن اعتبار هذا الأمر سهوا من المشرع يجب تداركه، وإن كانت بعض التشريعات العربية قد أخذت موقفا مغايرا, حينما أجازت للمحكمة أن تأذن للصغير المميز في حالة امتناع الولي، بأن يتحصل على الإذن من الأم. غير أن هناك من يرى إمكانية مناقشة القيمة القانونية لإمتناع الولي عن منح الإذن في التجارة، ويفرق في ذلك بين حالة الإمتناع المبرر وغير المبرر، ففي الحالة الأولى فهو امتناع مشروع يهدف إلى تحقيق مصلحة القاصر ورعاية شؤونه، ويحقق هذا الإمتناع أثره ولو كان الولي قد قدم للمحكمة طلبا بالإذن ورخصت له بذلك، إذ یبقی للولي على الرغم من كل هذا أن يمتنع عن منح الإذن إذا كان هذا الإمتناع مبررا، وهو يكون كذلك إذا ما استجدت ظروف تكشف عن عدم أهلية الصبي لمثل هذا الإذن وتستوجب عدم منحه الإذن.
 أما الحالة الثانية أي الإمتناع التعسفي الذي يقصد منه الولي الإضرار بمصلحة القاصر وحجبه عن تولي أموره بنفسه، ومن هنا فإذا رأت المحكمة في قرار الولي مثل هذا التعسف فلا تملك إلا أن تحل محله حماية للصبي المميز وإنصافا له من تعسف وليه، استنادا إلى حكم المادة 101، الذي أريد به ضمان فاعلية الإذن الممنوح من قبل الحكمة والذي لولاه لكان للولي كل الحرية في طلب سحب الإذن بمجرد صدوره من المحكمة. وبالمقابل يتطلب ضرورة المصادقة على الإذن، متى توافرت شروطه من طرف رئیس المحكمة ومن أهم المسائل التي تطرح بمناسبة منح الإذن للتاجر القاصر، تحديد نطاقه، بحيث قد يكون الإذن بالتجارة مطلقا يشمل كل أنواع النشاط التجاري وكل أموال القاصر، كما أن الإذن قد يكون مقيدا بنوع بعينه من أنواع التجارة أو مبلغ محدد من أموال القاصر وفي جميع الأحوال يعتبر القاصر المأذون بالتجارة كامل الأهلية التجارية فيما أذن له، وتصبح تصرفاته كلها صحيحة مادام لم يخرج عن حدود الإذن، بينما يظل قاصرا فيما عداها.
 وتبعا لذلك لا يجوز للقصر الذين ليسوا تجارا استعمال توقيعهم على الكمبيالة، أما في حالة المخالفة يكون التصرف باطلا بالنسبة لهم، دون أن ينال ذلك من الحقوق التي يختص بها كل من طرفي الإلتزام وبالمقابل، فإذا كان منح الإذن للقاصر المرشد مشروطا بالظروف التي يراها الأب أو الأم ملازمة لممارسة القاصر للتجارة، فإنه يجوز أيضا إلغاء الإذن، وذلك بتصریح الفقرة الأولى من المادة 25 من القانون التجاري والتي جاء فيها مايلي: ” تسري أحكام المادة السابقة حتى فيما إذا كانت الوقائع موضوع نشر قانون آخر، وذلك: 1/ في حالة الرجوع عن ترشيد التاجر القاصر تطبيقا لأحكام التشريع الخاص بالأسرة وعند إلغاء الإذن المسلم للقاصر الخاص بممارسة التجارة…” بمعنى يمكن للتاجر القاصر، الإحتجاج في مواجهة الغير المتعاقد معه بسبب نشاطهم التجاري أو لدى الإدارات العامة، بإلغاء الإذن، إذا أثبت بأن الغير كانوا شخصيا على اطلاع بوضعية القاصر وقت إبرام الإتفاق.

الفرع الثالث: التسجيل في السجل التجاري

 يشترك التاجر القاصر الذي يريد مزاولة التجارة، مع التاجر الشخص الطبيعي البالغ، من حيث الخضوع الإلتزامات التجار، بحيث يعد التسجيل في هذه الحالة شرطا لإكتساب القاصر صفة التاجر، حيث يتعين عليه الشروع مباشرة في التسجيل لدى مصالح السجل التجاري، وذلك بمجرد حصوله على شهادة الترشيد من قبل القاضي المختص، وذلك تطبيقا لما ورد صراحة في الحالة الثانية من المادة الخامسة بقولها:
 – ويجب أن يقدم هذا الإذن الكتابي دعما لطلب التسجيل في السجل التجاري”.
 وفي هذا الصدد ينبغي التمييز بين: القاصر المرشد: ويتعلق الأمر بالقاصر البالغ من العمر 18 سنة كاملة والحاصل على الإذن من أبيه أو أمه ويحرر الإذن أمام الموثق، ويقوم القاضي على أساس الإذن بتسليم شهادة الترشيد. (عقد الترشيد) المطلوبة مند القيد في السجل التجاري، الذي يهدف من خلاله المشرع إلى حماية الغير. وبالتالي تكون للقاصر المأذون له في الإتجار، الأهلية التجارية الكاملة للقيام بجميع التصرفات التي تقتضيها تجارته. 
أما القاصر غير المرشد فلا يمكنه ممارسة التجارة لأنه يعد في حكم الأشخاص الفاقدين لحقوقهم المدنية وفي حال امتلاك القاصر حقوق في شركة ما، يجب أن يكون ممثلا من طرف وليه الشرعي أو الإيصائي بعد الحصول على ترخيص من القاضي وسبب خصوصية عقد الزواج وتميزه عن العقود المالية الأخرى، فإن أهلية المرأة في الزواج تكتمل بتمام (19) سنة ، وعليه فإن الترشيد بالزواج لا يؤهل القدر – الأنتی – لمزاولة التجارة، بمعنى إذا حصل ترشيد التاجر القاصر تطبيقا لأحكام التشريع الخاص بالأسرة، وجب على المرأة الحصول على إذن من أبيها أو أمها، أي الترخيص لها طبقا للأحكام الواردة في المادة الخامسة من القانون التجاري وبالرجوع إلى المادة السادسة والتي تجيز للقاصر المأذون له بالقيام بأعمال الإدارة، تجعل من الإذن مقيد وليس مطلق، بحيث لا يسمح له بمباشرة أعمال التصرف على العقارات، بل يقتصر نشاطه على إمكانية ترتیب أي إلتزام أو رهن عليها، بينما التصرف عن طريق البيع يتوقف على إتباع أشكال الإجراءات المتعلقة ببيع أموال القصر أو حديثي الأهلية. وعليه تنص المادة 68 من قانون الأسرة على مايلي :” على الولي أن يتصرف في أموال القاصر تصرف الرجل الحريص، ويكون مسؤولا طبقا لمقتضيات القانون العام.. كما يتعين على القاضي أن يراعي في الإذن حالة الضرورة والمصلحة، وأن يتم بيع العقار بالمزاد العلني “.

المطلب الثاني: زوج التاجر

 لقد كانت المادة السابعة من القانون التجاري قبل التعديل لا تخاطب زوج التاجر بل المرأة المتزوجة والوقوف عند مركزها القانوني لإضفاء الصفة التجارية عليها، وبالتالي خضوعها لأحكام القانون التجاري، حيث كانت صياغة المادة قبل التعديل على النحو التالي :” لا تعتبر المرأة المتزوجة تاجرة إذا كان عملها ينحصر في البيع بالتجزئة للبضاعة التابعة لتجارة زوجها.”
 وهذه الأحكام ما هي إلا تلك التي كان معمولا بها في فرنسا وذلك في ظل القانون رقم 65- 570 المؤرخ في 13 يوليو 1965 في مجال تطور حقوق المرأة في فرنسا إذ ألغي الإمكانية الممنوحة للزوج للإعتراض على ممارسة زوجته للتجارة.
 ومن الثابت أن هذه المادة كانت متعلقة بوضعية معينة وهي حالة المرأة المتزوجة التاجرة التي يكون زوجها تاجرا إذ لا تطرح أية إشكالية في حالة عدم ممارسة الزوج التجارة وإذا كان المشرع قد جعل من عنصر التبعية الإستبعاد الصفة من المرأة المتزوجة، حيث يشترط أن تكون عمليات البيع منفصلة عن تجارة الزوج، وإلا فإنها تحت حكم الزوج الأخير الذي يخضع لتعليمات رئيس المقاولة أي الزوج.
 وانطلاقا من أن المشرع لم يلزم الزوجة التي تريد أن تحترف التجارة، حصولها على إذن زوجها بمعنى لايجوز للزوج الإعتراض في حالة إذا أرادت المرأة امتهان التجارة، وذلك راجع إلى أن المشرع أخذ بنظام الفصل بين الذمم، كما للزوجين أيضا حقوق وواجبات مشتركة وهو ما أشارت إليه الفقرة الأولى من المادة 37 المعدلة من قانون الأسرة على أنه :” لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر” وبالرجوع إلى المادة السابعة من القانون التجاري بقولها: ” لا يعتبر زوج التاجر تاجرا إذا كان يمارس نشاطا تجاريا تابعا لنشاط زوجه، ولا يعتبر تاجرا إلا إذا كان يمارس نشاطا تجاريا منفصلا,” ومن خلال قراءة النص يتبين أن المشرع قد أدخل بعض التعديلات من حيث شروط التبعية، إلى جانب استبدال عبارة المرأة المتزوجة بزوج التاجر، لأن هذه العبارة قد تشمل الرجل كما قد تشمل المرأة كذلك، إذ أن المشرع في هذه الحالة وضع حكما عاما يسري على الزوجين دون استثناء.

الأصل التجاري

 الأصل التجاري يوصف محلا التصرفات القانونية، مكسبا للحقوق، ومبعتا للالتزامات، فإن هذه الوحدة القانونية المستقلة تتكون من عناصر مادية وأخرى معنوية ، منها ما هو لازم لوجوده، ومنها ما هو غير ذلك. ووصفه مؤسسة قانونية، فإنه يحظى بالحماية لكونه يعين التاجر في ممارسة النشاط التجاري. ما هي الأسس القانونية للأصل التجاري؟ من غير المتصور، أن يكون للقضاء رأي، لأنه يستند عادة على النص القانوني، ولكن الفقه يجد الحقل القانوني المناسب للتأصيل لهذا الحق المعنوي، والمال المعنوي المنقول، الذي قد تتضاعف قيمته المالية، وقد تضعف، تبعا للنشاط التجاري والعامل الزمني محدد حاسم للوقوف على طبيعته القانونية إذ أن فرنسا في القرن 19 عرفت الأصل التجاري مفهوم قانوني حيث تطور المفهوم تدريجيا لكونه أصبح حقا يستحق الحماية ، وهذا ما سعى إليه التجار خوفا من المنافسة وسعيا وراء استقرار الوضعية المالية للاستخار المالي والأدبي، ولقد لعب الدائنون دورا في التأصيل القانوني للأصل التجاري بوصفه ضمانة جديدة للأموال . وسنة 1872 عندما صار القانون الضريبي ل 28 فبراير 1872 تم فرض الرسم الضريبي على بيع الأصل التجاري وعقبه قانون 1898 المنظم لرهن الأصل التجاري ، قانون 1909 الذي نظم بيع الأصل التجاري ورهنه وتقديمه حصة في شركة، ومن فرنسا انتقلت هذه المؤسسة إلى القانون المغربي الذي نظم بيعه ورهنه بمقتضى ظهير 31 دجنبر 1914 المأخوذ عن قانون 1909 الفرنسي. هذا ما جعله يحظى باهتمام بالغ من قبل المشرع المغربي نظرا لطبيعته كمال منقول معنوي، و لمكانته في الاستغلال التجاري و الصناعي و الحرفي وهذا ما أكدته المادة 79 من مدونة التجارة : “مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة النشاط التجاري أو عدة أنشطة تجارية” تلك النصوص وغيرها كانت مرجعية قانونية أسست لظهور مجموعة من النظريات الفقهية حاولت التأصيل القانوني للأصل التجاري ، و سنعمل في هذا العرض على استعراض و تحليل أهمها. فما هي إذن أهم النظريات المقترنة بالطبيعة القانونية للأصل التجاري ؟ للإجابة عن هاته الإشكالية و غيرها سنقسم هذا العرض إلى ثلاثة محاور أساسية و ذلك على المنوال التالي : 
المحور الأول : نظرية الذمة المستقلة أو المجموع القانوني للأموال المحور الثاني : نظرية المجموع الواقعي للأموال المخصصة للاستغلال المحور الثالث : نظرية الملكية المعنوية
 تجدر الإشارة أن العناية التي أولتها سائر التشريعات لتنظيم الأصل التجاري و كل ما يمكن أن يرد عليه من تصرفات، جعلت الخلاف يثور حول الطبيعة القانونية لهذا النوع من الأموال . 
و سنعمل هنا على استعراض و تحليل أهم النظريات التي تبلورت في خضم هذا الخلاف، و يتعلق الأمر على الخصوص بنظرية الذمة المستقلة أو المجموع الواقعي للأموال (أولا) ، ونظرية المجموع الواقعي للأموال المخصصة للاستغلال (ثانيا) ، ثم نظرية الملكية المعنوية ( ثالثا)

 المحور الأول: نظرية الذمة المستقلة أو المجموع القانوني للأموال

 استنادا إلى ما يعرف في القانون الألماني بذمة التخصيص المستقلة عن ذمة الشخص, إذ ذهب البعض إلى القول بان الأصل التجاري يعتبر مجموعا قانونيا من الأموال يستتمر في الغرض الذي خصص له ، و يتكون هذا المجموع في جانبيه الايجابي و السلبي من الحقوق و الديون الناشئة عن هذا الاستثمار. و بمعنى آخر فان مؤدى هذه النظرية هو أن الأصل التجاري ذمة تخصيص تجارية مستقلة عن الذمة المالية لصاحبه، التي تعتبر من حيث المبدأ ذمة مدنية و تشكل الضمان العام لديونه وخاصة منها الديون العادية. و من ثم فان نتائج القول بالذمة المالية المستقلة للأصل التجاري أن ترتبط به ديونه الخاصة دون الديون المترتية في النمة الشخصية لصاحبه و أن تكون الحقوق المالية التي تكون هذا الأصل ضامنة لديونه الخاصة هذه ، و ذلك بكيفية تسمح لأصحابها بالتنفيذ على الأصل التجاري و استیفاء حقوقهم من ثمن بيعه دون أن تتم مزاحمتهم في ذلك من قبل جميع دائني التاجر صاحب الأصل هذا ما جعل هذه النظرية تتعارض مع مبدأ وحدة النمة المالية المتعارف عليه في القانون الوضعي للعديد من الدول، اذ يرتكز هذا المبدأ على عدم الاعتراف للشخص الواحد بذمة مالية واحدة تشمل الحقوق التي تنشأ لفائدته و تتحمل في مقابل ذلك كافة الديون المترتبة عليه دون تمييز بين ما اذا كانت هذه الديون تجارية أم مدنية و هذا ما أخد به المشرع المغربي في قانون الالتزامات و العقود اذ ينص الفصل 1241 منه “أموال المدين ضمان عام لدائنيه و يوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية و هي (الامتيازات و الحبس و الرهن )” إلا أن هذه المادة المذكورة أنفا لم تعد تقبل التطبيق إطلاقا بعد صدور القانون رقم 96. 5 و التي تنص المادة 44 منه في فقرتها الأولى على انه ” تكون الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص أو اكتر لا يتحملون الخسائر سوى في حدود حصتهم” ما يفيد أن مؤسس هذه الشركة تصبح له ذمتان ماليتان مستقلتان الذمة الأولى : خاصة بالشركة و تشمل الحقوق و الديون الناشئة عن استغلال هذه الشركة التي تعتبر شركة تجارية بحسب شكلها دون أدنى اهتمام للغرض التي أنشئت من أجله الذمة الثانية : خاصة بشخص الشريك الوحيد المعني بالأمر، و تشمل بدورها سائر الحقوق و الديون الأخرى التي لا علاقة لها بذمة الشركة ذات المسؤولية المحدودة التي أسسها هذا الأخير و مع ذلك فان القول باستقلال الذمة للأصل التجاري و بالاستناد إلى الأحكام القانونية المنظمة لهذا النوع من الشركات يظل غير مستساغ قانونا للعديد من الاعتبارات، و من بينها الفقه و القضاء الفرنسي الذي عرف هذا النوع من الشركات مند سنة 1985 . إلا أنه لا يزالان إلى يومنا هذا ثابتين في مواقفهما الرافضة الاعتراف بتمتع الأصل التجاري بذمة مالية مستقلة عن صاحبه. وعلاوة على ذلك فحتى لو افترضنا جدلا أن تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالشريك الوحيد من شأنه أن يسمح بالاعتداد بما تنادي به نظرية استقلال الذمة المالية للأصل التجاري باعتباره مجموعا قانونيا من الأموال ، فان ذلك لا يستقيم مع الواقع الذي تهيمن عليه ظاهرة التجار و الصناع و الحرفيين الذين يستغلون أصولا تجارية بصفتهم أشخاصا طبیعیین و التي لا تسمح لهم أوضاعهم المالية و التنظيمية باستغلال هذه الأصول بصفتهم أشخاصا معنويين في شكل الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالشريك الوحيد

 المحور الثاني: نظرية المجموعة الواقعية للأموال

 أمام عدم إمكانية اعتبار الأصل التجاري مجموعة قانونية من الأموال على غرار الذمة المالية لما ينطوي عليه من تعارض مع مبدأ وحدة الذمة ، فإن جانبا من الفقه ذهب إلى القول أن الأصل التجاري لا يعد ذمة مالية مستقلة عن ذمة صاحبه، وإنما يعتبر مجموعا واقعيا من الأموال من نوع خاص يتم رصدها كلها بهدف تحقيق غرض مشترك يتمثل في استغلال الأصل التجاري مع احتفاظ كل عنصر من العناصر التي يتكون منها هذا الأصل بطبيعته وخصائصه التي تميزه عن غيره. وهذا يعني أن الأصل التجاري بشكل رابطة فعلية أو واقعية بين مختلف العناصر المكونة له تمثل في تخصيص كافة تلك العناصر للاستغلال المشروع التجاري ، وهذا ما جعل منه مالا خاصا في ذمة التاجر وله طبيعة مميزة عن طبيعة العناصر المكونة له مما يجعله يخضع لأحكام مختلفة عن الأحكام التي يخضع لها كل عنصر على حدة. مثال: فالرهن الأصل التجاري مثلا يكون رهنا رسميا، في حين أن رهن بعض عناصره مثال البضائع لا يمكن أن يكون إلا حيازيا ، بل هناك بعض العناصر لا يمكن رهنها إلا مع الأصل التجاري ككل مثل : ( الاسم التجاري، والحق في الإيجار) وكما هو الشأن بالنسية للنظرية الأولى فإن الرأي القائل يكون الأصل التجاري يشكل مجموعا واقعيا أو فعليا من الأموال المرصودة للاستغلال التجاري قد قوبل بالانتقاد، رغم اعتباره الأصل التجاري ذمة مستقلة عن الذمة الشخصية لصاحبه. ومن ثم فهذه النظرية لم تستطع أن تحدد الطبيعة القانونية الأصل التجاري لأن الطرح التي أتت به ليس له أي مدلول قانوني، فالوحدة التي تتحدث عنها هي مجرد وحدة فكرية يقصد بها أن العناصر المكونة للأصل التجاري تتحدد من حيث الغرض الذي تسعى إليه ألا وهو تخصيصها لتحقيق نشاط تجاري ، في حين أن فكرة “مجموعة الأموال” لا يمكن أن تكون إلا قانونية ومشتملة على أصول وخصوم والأصل التجاري ليس كذلك وهذا وفق محددين أولاهما:
 1- القانون لا يعترف به کذمة مالية مستقلة عن ذمة مالكه. 
2- أنه لا يشمل إلا على بعض أصول التاجر والممثلة في العناصر المادية والمعنوية التي رصدها لاستغلال التجاري دون باقي الأصول الأخرى من عقارات وديون تجارية وخاصة ديون الخصوم.

 المحور الثالث: نظرية الملكية المعنوية 

وبعد استعراض كل من:
 – نظرية المجموعة القانونية للأموال أو الذمة المستقلة 
– نظرية المجموعة الواقعية للأموال
 نتعرض لنظرية الملكية المعنوية:

 أولا : تقييم النظرية

 إذا كان أصحاب هذه النظرية قد حاولوا التأكيد على منح التاجر الحق في مزاولة النشاط التجاري، وفي منافسة غيره من أجل تحسين وتطوير المنتوج والخدمات من أجل جب الزبناء شريطة أن تكون المنافسة مشروعة ونظيفة ، فإنهم مع ذلك لم يستطيعوا أن يضيفوا أي جديد للساحة القانونية بخصوص مسألة تحديد طبيعة الأصل التجاري التي ظلت غير واضحة المعالم، فملكية الأصل التجاري لا تشمل احتكار التاجر للزبناء، فهو يتحمل نتاج وثمار المنافسة المشروعة ويتحمل أيضا ما قد ينجم عن ترك الزبناء للمحل والتردد على محل أخر منافس، ومن ثمة فالطرح الذي أتت بهذه النظرية بخصوص تکیف الأصل التجاري يبقى باهت المضمون والملامح، فهي لم تحدد طبيعة الأصل التجاري. فالمال المنقول المعنوي الذي أتكأت عليه هذه النظرية لا تختص به الأصل التجاري وحده، فالملكية الصناعية والملكية الأدبية، والحق في الكراء، والزبناء القارون والعارضون، والاسم والشعار … جميعها ملكية معنوية، لا يختلف عنها الأصل التجاري في شيء، حتى يتسنى القول بأنه ينفرد بطبيعة خاصة في الملكية المغربية. كما أن اعتبار الأصل التجاري مال منقول معنوي يدخل في اطار تقييم الأموال إلى عقارات وأخرى منقولة أو متحركة، وهذا ما جعل استاذنا أحمد شكري السباعي يعتبرها خرافة من خرافات بعض الفقه الفرنسي والمصري. ومن ثمة فلا يمكن التسليم بوجود نظرية ثالثة قائمة الذات تدعى نظرية الملكية المعنوية بخصوص الشجار الدائر حول تكيف الأصل التجاري، إلى جانب نظرية المجموعة الواقعية ونظرية المجموعات القانونية، وعليه فأمام هذا القصور يتعين توسيع مؤسسة الأصل التجاري لتشمل جل مكونات المقاولة (أصول، خصوم، دیون…)، وأن تقوم من الناحية القانونية كضمان خاص لديونها حتى تتحقق فعلا الغاية التي كانت وراء تصور هذه المؤسسة إذ كان مؤداها هو أن الأصل التجاري مادام مالا معنويا منقولا يدخل في الذمة المالية لصاحبه التاجر فيعطيه حق الاحتكار و الاستثمار و بالتالي جواز الاحتجاج به على الكافة، و يتساوى من حيث الحماية مع الملكية الأدبية والتي تتحقق يدعوى الاستحقاق بحيث يحمي بالدعوى المنافسة الغير المشروعة.
 و بالتالي فالنظرية تميز بين:
 1- الأصل التجاري كوحدة مستقلة وبين عناصره. 
2- حق التاجر على الحق التجاري هو حق ملكية معنوية لكونه يرد على شيء غیر مادي.
 هذا ما جعل المشرع المغربي يأخذ بهذه النظرية في المادة 79 من مدونة التجارة اذ عرف الأصل التجاري بأنه “مال منقول معنوي يشمل جميع الأموال المنقولة المخصصة لممارسة النشاط التجاري او عدة أنشطة تجارية.”

 ثانيا: عناصر النظرية 

تقوم النظرية على عنصرين:
 1- کون الأصل التجاري وحدة مستقلة قائمة بذاتها۔
 2- انفصاله عن العناصر المكونة له وهذين العنصرين يحققان النتائج التالية:
 – انفصاله عن العناصر المادية والمعنوية فهو شيء معنوي
 – لكون الجوانب المعنوية لأهم عناصره الزبناء والسمعة تعزز معنوياته
 – جواز القول بأنه مال منقول معنوي

 ثالثا: مكانة هذه النظرية بين النظريات الأخرى

 – بالنسبة لنظرية الذمة المالية هذه الأولى تركز على عنصر واحد هو الذمة المالية للأصل التجاري المستقلة عن الذمة المالية لتجار وهي تذهب إلى غاية واحدة هي تخصيص الأصل التجاري لضمان الديون التجارية لتاجر، وتختلف عن النظرية الثالثة في كونها تفصل بين الأصل التجاري كوحدة مستقلة وبين عناصره المادية والمعنوية بحيث أن تلك العناصر هي التي تزيد أو تنقص من قيمته.
 – بالنسبة لنظرية المجموعة الواقعية للأموال فإنها تستند إلى الرابطة الفعلية أو الواقعية بين مختلف عناصر الأصل التجاري لتشكل أموالا تستغل في المشروع التجاري، وبالتالي فهي تركز على القيمة المالية وهذه القيمة غير ثابت وتخضع لمنطق السوق التي يرتكز على الملكية المعنوية وليست المالية.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقسيم الموضوع